أخبار لبنان

إزدواجية المعايير في اللجنة الأولمبية الدولية

اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب…

اضغط هنا

مُنعت روسيا من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية 2024 بسبب ما سمّته اللجنة المنظّمة للأولمبياد «انتهاكها حرمة الأراضي الأوكرانية»، كذلك مُنعت بيلاروسيا من ذلك أيضاً بداعي «السماح لروسيا باستخدام أراضيها لتنفيذ جزء من عمليتها العسكرية». وأعلنت اللجنة أنّ الرياضيين من كلا البلدين يمكنهم المشاركة في شكل فردي ومستقل في المسابقات من دون رفع علم بلدهم.

هذا القرار أثار ردود فعل قوية لدى الروس والبيلاروسيين، وأعاد إلى الأذهان السؤال الآتي: «لماذا لا يُتخذ مثل هذا الإجراء في حق رياضيي الكيان الإسرائيلي؟ إذ أنّه عقب عملية 7 تشرين الأول، دمّرت إسرائيل المستوطنات المحيطة بقطاع غزة وقتلت بدم بارد أكثر من 35 ألف مدني أعزل من نساء وأطفال وشيوخ. لذا فإنّ المقارنة بين عدد الضحايا وحجم الأضرار واللاجئين تُظهر أنّ جرائم وارتكابات الكيان الإسرائيلي في حق الفلسطينيين لا يمكن مقايستها مع أفعال روسيا في أوكرانيا.

وبغض النظر عمّا إذا كانت إسرائيل مستبعدة من هذه الألعاب أم لا – وهو ما كان ينبغي حصوله – يبدو أنّ قرار اللجنة الأولمبية كان عملاً سياسياً تماماً ومخالفاً لمبادئ القانون الدولي وقواعده، ويتسبّب في تكريس إجراءات خاطئة وسوابق في البطولات العالمية الأخرى، من شأنها أن تنقل عداوات الدول وقضاياها السياسية إلى المجال الرياضي.

في الواقع، إنّ الإجراء الذي اتخذته اللجنة الأولمبية سيعاقب بالدرجة الأولی الرياضيين والأشخاص الذين لا علاقة لهم بهذا الانتهاك، ولن يُعاقبوا إلّا لأنّهم مرتبطون بعلاقة سياسية وقانونية مع حكومة روسيا وبيلاروسيا. ويمكن اعتبار هذا النوع من العقاب أحد أنواع العقاب الجماعي في القانون الدولي.

إنّ مثل هذه السلوكيات محظورة صراحة فی القانون الدولي العرفي، إذ أنّه لا يمكن انطلاقاً من السلوك غير القانوني لأحد أعضاء المجتمع الدولي ـ في هذه الحالة الحكومة الروسية ـ معاقبة شخصيات أخرى لديها شكل من أشكال العلاقة معه (كالجنسية أو الوراثة أو العشيرة أو الجوار).

كما أنّ اللجنة الأولمبية على علم بهذه المسألة، ومن أجل التخفيف من حدّة الوضع، منحت الرياضيين من البلدين شرف الحضور من دون رفع علم بلدهم، وحتى الآن دعت اللجنة الأولمبية 6 رياضيين من روسيا و5 رياضيين من بيلاروسيا للمشاركة من دون رفع العلم.

من ناحية أخرى، أشارت اللجنة الدولية للأولمبية إلى قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة الرقم A/res/78/10، المعروف باسم الميثاق الأولمبي، لتبرير استبعاد روسيا وبيلاروسيا. وزعمت اللجنة أنّ روسيا وبيلاروسيا انتهكتا هذا القرار والميثاق الأولمبي الدولي، وبدأتا الحرب خلال الألعاب الأولمبية، وأنّ هاتين الدولتين تسبّبتا في أضرار للرياضيين والبنية التحتية الرياضية والاتحادات الرياضية الإقليمية في أوكرانيا.

ومن المهمّ في هذا المجال الإشارة إلى أنّ هذا القرار الأممي يدعم اللجنة الأولمبية الدولية والجمعية العمومية في جهودها لتعزيز السلام والتفاهم الإنساني من خلال الرياضة والألعاب الأولمبية، ويقدّم الرياضة كمؤسسة غير سياسية ومستقلة.

وبالتالي، إذا اعتبرنا أنّ «تعزيز السلام والتفاهم الإنساني» من خلال الألعاب الأولمبية هما الكلمتان الرئيسيتان في هذا القرار، فماذا سنقول حينها عن سلوك الكيان الإسرائيلي»؟

إنّ المجازر المنظّمة وتدمير البنى التحتية والمجاعة والتهجيرالقسري هي أسوأ أشكال العقاب الجماعي الذي يمارسه الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة. وفي الواقع، فإنّ تصرفات هذا الكيان تتعارض مع المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 4 من البروتوكول الإضافي الثاني، وتصنّف في اعتبارها جريمة حرب وإبادة جماعية. كما أنّ هذا السلوك الإسرائيلي يتناقض مع الفقرة الأولى من المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة، إذ أنّه يُدخل منطقة الشرق الأوسط في حرب جديدة قابلة للتوسّع في أي لحظة.

وإذا قبلنا مزاعم اللجنة الأولمبية الدولية باستبعاد روسيا وبيلاروسيا بسبب الحرب وتهديد السلام والأمن الدولي، حينها يصبح لازماً أيضاً اتخاذ إجراءات مماثلة تجاه الكيان الإسرائيلي لإخراجه من الألعاب الأولمبية. فإضافة الى قيام هذا الكيان بانتهاك ميثاق الألعاب الأولمبية، أقدم على تسفيهه من خلال حربه الأخيرة.

لقد قتل الكيان الإسرائيلي عدداً كبيراً من الرياضيين الفلسطينيين ودمّر البنى التحتية الرياضية في حربه على غزة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، ووفقاً للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، قتلت القوات الإسرائيلية العشرات من الرياضيين والمديرين الرياضيين رفيعي المستوى في غزة، بما في ذلك هاني المصدر، مدرّب كرة القدم الأولمبي الفلسطيني، وأحمد درغمة، لاعب كرة القدم البارز في الضفة الغربية. وحوّل جنود الاحتلال ملعب اليرموك التاريخي لكرة القدم في غزة معسكر اعتقال و»استجواب» للأسرى الفلسطينيين. في حين لم تبدِ اللجنة الأولمبية الوطنية أي ردّ فعل على هذه الإجراءات.

الأمر الواضح هو أنّ ثنائية المعايير ونفوذ الحكومات الغربية على اللجنة الأولمبية لا يسمحان بالتعاطي مع الكيان الاسرائيلي وفق السياسة نفسها المعتمدة مع روسيا وبيلاروسيا. وبالتالي فإنّ إدانة انتهاك اسرائيل قرارات الأمم المتحدة والميثاق الأولمبي لن يشمل اسرائيل يوماً. وبالتالي ستبقى المؤسسات القانونية الدولية ووسائل الإعلام الغربية تتجاهل بخفّة تصفية الرياضيين الفلسطينيين، والعقاب الجماعي الذي يُمارس بحق الفلسطينيين بأبشع صوره الممكنة.

بهنام خسروي- الجمهورية

​للمزيد من التفاصيل: Read More

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى