أخبار لبنان

أعداد مكتومي القيد مهولة.. لماذا تطلب المفوضيّة من النازحين عدم تسجيل ولاداتهم؟

يشير مصطلح مكتومي القيد إلى الأشخاص الذين لم يتم تسجيلهم شرعيا في سجلات الأحوال المدنية، وبالتالي لا يحملون أي وثائق قانونية مثل جواز السفر أو شهادة الميلاد. لكن إذا كان عدم تسجيل الولادات رسمياً مقصوداً بهدف الحصول على الجنسية في البلد المضيف، فعندئذ يجب معالجة هذا الوضع وفقاً للقوانين والسياسات المعمول بها محليّا، وعلى السلطات اللبنانية معرفة ان هذا الاحتيال متعمد.

وفي هذا المجال، أوضح رئيس مركز السكان والتنمية الدكتور علي فاعور لـ “الديار” ان “عدم تسجيل الأطفال ضمن المهلة القانونية المحدّدة خلال فترة سنة، من شأنه اعتبار الطفل مكتوم القيد، بالرغم من أن أبويه يحملان الجنسية اللبنانية او الاجنبية، وزواجهما منفذ وفقاً للأصول. كما يُعتبر مكتوم القيد، كل شخص او طفل لا يحمل اوراق رسمية تحدد هويته او جنسيته وتخوله من ممارسة حقوقه وواجباته، ولا توجد أرقام لعدد مكتومي القيد من اللاجئين. أما اوضاع المكتومين بحسب القوانين اللبنانية فهي أمام تعقيدات، لجهة حرمان الاطفال من الحقوق المدنية في التعليم والصحة والتملك والارث”.

وتابع “يعد لبنانيا كل شخص مولود في أراضي لبنــان الكبير، ولم يثبت انه اكتسب بالبنوة عند الولادة تابعية أجنبية، أما التعريف القانوني لعديم الجنسية، فهو الشخص الذي لا تعتبره أي دولة مواطناً بموجب القوانين المعتمدة لديها. وهناك اختلاف بين انعدام الجنسية وحالة عدم التوثيق، بحيث أن عدم وجود وثائق لا يعني أن الشخص عديم الجنسية، لكن وجود الوثائق حاجة ضرورية لتفادي الوصول الى انعدام الجنسية في المستقبل، فشهادة الميلاد مثلاً هي وثيقة رسمية تساعد في منع انعدام الجنسية”.

ويوضح “لتجنّب تداعيات هذه الكارثة، تقدُّم النائب جورج عطالله باقتراح قانون يمنع إعطاء مكتومي القيد من مواليد عام 2011 وما بعد الجنسية اللبنانية، ربطاً بشهادات مكتومي قيد الجنسية يبيعها مخاتير لمواليد النازحين السوريين”.

واشار الى ان “اقتراح القانون مؤلّف من مادّة واحدة فقط تنصّ على منع اعطاء مكتومي القيد من مواليد عام 2011 وما بعد الجنسية، أو الإقامة اللبنانية تحت أيّ عذر أو بسبب أي ظرف آخر، لا قضائيا ولا إداريا، ولا بموجب أي مرسوم جمهوري. أما الأسباب الموجبة فتعود الى تزايد عدد الولادات لدى النازحين السوريين، حتى باتت تزيد على ولادات اللبنانيين وتُقدر بنحو ثلثي الولادات القائمة (حتى نهاية 2022) على الاراضي اللبنانية. لهذا ولتفادي التعقيدات لجهة عدم وجود معايير محددة لتصنيف المكتومين، فسوف يتم تحديد شرط اثبات رابطة الدم أمام المحكمة، من خلال فحص الحمض النووي للتحقق من تاريخ الولادة”.

وأكد “ان مشكلة تسجيل الأطفال بين النازحين السوريين ظهرت بالتوازي مع بدء اللجوء السوري إلى لبنان، ثم تضاعفت الأرقام بسبب انتشار جائحة كورونا، وتداعيات الأزمة الاقتصادية. ويلاحظ بالنسبة الى تسجيل الولادات للأطفال المولودين من اللاجئين في لبنان عام 2022، أن 36% لديهم وثائق مسجّلة لدى دائرة الأجانب في وزارة الداخلية، مقابل 28% عام 2020، و30% عام 2019، و15% عام 2018. بينما لا يزال 64% من حديثي الولادة بدون تسجيل كامل، حيث يواجه اطفال النازحين المولودين في لبنان، من غير المسجلين، خطراً في أن يصبحوا مكتومي القيد، وهذا ما دفع الحكومة الى تسهيل معاملات التسجيل بالنسبة للنازحين السوريين”.

وكشف عن “ان أعلى نسبة تسجيل بين المواليد في سجل الأجانب بين العائلات المقيمة كانت في بيروت حيث بلغت 65% عام 2022، و62% في جبل لبنان، و55 % في النبطية، و49% في الجنوب، و34% في الشمال، مقابل 24% في عكار و17% في البقاع، و14% في بعلبك – الهرمل. كما أن معظم الاطفال المولودين في لبنان لديهم الحد الأدنى من وثائق الولادة، و98% لديهم افادة طبيب أو قابلة قانونية”.

ماذا تقول بيانات المفوضية؟ يجيب فاعور “بحسب المفوضيّة السامية لشؤون اللاجئين، فان نحو 70% من بين ستين ألف طفل سوري ولدوا في لبنان منذ بدء أزمة اللجوء حتى عام 2016، وهم من دون وثائق ولادة، على سبيل المثال لا الحصر، وبالتالي معرّضون أن يصبحوا عديمي الجنسية. وفي عام 2017، ولتسهيل خطّة إعادة النازحين الى بلدهم، فقد جرت محاولة “قوننة” تسجيل وقوعات الأحوال الشخصية للمخالفين لشروط الاقامة في لبنان، خصوصاً الزواج والولادة للنازحين لإثبات هويتهم، عبر السفارة السورية في بيروت، وبهدف اثبات جنسية الاطفال النازحين لتيسير إعادتهم، حتى لا تتشكّل مجموعة من فئة عديمي الجنسية في لبنان، لا سيّما في المخيّمات المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية”.

واشار الى “دوائر الأحوال المدنية والنفوس في لبنان التي تمتنع بحسب القوانين اللبنانية، عن تسجيل واقعات الولادة والزواج إذا كان الزوجان أو أحدهما يحمل إقامة منتهية الصلاحية أو مخالفاً لشروط الاقامة في لبنان. وقد أدّى ذلك مع الوقت الى زيادة عدد حالات الولادة والزواج غير المسجّلة، والتي لا يملك أصحابها وثائق ولادة أو زواج لبنانية، وبشكل خاص في مخيمات النازحين”.

واستكمل “استخدمت الحكومة اللبنانية عام 2022 (وما قبلها)، تدابير متنوّعة لمعالجة الصعوبات، ولتشجيع اللاجئين السوريين على تسجيل ولادة أطفالهم، تشمل الإعفاء من إجراء الولادة المتأخرة التسجيل للأطفال المولودين بين 1 كانون ثاني 2011 و8 شباط 2022، حيث تم التنازل عن شرط الإقامة القانونية لتسجيل ولادة أطفال سوريين وفلسطينيين من اللاجئين من سوريا، وأيضاً تنازل جزئي (لزوج واحد فقط)، من القانون المحدد لتسجيل الزيجات بين المواطنين السوريين والفلسطينيين اللاجئين من سوريا، وتسهيل اجراءات إثبات الزواج”.

اضاف: “ثم تسجيل المواليد بالسماح للآباء السوريين المتزوجين في لبنان، بتقديم شهادة زواج صادرة في لبنان، بدلاً من دفتر العائلة أو عقد الزواج الصادر من سوريا والمطلوب سابقاً، مما أدى الى زيادة تسجيل الزواج في سجل الأجانب سنويا من 20% في عام 2018 إلى 33% في عام 2022. بينما انخفضت عقود الزواج من المشايخ غير المعتمدين رسمياً انخفاضاً طفيفًا من 24% في عام 2021 إلى 21 % 2022. ويلاحظ أن محافظة عكار ما زال لديها أعلى معدل للزيجات من قبل الشيوخ غير المعتمدين عند 34 لكل مائة”.

وتطرق الى “مرسوم صدر في سوريا عام 2019 جاء فيه “إعفاء المواطنين السوريين ومن في حكمهم، الذين تأخروا في تسجيل واقعات الأحوال المدنية أو في الحصول على البطاقة الشخصية أو الأسرية، من الرسوم والغرامات المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم 26 تاريخ 12/4/2007، إذا كان تأخرهم بسبب تعرّض مناطقهم للأعمال الإرهابية أو بسبب تهجيرهم إلى داخل وخارج أراضي الجمهورية العربية السورية بفعل الأعمال الإرهابية، ويعمل بهذا المرسوم التشريعي لمدة سنة بدءا من تاريخ نفاذه”.

وقال فاعور “بناءً على إحصاءات لوحة معلومات مرصد المعلومات الحيوية (Vital Data Observatory (VDO))، والبيانات التي تم الإبلاغ عنها من المستشفيات (الحكومية والخاصة) إلى وزارة الصحة العامة في لبنان، فقد بلغ اجمالي عدد الولادات (Live Births) الحاصلة في المستشفيات 476,783 ولادة خلال أربع سنوات بين 2015 و2018، بمعدل 92%عند السوريين”.

وأوضح “ان البارز في هذه التوزيعات تراجع عدد الولادات بين اللبنانيين، اذ ان نسبة ولادات غير اللبنانيين تمثل نحو 54% في مقابل اللبنانيين عام 2015، ثم ارتفعت بشكل تصاعدي سريع الى 62% عام 2016، ثم 80% عام 2017، لتصل 84% عام 2018، حيث يُسجّل تزايد في ولادات اللاجئين”.

وتابع “بحسب البيانات المتوافرة تتفوّق الولادات لدى غير اللبنانيين على أعداد اللبنانيين في 9 أقضية، حيث تبلغ أعلاها في منطقة البقاع الغربي 91% من مجموع الولادات في القضاء لغير اللبنانيين، قضاء الشوف 81.7%، المنية الضنية 73.1%، وصيدا 66.3%، وزحلة 61.6%، وكسروان 54.8%، وبشري 53.8%، وعالية 53.3 %، وراشيا 52.2%”.

وختم “لقد بلغ اجمالي عدد الولادات بين اللبنانيين 96,759 طفل عام 2011، ثم تراجع ليبلغ 66,866 طفل عام 2023، اي بنحو 31% خلال عشر سنوات بحسب بيانات وزارة الداخلية، المديرية العامة للأحوال الشخصية 2023”.

​للمزيد من التفاصيل: Read More

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى