Raya FMأخبار العالم

اتجاهات يكتبها فهمي الزعارير

الحديث عن القضاء على السلطة الوطنية الفلسطينية، تسريباً وتصريحا من أقطاب حكومة الاحتلال، تهديدات يجب أن تُؤخذ على كل محامل الجد، وأن لا يُستكفى بالرفض والإدانة والتصريحات وعدم القبول، في اطارات الاعتياد والتنميط، لأنها تهديد حقيقي يُواجه بالإرادة، بارادة حقيقية وطنية موحدة، يُستثمر فيها مجاميع علاقاتنا الدولية، ومحصلة تعاوننا الدولي، بما فيها مصالح الدول القريبة والبعيدة جغرافياً، وارتباطها بأمن الشرق الأوسط وقلبه فلسطين، وبناء خطة استراتيجية شاملة، تستعيد مكانتها الوطنية، وضرورة وجودها الدولية على طريق الاستقلال.

إن التهديد اليوم وجودي لمركبات المجتمع السياسي الفلسطيني، الفصائل والأحزاب، كما النظام الوطني المتمثل في منظمة التحرير الفلسطينية، بل والنضال الوطني برمته (اتباعاً لما يجري في غزة من حرب إبادة وتطهير عرقي)،

ان محاولات استخدام التهديد وتوظيفه لإثبات وطنية هذه الجماعة أو العكس، لا يفيد فلسطين ولا حكومتها ولا فصائلها ولا شعبها، والشعب الفلسطيني بفطرته وطني كأي شعب أرضه محتله ويزيد، لكل الاعتبارات الدينية، وخاصة الاعتبارات الإسلامية والمسيحية.

إن الخطر الأساسي الذي لطالما حذرنا منه، هو الدفع المباشر من خصوم الشعب الفلسطيني للوصول لحال ينفصل فيها رأس النظام (النخبة السياسية)، عن جسم النظام (الشعب الفلسطيني)، حتى تصبح الرقبة الحامله للرأس ضعيفة واهنه بل وخيطية، حينها يستمر صمت الناس ولامبالاتهم، بانتظار النهاية بسبب فقدانهم الأمل في النظام.

في هذه الحالة يُصبح الضغط على السلطة حد تفكيكها وإنهائها، لا يُواجه ولا يُقاوم شعبياً، لأن سنوات من العمل والجهد لإفقاد السلطة حاضنتها ومكانتها الشعبية، بالتشويه الكثيف، حتى وصل الحال، أن كل ما يُقال فيها مُصدّق ولو كان كذباً صرفاً، وكل ما تقوله مُكذّب ولو صدقاً صافياً، هنا يُصبح الاجهاز عليها في عين الرضا لجزء من الجماهير.

والثابت أن السلطة الوطنية الفلسطينية هي إنجاز الشعب الفلسطيني التي لا يجب التنازل عنها، في إطار سعينا للتحرر والاستقلال الوطني وبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، وهي احدى مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، المستهدفة أيضاً وأكثر منها بما تمثله لعموم شعبنا في الوطن والمهاجر، وهذا يتطلب استعادة الثقة بها، وحمايتها، ويتطلب منها توفير كل السبل لحمايته في كل المستويات.

تُمنع السلطة من توفير مُقومات الحياة الكريمة للشعب، لتبقى على الدوام في إطار الحاجة المالية، وبالتالي تفتقد شيئاً فشيئاً لاستقلالية القرار، وكلما حاولت السلطة استخدام قوتها الناشئة من تغير المركز القانوني للدولة، زادت عليها الضغوطات، لأن النضال القانوني والسياسي، وسائل ناجعة في النظام الدولي الجديد، لا يُسمح لنا حتى بحق التقاضي، وتعود لغة التهديد والوعيد من جديد.

وذاتها السلطة التي اعتمدت نسب متفاوتة على المنح والهبات، لا تمتلك السيادة على معابرها، وتُصبح المقاصة التي يجبيها الاحتلال بأجر، وفق اتفاق باريس، تصبح مقصلة بدل أن تكون رافعة.

في إطار التحكم بالنظام السياسي الفلسطيني، كما عديد الدول، يُصار لاستحضار “هندسة النظم السياسية”، والتي بموجبها يتم التحكم في تصعيد النخب السياسية، حد الاشتراط بالتعيينات من أجل أي تسهيلات مالية وما سواها، وربما من أشهر الحوادث المشابهة، اشتراط بريطانيا وفرنسا، لضمان سداد ديونها، تعيين وزير من كل دولة في الحكومة المصرية إبان الخديوي إسماعيل، الذي أجبر على الاستقالة ١٨٧٩، بعدما قرر تشكيل حكومة مصرية خالصة، وطرد الوزير البريطاني والوزير الفرنسي من الحكومة المصرية. من هناك باتت عديد الدول تشترط عدم ازدواجية الجنسية لقيادة حكوماتها، تنبها لعهد أسرة محمد علي باشا.

في حالتنا، باتت الاشتراطات السرية شبه علنية، وبات يتجرأ علينا كل من رغب، حتى الخضوع للإملاءات، أو انهاء مركبات النظام السياسي وتدميره، ولعل الدفع باستقالة الحكومة السابقة، والتضييق على الحكومة الحالية، دليلٌ صريح.

إننا اليوم نعيش حرباً تاريخيّة بالمعنى الدقيق، يُخطط لها أن تُغير وجه الشرق الأوسط لفترة طويلة جداً، وهذا لن يتم دون تصفية القضية الفلسطينية، التي لن تتم دون تصفية عنصرين، الأرض والإنسان، وهذا لن يتم دون تصفية النظام الوطني والسياسي في منظمة التحرير والفصائل، وفي السلطة وأذرعها التنفيذية، المدنية والأمنية والأهلية.

علينا دون تنازل عن ثابت من ثوابتنا الوطنية، أن نعكس للعالم جديتنا وقدرتنا على تحسين منظومة العمل الفلسطيني، سواء بالوحدة الفصائلية والمجتمعية، وضمان المشاركة السياسية الفاعلة، وتنشيط منظمة التحرير حد اعادة البناء الجامع، واستقامة عمل المؤسسات الحكومية والأهلية والمدنية، بما يعكس الحوكمة والحكم الرشيد.

وحيث أنني من المقتنعين أن السياسي والقائد الفلسطيني الوحيد الذي ليس له بديل الان، هو الرئيس أبو مازن، حقيقة يُقرُّ بها الكثير من المعارضة وكل الموالاة، -لأن من غير المقبول أن يكون البديل بغير صندوق الاقتراع ديمقراطياً وقانونياً-، هو الوحيد القادر على البناء في كل الاتجاهات، فتح والفصائل، منظمة التحرير، والسلطة الوطنية، بما يمتلك من شرعية دستورية وقانونية ، لمواجهة مخططات القضاء على السلطة والمنظمة، والمشروع الوطني التحرري، بأن يجمع فِرَقاً لكل مسار، من كفاءات الشعب الفلسطيني الوطنية، تبحث وتدرس وتشير عليه، حيث أني بالتجارب المتعددة، أشهد أن العمل الى جانبة أسهل من العمل إلى جانب غيره، قائد يمتلك الحكمة والقدرة على الحسم دون تعطيل، كما أنه لا يخشى المنافسة، في حين يستحضرها الكثيرون.

دون استراتيجية وطنية شاملة، يُجمعُ عليها الفلسطينيون، عبر ممثليه وفصائله ومكوناته، ويُقرها الأخ الرئيس، في هذه المرحلة العصيبة، متجاوزين الخلافات الداخلية وهي الأساس، والخارجية وهي ضرورة، سيكون التهديد الاحتلالي ولجنته المشكلة لمعاقبة السلطة والقضاء عليها، وبمعاونة بعض الفرق الدولية العاملة لإفقاد السلطة والمنظمة مركزيهما القانوني، ستكون قادرة على تحقيق الهدف، والذي بموجبة، يُخطط لنا للعودة لأيام ما بعد النكبة، حكومة عموم فلسطين-حلمي باشا في غزة-، دون أي كيان سياسي، إلى حين تغير الأحوال بعد أجيال.

في ذات الوقت، فان قادة الاحتلال، يُذكرون صباح مساء أن كل الكيانات والفصائل الفلسطينية، تشكل خطراً وجوده وزواله، بمعنى أن امكانية تفككه وزواله قائمة من طرفهم يقينية من طرفنا.

للمزيد من التفاصيل: Read More

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى