Sky Newsأخبار العالم

شيخوخة السكان.. كيف أثرت على اتجاهات شركات الأغذية؟

أحد أبرز الفرص التي تنتظر شركات الأغذية هي تطوير منتجات مخصصة لكبار السن، تراعي تلك الاحتياجات المرتبطة بالمنتجات الغنية بالعناصر الغذائية الضرورية للحفاظ على صحتهم، مثل البروتينات والفيتامينات والمعادن.

على الجانب الآخر، تمثل التحديات أيضاً جزءاً كبيراً من معادلة التعامل مع ارتفاع معدلات الشيخوخة، فقد تتطلب تلبية احتياجات كبار السن تغييرات جوهرية في عمليات الإنتاج والتعبئة والتغليف، لضمان سهولة استخدام المنتجات وتناسبها مع القدرات البدنية المتغيرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن التواصل الفعّال مع هذه الفئة العمرية يعد تحدياً مهماً أيضاً، علاوة على العوامل المرتبطة بالأسعار واختلافها بين الأسواق.

أكبر شركة أغذية في العالم ليست ببعيدة عن ذلك التوجه، إذ تسعى نستله الرائدة في تصنيع حليب الأطفال– إلى تعزيز وضعيتها في المُنتجات المرتبطة بالمسنين وكبار السن كأولوية عمل في الفترة المقبلة، في ضوء التوقعات المرتبطة بانخفاض معدلات المواليد في جميع أنحاء العالم.

هذا ما نقلته صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية عن الرئيس التنفيذي للشركة، مارك شنايدر، والذي قال إن “هناك اتجاهاً طويل الأمد نحو انخفاض معدلات المواليد عالمياً، وسوف تتزايد الفئة العمرية التي تزيد عن 50 عاماً في معظم البلدان حول العالم بشكل كبير خلال السنوات العشر إلى العشرين القادمة.. ومع ذلك، ومع الاحتياجات الغذائية المحددة لهذه الفئة العمرية، هناك فرصة لنا”.

تبعاً لتلك الفرصة التي تسعى الشركة إلى استغلالها بتطوير أولوياتها، قال قال شنايدر إن نستله تركز على تطوير المنتجات التي تعالج بشكل مباشر مخاوف شيخوخة السكان، بما في ذلك الحفاظ على الوزن المستهدف، والحفاظ على كتلة العضلات، وتجنب نقص المغذيات الدقيقة، والتحكم في مستويات السكر في الدم.

على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية، قامت شركات الأغذية العملاقة، مثل نستله ودانون ومارس، بتنويع منتجاتها بعيداً عن مجرد البقالة إلى قطاعات ذات نمو أعلى مثل التغذية المتخصصة ومنتجات العناية بالحيوانات الأليفة والقهوة. شكلت هذه الفئة (من المنتجات)، التي تشمل أيضاً حليب الأطفال، 15 بالمئة من أرباح شركة نستله العام الماضي، مقارنة بـ 50 بالمئة لشركة دانون المنافسة الفرنسية. تتجه محفظة نستله نحو التغذية الصحية للبالغين بنسبة 30 بالمئة مقارنة بـ 20 بالمئة لشركة دانون.

ونقلت الصحيفة عن شنايدر، قوله: “نحن لن نتخلى عن ما بدأناه – وهو تغذية الرضع- لكننا نرى أنه في معظم الاقتصادات في جميع أنحاء العالم، فإن الفرصة الديموغرافية الأكبر تكون بين متوسطي العمر وكبار السن.”

وأعلنت الشركة العام الماضي عن أنها ستغلق مصنعاً لحليب الأطفال يخدم السوق الصينية، مشيرة إلى الانخفاض الحاد في معدلات المواليد في البلاد .بعد أن تجاوز عدد الوفيات عدد المواليد في البلاد بمقدار 2 مليون في العام 2023.

ويعتقد الرئيس التنفيذي للشركة بأن “فرصة توفير المنتجات الغذائية لكبار السن تتقاطع مع الفرصة التي يتيحها الإقبال المتزايد على أدوية السمنة”، في إشارة لحجم الطلب وجدوى التوسع في هذا الاتجاه.

تظهر الأبحاث على سبيل المثال أن الأشخاص الذين يستخدمون أدوية إنقاص الوزن GLP-1 يواجهون صعوبة في الحفاظ على العضلات. استجابت شركة نستله بإطلاق خط من الوجبات الجاهزة – Vital Pursuit – التي تحتوي على بروتين وألياف إضافية، ومقسمة لتناسب شهية مستخدم GLP-1.

وأضاف: “عندما نتحدث عن الشيخوخة الصحية لدى البشر، فإن الأمر لا يتعلق بطول العمر فحسب، بل يتعلق أيضاً بتحسين نوعية الحياة في سنواتك اللاحقة”، مشدداً على أن “فرصة التقدم في السن تنطبق أيضاً على الحيوانات الأليفة، وهو محرك آخر لنمو المجموعة”.

معدل الإعالة

بدوره، يشير الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الإدريسي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى مصطلح “معدل الإعالة” وهو باختصار مجموع كبار السن والأطفال دون سن العمل في أي اقتصاد، موضحاً أن هذه الفئة تصنف على أنها شريحة كبيرة تحتاج إلى نوعٍ من أنواع الدعم، خصوصاً أنهم لا يصنفون على أنهم ضمن قوة سوق العمل.

لتلك الفئات احتياجات خاصة ومتفاوتة، بما في ذلك منتجات الرعاية والتغذية، والتي تجد الشركات مساحة كبيرة للاستثمار فيها والمنافسة على سوق واسعة من السكان ما بين صغار السن ومن هم في سن الشيخوخة.

ويضيف الإدريسي: اعتماد الكثير من شركات الأغذية في المرحلة الحالية في خططها التسويقية على طرح المزيد من المنتجات التي تستهدف فئة كبار السن هو نوع من أنواع توسيع قاعدة منتجاتها باستهدافها فئات واسعة داخل الاقتصاد، وهو نفس الأمر عندما تقرر شركة أغذية طرح منتجات صحية تخدم الفئة الباحثة عن طعام صحي على سبيل المثال.

ويستطرد الخبير الاقتصادي: أية شركة سواء كانت أغذية أو غيرها هدفها الرئيسي تعظيم أرباحها عبر استخدام كافة السبل المشروعة والمطروحة، لذلك فانتهاج شركات الأغذية هذا السبيل هدفه ربحي في المقام الأول من خلال صناعة سوق جديدة أو التوسع بها والاستفادة من الفرص التي يتيحها حجم السوق، ورفع حجم الطلب على منتجات الشركة.

ويؤكد الإدريسي أنه مع انخفاض معدل المواليد عالمياً أصبحت فئة كبار السن شريحة لا يستهان بها من القاعدة الجماهيرية التي تستهدفها منتجات أية شركة، لذلك تماشياً مع الواقع الفعلي كان لا بد من طرح منتجات تخاطب هذه الشريحة وتلبي رغباتها وفي نفس الوقت تلائم المرحلة العمرية التي تستهدفها والمتغيرات التي تشهدها السوق.

الأسعار

من ناحية أخرى، يعلق مدير مركز الغد للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، الدكتور سيد خضر، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” بأن استهداف فئة كبار السن من قبل شركات الأغذية يتطلب استراتيجية معينة في التعامل معهم خصوصاً أنها فئة تتميز بارتفاع معدل التزاماتها مقابل ما تمتلكه من أموال فعلية.

ويتابع: هذه الفئة خصوصاً في بعض الدول تحتاج إلى منتجات مُدَعمة بعض الشيء – لا سيما في الاقتصادات الناشئة- وفي ظل عدم التوازن بين ما يتقاضونه من أموال عقب نهاية خدمتهم (المعاشات) وبين متطلباتهم اليومية، وإذا ما أضفنا إلى ذلك إصابة الكثير من هذه الفئة بالأمراض المزمنة، لذلك فإن شركات الأغذية في حاجة ماسة إلى تقديم منتج بجودة مرضية وفي نفس الوقت لا يشكل عبئاً مالياً عليهم.

وأكد الخبير الاقتصادي أن استهداف هذه الفئة يحقق نوعاً من الترويج الجيد لمنتجات أية شركة حال مراعاتها لجودة المنتج وسعره، وبالتالي تخلق قاعدة جماهيرية جديدة وتعزز ارتباطها ذهنياً في ذاكرة الجمهور كشركة داعمة لهذه الفئات المهمشة في المنتجات خصوصاً في الدول النامية وذات الدخول الضعيفة. ويسهم ذلك في زيادة القدرة التنافسية لهذه الشركات، وتحقيق أرباح ضخمة.

ويشدد مدير مركز الغد على أن استهداف هذه الفئة يختلف من دولة إلى أخرى، فاستهدافها في بلد ذا اقتصاد ناشئ يختلف مثلا عن بلدٍ متقدم، وبما يضع تلك الشركات -لا سيما الشركات الكبرى العاملة في كثير من الأسواق– أمام تحديات مرتبطة بالأسعار ومستويات الدخل.

للمزيد من التفاصيل: Read More

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى