أخبار العالمالجزيرة

كيف تتغلب على متلازمة “المقعد الفارغ”؟

أسرة

كيف تتغلب على متلازمة “المقعد الفارغ”؟

استطلاع: 84% من الآباء افتقدوا أبناءهم بمجرد سفرهم للدراسة وعانوا أعراض متلازمة المقعد الفارغ (شترستوك)رشا عبيد30/5/2024|آخر تحديث: 30/5/202412:48 ص (بتوقيت مكة المكرمة)

تشير متلازمة “المقعد الفارغ” إلى التأثير النفسي الذي يشعر به الفرد بسبب الغياب الجسدي لشخص ذي معنى في حياته والفراغ الذي يتركه بعد مغادرته، سواء كان زوجا أو زوجة أو أحد الوالدين أو الأخوة أو الأبناء أو حتى الأصدقاء والزملاء.

ورغم ارتباط هذه المتلازمة عادة بوفاة شخص عزيز، فإنها قد تحدث أحيانا نتيجة الانفصال العاطفي عن الزوج، أو خسارة صديق أو حتى سفر الأبناء، وعادة ما تلازم الفرد في تلك اللحظات التي يُفترض أن يحتفل فيها ويشعر بالفرحة، كما في الأعياد والمناسبات، وبالأخص القريبة من تاريخ الخسارة، وفق موقع “اكسبلورينغ مايند”.

الخوف من الحنين

تحكي السيدة ناهد (65 عاما) التي توفي زوجها منذ أكثر من 10 سنوات، أنها لم تلبّ أي دعوة لحضور حفل زفاف أو أي مناسبة عائلية منذ رحيله، خوفا من الحنين إلى مكانه الذي أصبح فارغا، وطقوسه المميزة في مثل هذه المناسبات.

أما لورين موراي، فتوضح لموقع “إيه جي سي” أن تجربتها الأولى مع متلازمة “المقعد الفارغ” جاءت بعد فترة قصيرة من وفاة زوجها، عندما ذهبت إلى مطعم برفقة مجموعة من أفراد أسرتها، “وبينما كنا نجلس على طاولة كبيرة، لم أستطع أن أصرف انتباهي طوال الوقت من تخيل زوجي وهو يجلس على مقعد بجواري، كما كان يفعل منذ عقود”.

غالباً ما تثير المناسبات الخاصة ذكريات جميلة عن الشخص الذي نفتقده مما يزيد من حدة ألم غيابه (غيتي)

أعراض متلازمة المقعد الفارغ

أشار استطلاع للرأي عام 2021، شمل ألفي بالغ أميركي، إلى أن 36% من المشاركين لا يحبذون الاحتفال بالأعياد بسبب مشاعر الحزن والخسارة التي تثيرها التجمعات العائلية، إذ يعجز الشخص عن الاندماج مع الآخرين، ويظل يتفقد الحاضرين بحثا عن صاحب المقعد الخالي الذي كان موجودا ذات يوم.

كما يجد الشخص صعوبة في الشعور بالسعادة أو حتى السيطرة على مشاعره، ويبدو الأمر كما لو أن الجرأة على الضحك والاستمتاع أصبحت بحد ذاتها خيانة للغائب أو عدم احترام له.

وفي هذا الصدد، توضح عالمة النفس جيل هارينغتون أن المناسبات الخاصة غالبا ما تثير ذكريات جميلة عن الشخص الذي نفتقده، مما يزيد من حدة ألم غيابه، وكلها مشاعر تتناسب تماما مع الخسارة، وإن اعتبرها المحيطون مشاعر سلبية، بسبب القولبة المجتمعية التي تحدد السلوك النمطي الذي ينبغي أن يكون عليه الشخص في الأعياد والمناسبات.

ولفتت هارينغتون إلى أن مشاعر الحزن يمكن أن يطلق عليها “الاكتئاب البسيط” ويختلف تماما عن “الاكتئاب السريري” الناتج عن اضطراب المزاج وعدم اهتمام الفرد بحياته، داعية إلى بذل المزيد من الجهود لاستعادة التوازن، حتى لا يقع الشخص في فخ الحزن والاكتئاب، وفق موقع “هيلث لاين” ومجلة “ديسكفر”.

متلازمة “المقعد الفارغ” تشير إلى التأثير النفسي للغياب الجسدي لشخص ذي معنى (غيتي)

كيف تتغلب على متلازمة المقعد الفارغ؟

يعتبر الحزن رحلة شخصية للغاية، ولا توجد طريقة صحيحة للتعبير عنه وأخرى خاطئة، فمثلا، يفضل البعض العزلة والاختلاء بأنفسهم، بينما يريد آخرون أن يكونوا محاطين بمن حولهم، ويرغب بعض الأشخاص في التحدث، في حين يفضل آخرون الصمت، إذن لا توجد إستراتيجيات محددة لتخطي مشاعر الفقد، ولكن هذه بعض الأفكار والنصائح التي يمكن أن تساعدك:

لا تخفِ حزنك، ولا تقلل من شأن مشاعرك: فالحزن شعور طبيعي، لذا، امنح نفسك الوقت الكافي للشعور به، وحاول التعبير عنه بالطريقة المناسبة لك سواء بالحديث أو حتى البكاء إذا احتجت لذلك.
تخلص من الشعور بالذنب: لا يعني الشعور بالفرح في المناسبات أنك توقفت عن محبة الشخص الذي تفتقده، وضع في اعتبارك أنه يريد سعادتك ويتمنى لك الأفضل، فلا تسمح لمشاعر الذنب أن تسيطر عليك.
حافظ على التقاليد القديمة: يمكنك الاحتفاظ بنفس الطقوس والعادات المميزة التي كنت تشاركها مع الشخص الغائب، إذا حقق لك ذلك شيئا من الهدوء النفسي، مثل تجهيز أضحية عيد الأضحى بنفس طقوسه المفضلة أو زيارة أقارب معينين في صباح يوم العيد وتذكر المواقف الإيجابية واللحظات السعيدة المشتركة معه، إذ إن التذكر الجماعي قد يعزز العلاج.
لا تنعزل: وجودك وسط التجمعات العائلية يجنبك مخاطر العزلة، قد لا تكون في أفضل حالاتك، يمكنك أخذ قسط من الراحة بين الحين والآخر خلال الوُجود، مثل الخروج لاستنشاق الهواء النقي، وخلال هذا الوقت يمكنك ممارسة تمرين التنفس أو إرسال رسالة نصية لصديق، وقد أشارت مراجعة منهجية عام 2022 أن تمارين التنفس كانت إحدى طرق تخفيف القلق والتوتر والاكتئاب، كذلك توصلت دراسة نشرتها دورية الجمعية الطبية الأميركية “غاما” عام 2021 أن مكالمة هاتفية متعاطفة يمكن أن تخفف من مشاعر القلق والوحدة، كما ساعدت في تحسين الصحة العقلية للمشاركين خلال مدة الدراسة.
ممارسة أنشطة حياتية جديدة: يمكنك الانشغال عن الحزن وممارسة أنشطة جديدة تشعرك بالقرب من الشخص الذي تفتقده، مثل: التصدق عنه وذكر سيرته الطيبة أو ممارسة رياضات معينة للتغلب على مشاعرك السلبية.

العلاج السلوكي المعرفي: قد تحتاج إلى هذه الجلسات للتعبير عن كل مشاعرك بصدق وتجنب الوقوع في منحدر الوحدة والاكتئاب.

قد يواجه الوالدان أعراض متلازمة المقعد الخالي مع سفر الأبناء للدراسة أو العمل (شترستوك)

المقعد الفارغ وسفر الأبناء

قد يواجه الوالدان أعراض متلازمة المقعد الخالي مع سفر الأبناء للدراسة أو التحاقهم بجامعات بعيدة، أو لعملهم، وهنا تمتزج مشاعر الفخر والفرح مع مشاعر الحزن والحرمان من الأبناء.

وبحسب استطلاع قامت به جامعة كلارك الأميركية عام 2013، وشمل أكثر من ألف والد ممن التحق أبناؤهم بجامعات بعيدة، فإن 84% من الآباء افتقدوا أبناءهم بمجرد رحيلهم وشعروا بنفس أعراض متلازمة المقعد الفارغ، لكن 60% كانوا سعداء بقضاء المزيد من الوقت مع شركائهم أو ممارسة أنشطة حياتية جديدة.

ويمكن إدارة هذا المزيج من المشاعر من خلال اتباع نصائح الخبراء، وفق تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية:

تقبل المشاعر المتناقضة، والتي تجمع بين الرغبة في أن يحصل ابنك على الاستقلال وأن يظل قريبا منك.
وضع خطط لقضاء العطلات والإجازات مع ابنك وتعويض ما فاته من مناسبات.
القيام بأنشطة حياتية جديدة تشغلك عن التفكير في غياب أحد الأبناء، مثل إحياء التواصل مع أصدقاء الدراسة، أو المشاركة في سباقات الجري، أو ركوب الدراجات، أو رعاية حيوان أليف، وغيرها.

المصدر : مواقع إلكترونية

للمزيد من التفاصيل: Read More

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى