أخبار لبنان

فضل الله: فلتوفر القيادات السياسية على اللبنانيين كل ما يهدد المناعة الوطنية

ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين. ومما جاء في خطبته السياسية :

“عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي، بما ينبغي القيام به مع بداية سنة جديدة، حيث ورد أنه(ص) أنّه كان في آخر يوم من أيام شهر ذي الحجة يصلى ركعتين، بعدها يتوجه إلى الله سبحانه داعياً:

“اللّهُمَّ ما عَمِلْتُ فِي هذِهِ السَّنَةِ مِنْ عَمَلٍ نَهَيْتَنِي عَنْهُ وَلَمْ تَرْضَهُ وَنَسِيْتُهُ وَلَمْ تَنْسَهُ وَدَعَوْتَنِي إِلى التَّوْبَةِ بَعْدَ اجْتِرائِي عَلَيْكَ، اللّهُمَّ فَإِنِّي اسْتَغْفِرُكَ مِنْهُ فَاغْفِرْ لِي وَما عَمِلْتُ مِنْ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ فَاقْبَلْهُ مِنِّي وَلا تَقْطَعْ رَجائِي مِنْكَ يا كَرِيم”ُ.

وقد ورد في الحديث: “أن من يأتي بذلك ويدعو الله فيه، يجعل الشيطان يقول: يا ويلي ما تعبت فيه هذه السنة هدمه أجمع بهذه الكلمات… وشهدت له السنة الماضية أنه قد ختمها بخير”.

وقال :”ومع بداية شهر محرم، كان (ص) يتوجه إلى الله  وأيضاً بعد أن يصلي ركعتين، داعياً: “اللَّهُمَّ، وهذه سَنَةٌ جديدة، فأسألك فيها العصمة من الشيطان وأوليائه، والعَوْنَ على هذه النَّفْس الأمَّارة بالسُّوء، والاشتغال بما يقرِّبُني إليك…”.

فلنحرص أيها الأحبة على أن تنتهي السنة الهجرية التي مرت علينا، وليس هناك من تبعة لله علينا أو للناس، وقد قبل الله أعمالنا، لنقبل على سنة جديدة بكل طهارة وصفاء وبتصميم على أداء مسؤولياتنا ومواجهة من يريد العبث بإيماننا، وبذلك نكون أكثر وعياً ومسؤولية وقدرة على مواجهة التحديات..

والبداية من غزة التي يواصل العدو فيها اتباع سياسة ارتكاب المجازر والحصار والتجويع، في إطار هدفه الرامي إلى إخضاع الشعب الفلسطيني وجعله تحت هيمنته الكاملة.

ومع الأسف يحصل ذلك على مرأى العالم من دون أن نشهد أي إدانة لما يجري لهذا العدو، بل نجد من لا يزال يمد هذا الكيان بكل سبل الدعم ويوفر له سبل التغطية على جرائمه.

في هذا الوقت، تستمر المقاومة الفلسطينية بالتصدي لهذا العدو ومنعه من أن يحقق أهدافه التي رسمها لهذه الحرب سوى هدف التدمير للقطاع ومنع أي مظهر من مظاهر الحياة فيه، حتى بات هذا العدو يعترف وعلى لسان قادته العسكريين بأنه يتعرض لحرب استنزاف يدفع فيها ثمنا باهظا، لم يعد بمقدوره تحملها، وهو لذلك بات يستعجل القيادات السياسية لأخذ قرارهم بإيقاف هذه الحرب أو استبدالها بضربات موضعية تقيه من الاستنزاف اليومي لجنوده على كل الجبهات”.

أضاف :”إننا أمام ما يجري، نجدد اعتزازنا بهذا الشعب المضحي الذي تستند إليه المقاومة وهي التي باتت تتوسع  يوما بعد يوم وتقوم بإنجازات رغم الحصار المطبق  عليها وحجم  الضغوط التي تتعرض لها، وقد استطاعت بهذا الصمود والتصدي أن تنقل المعركة إلى داخل كيان العدو.

وفي هذا الجو، عاد الحديث يعلو عن العودة إلى المفاوضات التي تفضي إلى إيقاف النار وتبادل الأسرى، بعدما اعترف العدو أن لا خيار له باستعادة أسراه إلا بالمفاوضات، بعد الثبات والصمود الذي أبدته المقاومة والضغوط الخارجية والداخلية على كيانه.

وهنا لا بد لنا، من أن ننوه بالإيجابية التي تبديها المقاومة في فلسطين ومن موقع القوة، تجاه المبادرات التي تعرض عليها، والتي نأمل أن تفضي إلى ما يريده الشعب الفلسطيني من إنهاء نزيف الدم والدمار ورفع الحصار عنه وعودة أهالي القطاع إلى ديارهم”.

واردف السيد فضل الله :”ونصل إلى لبنان، الذي تستمر فيه اعتداءات هذا العدو سواء في عمليات التدمير للبيوت في القرى المتاخمة للشريط الحدودي أو في عمليات الاغتيال للقادة الميدانيين للمقاومة، والتي يبدو أنها سياسة بات يعتمدها العدو للضغط على المقاومة بهدف إضعافها ومنعها من أن تؤدي الدور الذي أخذته على نفسها بإسناد غزة ومنع العدو من استفرادها.

لكننا على ثقة، أن كل ذلك لن يثنيها عن القيام بواجبها تجاه الشعب الفلسطيني ونصرته، ولن يضعف من جذوة المقاومة والدفاع عن هذا الوطن”.

في هذا الوقت، تستمر سياسة التهويل التي يقوم بها العدو عبر قادته السياسيين والأمنيين والتي تواكبها وسائل إعلامية ومواقع تواصل، فضلا عن الخرق اليومي لجدار الصوت عبر طائراته وفي معظم المناطق اللبنانية وصولا إلى العاصمة، وذلك في إطار السعي لإضعاف الروح المعنوية للبنانيين ودفعهم إلى تقديم التنازلات من حسابهم لحساب هذا العدو”.

واستطرد :”إننا أمام ذلك، نجدد دعوتنا للبنانيين إلى أن يثقوا بالله أولا وبقدراتهم وعدم التأثر بهذه التهاويل والحرب النفسية التي يمارسها هذا العدو.

وبالتوازي، فإننا نهيب بكل الأطراف في الداخل أن يتمسكوا بالوحدة الوطنية وبشعارات العزة والسيادة التي يتحدث بها الجميع، وألا نعطي العدو أي وسيلة أو ذريعة ليواصل عدوانه أو أن يضعف من موقف لبنان أمام هذا الكيان المغتصب، الذي يتربص بالوطن كله، وقد يبادر بالعدوان عندما يشعر بأن الساحة الداخلية باتت هشّة وضعيفة ومنقسمة أمام أطماعه وأحلامه”.

وختم :”فلتوفر القيادات السياسية على اللبنانيين كل ما يهدد المناعة الوطنية في مرحلة نحن أحوج ما نكون فيها إلى هذه الفرصة لمواجهة هذا التحدي وكل التحديات التي تواجهنا على الصعيد السياسي والاقتصادي والمعيشي والتي لا تعالج بهذا الترهل.

وأخيرا، نجدد شكرنا لكم على مشاركتكم في مناسبة رحيل السيد، سواء بحضوركم أو بمشاعركم أو بأقلامكم أو برسائلكم، والذي هو عرفان جميل وتعبير ووفاء لمن وفى لنا جميعا، ولا تزال بركاته حاضرة تنير لنا درب حياتنا وتخفف من وقع معاناتنا”.

​للمزيد من التفاصيل: Read More

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى