Raya FMأخبار العالم

بسبب نقص السيولة..ركود كبير في سوق العقارات بالضفة

“أولها شيك وآخرها شيك”، جملة كانت تلخص طريقة الدفع لشراء شقة أو عقار  وسط عروض وفرها مطورون عقاريون لتحفيز عمليات البيع في الضفة الغربية، لكن هذه الطريقة أثارت مخاوف كبيرة لدى المستثمرين في القطاع العقاري الذين وجدوا أنفسهم وسط أزمة سيولة كبيرة بسبب تراجع الدورة الاقتصادية، وما سببته من ارتفاع كبير في نسبة الشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد.

فسوق العقارات في الضفة الغربية يشهد ركوداً غير مسبوق بعد أحداث 7تشرين الأول بسبب  نقص السيولة النقدية، وتقديرات لدى مستثمرين في القطاع العقاري تظهر أن حركة البيع والشراء لا تتجاوز حالياً نسبة 40-50% مقارنة مع فترة ما قبل الحرب.

تقول منال العبد الله مديرة شركة زون للتطوير العقاري لـ”الحياة الاقتصادية” إن المبيعات توقفت  بشكل شبه تام في الشهور الثلاثة الأولى من بدء الحرب، منوهة  إلى أن المطورين العقاريين كانوا يشكون من توقف تام للمبيعات.

وتضيف”بعد ذلك بدأت الحركة تعود بشكل بطيء بعد أن أدرك الأفراد إمكانية التعايش مع ظروف الحرب، خاصة أن بعض الفئات تحتاج إلى بيع عقارات لهم بهدف توفير السيولة”.

وتتابع” الذين يقبلون على الشراء في هذه الفترة يدركون أننا تحت احتلال، ويمكن أن يشكل الاستثمار في هذه الظروف فرصة للشراء، لكن إجمالا الطلب أقل بكثير مقارنة مع الفترات السابقة”.

وتنوه إلى أن الذين يقبلون على الشراء في هذه الفترة هم من الفئات التي يتوفر لديها أكثر من مصدر دخل وظلت مصالحهم تعمل ولديهم القدرة على الدفع النقدي، أو لديهم القدرات على التسييل، بمعنى يبيعون في مكان ويشترون في مكان آخر.

وتؤكد العبد الله أن نحو 75% من الراغبين في شراء العقارات في الضفة خلال الفترة الأخيرة هم من فلسطينيي الداخل والقدس، منوهة إلى أن هذه الفئة لا يسمح لها بتملك أراض في الضفة ولكنها تقبل على شراء العقارات بعد الحصول على إذن شراء من جهات أمنية فلسطينية، خشية من حصول عمليات تسريب لصالح الاستيطان.

وتضيف”هناك مناطق في الضفة 80% من مبيعاتها تعتمد على أهل القدس والداخل مثل مدينتي روابي وأريحا، ولكن في رام الله تنخفض هذه النسبة إلى أقل من النصف”، مشيرة إلى أن الضفة تمثل واجهة للاستثمار من قبل فلسطينيي مناطق 48 كون الأسعار فيها أقل بكثير مقارنة مع الأسعار في اسرائيل.

وتشير العبد الله إلى أن  بعض المستثمرين والمطورين يجدون في فترة الأزمة هذه  فرصة مثلى للاستثمار في ظل وجود رغبة من بعض الأفراد للبيع بسبب نقص السيولة لديهم”. وتقول “نحن شركة تطوير عقاري نحتاج لأراض للاستثمار في هذا القطاع، والفرصة التي تتوفر لدينا نستثمر فيها حتى نكون جاهزين لمرحلة ما بعد الحرب، لكن الركود هو سيد الموقف في هذه الفترة”.

ورغم تراجع الطلب على العقارات، غير أن أسعارها لم تشهد انخفاضاً ملحوظاً، لكن من جهة ثانية وفرت الظروف الحالية فرصة للشراء مع الحصول على نسبة خصم في حالة كان الدفع نقداً، بالإضافة إلى  تجنب المطورين والمستثمرين البيع عن طريق”التقسيط” تجنباً لظاهرة ارتفاع الشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد بسبب تراجع الدورة الاقصادية وارتفاع نسبة البطالة ونقص السيولة.

وتقول العبد الله إنه رغم حالة الركود ونقص الطلب غير أنها لم تتأثر كون أن العقار يعدّ استثماراً طويل المدى، وهناك ادراك أن مساحات الأراضي المتاحة للاستثمار العقاري تتناقص، بالإضافة إلى ارتفاع كلفة البناء.

وتضيف “المطورون والشركات العقارية الراغبة في البيع أصبحت تقدم بعض العروض من خلال تخفيضات على السعر لمن يرغب بالشراء نقداً، وهذا أمر طبيعي حتى في الظروف الاعتيادية”، مشيرة إلى أن المستثمرين أصبحوا يفضلون البيع نقداً بسعر أقل على البيع بقيمة أعلى وفق نظام التقسيط، بسبب المخاوف الناجمة عن الحرب ومنها ارتفاع قيمة وعدد الشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد مؤخراً.

ودفعت الأوضاع الحالية بعض المستثمرين في القطاع العقاري إلى تفضيل البيع عن طريق “المخطط”، أي حجز شقة مسبقاً ومن ثم بدء الدفع على مراحل وصولاً إلى فترة الاستلام.

يقول المستثمر في قطاع العقارات عودة بياتنة “يفضل بعض المستثمرين البيع عن طريق المخطط كونه أضمن للبائع والمشتري، فالبائع يحصل على سيولة نقدية بشكل مسبق قبل البدء بعمليات البناء، والمشتري يضمن عمليات التقسيط مع دفعة أولى ووفق مواصفات يتأكد منها من مخطط يوفر له فرصة الاطلاع على كل تفاصيل الشقة، خاصة مكان الشقة التي يرغب في امتلاكها”.

ويؤكد بياتنة أن ظروف الحرب ألقت بظلالها على قطاع العقارات، فالأفراد والشركات على حد سواء متخوفون من الأوضاع الحالية، لكن بعض المطورين شجعوا بعض الفئات الاجتماعية لتحريك السوق باستئجار شقق لعدة أشهر على أن يتم اتخاذ قرار البيع لاحقاً في حالة استقرار الأوضاع، مقدراً نسبة التراجع في المبيعات خلال هذه الفترة بأكثر من 80% مقارنة مع فترة ما قبل الحرب.

وكانت نتائج مؤشر أسعار العقارات السكنية في فلسطين للربع الرابع من العام المنصرم أشارت إلى  انخفاض طفيف بنحو 0.7% مقارنة بالربع السابق ليبلغ 108.0 نقطة، وذلك في ضوء التغيرات الطفيفة في المؤشرات الفرعية للمؤشر.

فقد انخفض مؤشر أسعار المنازل بنحو 0.8%، ليستقر عند 110.3 نقطة، كما تراجع مؤشر أسعار الشقق السكنية بنحو 1.0%، ليبلغ 104.2 نقطة. أما على الأساس السنوي، فقد تراجع المؤشر بنحو 4.8% مقارنة مع الربع المناظر 2022.

ويأتي انخفاض مؤشر العقارات السكنية في ضوء ضعف إقبال الأفراد على سوق العقارات، وسط تفاقم حالة عدم اليقين محليًا وعالميًا، خصوصًا في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وانعكاساته على الضفة الغربية، وأثره على ثقة المستهلكين والمستثمرين معًا، وتدمير البنى التحتية وفصل المناطق عن بعضها البعض. ويضاف إلى ذلك ارتفاع مستويات الأسعار بشكل عام وتراجع القوة الشرائية للأفراد والأسر.

وتعتبر مواصفات العقار المراد بيعه عاملاً أساسًا في تحديد سعره. وخلال أشهر الربع الرابع 2023، امتازت الشقق السكنية المعروضة للبيع في فلسطين بأن قرابة 57% منها هي شقق سكنية جديدة، وأن متوسط مساحتها نحو 165 مترًا مربعًا، وتحتوي في الغالب على ثلاث غرف نوم، وثلاثة حمامات، إضافة إلى شرفة على الأقل.

أما فيما يخص المنازل، فقد بلغت المساحة المتوسطة للمنازل المعروضة للبيع نحو 235 مترًا مربعًا، وشكّلت المنازل الجديدة ما يقارب نصفها، واحتوت غالبيتها على أكثر من ثلاث غرف نوم، وثلاثة حمامات على الأقل.

كما تتأثر أسعار العقارات بمواصفات أخرى، أهمها ما يتعلّق بسعر الأرض المقام عليها العقار، بالإضافة إلى الموقع الجغرافي، والحي السكني.

وتشير الأرقام الصادرة عن سلطة النقد إلى أن قيمة القروض الممنوحة بضمان العقار بلغت مع نهاية شهر آذار الماضي 1.275 مليار دولار نزولاً من 1.426 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، أي بنسبة تراجع بلغت 10.6%.

وتشكل القروض الممنوحة لغرض العقار ما نسبته 12.75 % من إجمالي القروض التي منحها القطاع المصرفي والبالغة نحو 10 مليارات دولار.

المصدر: الحياة الجديد

للمزيد من التفاصيل: Read More

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى