أخبار لبنان

ماغدا شعبان “تعيش لبنان وترسمه” بتفاصيله وتحدياته و”انقطاعاته”

اخبار ليبانون فايلز متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب…

اضغط هنا

«الساعة السابعة مساء. ينقطع التيار الكهربائي فجأة. تغرق الغرفة في ظلام حالك. أتابع بعدها كتابة فروضي المدرسية على ضوء شمعة. كان يحلو لي مرارا حفر رسوم صغيرة فوق دوائر الشمع المتجمد فوق أوراقي. بقيت لفترة طويلة، أخشى العتمة والفراغ والتخلي.. في ذلك الوقت، لم تكن الهواتف الجوالة متوافرة بعد. الترف الوحيد الذي كان متاحا، هو خط أرضي ثابت، في معظم الأحيان يكون معطلا او مقطوعا. لم يكن هذا الحال منذ زمن بعيد.. أو ربما كان. يخيل لي أحيانا انه في زمن آخر، في حياة أخرى.. اليوم 8 نيسان 2024، الساعة السابعة مساء. ينقطع التيار الكهربائي. أكمل كتابة هذه الكلمات تلقائيا، حيث انه تم تشغيل المولد الكهربائي في المبنى. ها نحن اليوم، لا نزال نواجه الازمات عينها، لا بل قد تفاقمت أكثر على مر السنوات، مع تطور التكنولوجيا ووسائل التواصل في العالم. منفصلون.. رغم اننا متصلون. في هذه البقعة من العالم، لم تتبدد مخاوفنا، وتساؤلاتنا تكرر نفسها. دولة او موتور؟ الشبكة ضعيفة.. الارسال خفيف.. الاتصال مقطوع.. الصراف الآلي خارج الخدمة..».

هذا لسان حال الرسامة والكاتبة ماجدة او ماغدا شعبان التي تحاول من خلال معرضها الجديد Disconnected إبراز القوة التي تولد من التحديات المستمرة، و«من الوضع المضحك المبكي الذي بقينا عليه»، كما تقول.

يتضمن المعرض في صالة «ذا غاليرست» في مجمع «سوديكو سكوير» بالأشرفية، نحو 22 لوحة اكريليك من مختلف الاحجام وتخلل افتتاحه توقيع كتابها الجديد «وج قفا».

وشهد اليوم الأول الافتتاحي للمعرض بيعا كثيفا لصاحبة أعمال خاصة ببيروت ووجوه الحياة فيها. هي التي تسرد حكاية المدينة بتشعباتها، من البوابة الاجتماعية، من دون ان تطرق باب الحرب والأحداث الموجعة. تستعيد ذاكرة بيروت، وتعرض لتحديات المجتمع اليومية.

وتقول شعبان التي تمضي غالبية ساعات النهار في محترفها، في طبقة أخرى من المبنى الذي تسكنه في وطى المصيطبة لـ «الأنباء»: «نعاني منذ زمن بعيد من مشكلات اجتماعية بين انقطاع الكهرباء، وانقطاع الناس عن التواصل المباشر، وصولا إلى العيش في العالم الافتراضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي (…) قبلها لطالما تابعت دروسي وأنجزت واجباتي المدرسية على ضوء الشمعة أيام الحرب. وقتذاك لم يكن الهاتف الجوال في الخدمة، وكانت المحادثات تتم عبر الهاتف الأرضي في حال وجود حرارة في الخطوط. اليوم استعضنا عن ضوء الشمعة بالكهرباء التي نحصل عليها من مولدات الأحياء. وبدل الإفادة من تطور التكنولوجيا للخروج من مشكلاتنا المزمنة، وجدنا أنفسنا منفصلين عن العصر الحديث».

اللوحات معروضة في الصالة التي تقع في الطبقة الأرضية من «البلوك ب» في المجمع التجاري العملاق، في أحد أبرز النقاط التي تربط بين معالم العاصمة بين الأمس واليوم، بين خط تماس قسم بيروت شطرين، ولاتزال الجغرافيا غير ثابتة على بر في النفوس..

وتضيف شعبان التي تكتب بالفرنسية والعربية بلغة أنيقة ولها مؤلفات عدة: «نحاول خلق واقعنا بطريقة مهضومة. لطالما ركزت في أعمالي على مشاهد من اليوميات اللبنانية. هناك دائما وجود للدبكة والطربوش وعلكة «تشكلس» وعصير «بونجوس» وفنجان الشفة.. باختصار أعيش لبنان وأرسمه». وعن المربعات الصغيرة البارزة في رسوماتها، تقول «ربما لتأثري بالبلاط الأرضي في منزل جدتي حيث ترعرعت في وطى المصيطبة. لقد نقلت حياتي إلى لوحاتي، وباتت بعض المعالم والتفاصيل ملتصقة بفني، ويعرفني الجمهور من خلالها».

لا تحصي شعبان عدد لوحاتها منذ بداية مسيرتها الفنية، لكنها لا تكرر رسوماتها. «لكل فكرة لوحتها»، علما ان اللوحات تحكي عن واقع الحال ولا تحتاج شرحا، بل تحمل العناوين التي تعتمدها شعبان أسماء لها، رقيا في التعبير والوصف، لا يقل جمالية عن اللوحة.

تتعامل شعبان مع المستشارة الفنية عليا مطر هلال صاحبة «ذا غاليرست»، التي تعمل في عالم الفن واللوحات منذ 18 سنة «بين بيروت ودبي»، كما قالت لـ «الأنباء».

وكشفت هلال عن عودة جمهور اللوحات الأصيل إلى المعارض «بعد فترة شهدنا فيها إقبالا من خارج عالم الذواقة، من ناس أرادوا فقط حماية القيمة الشرائية لمدخراتهم باقتناء اللوحات، في بداية انهيار العملة والأزمتين النقدية والمصرفية اللتين هزتا البلاد. بعنا الكثير وقتذاك، وها نحن اليوم نستمر في البيع، ولكن مع جمهور أكثر ثباتا».

واكدت ان «لشعبان جمهورها الذي يجد صعوبة في التعامل مع لوحات لفنانين آخرين، بعدما أدخلتهم إلى عالمها المميز».

ولم تتردد هلال التي تملك حصرية عرض وبيع أعمال رسامين معروفين من بينهم شعبان، في القول ردا على سؤال عن مدى مساهمة وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لأعمال الفنانين، «ماغدا تدير حساباتها بشكل ذكي، وتصل أعمالها إلى شرائح واسعة من الناس».

وعن هوية الزبائن، ردت هلال على الفور «هم لبنانيون مقيمون ومغتربون بغالبيتهم. ومن دونهم يموت الفن».

الواضح ان في بيروت، زحمة معارض واقبال جيد عليها. اربعة معارض تقام في آن معا، والجمهور يجول على الصالات والبيع كثيف، لا بل ان البعض يصر على حمل اللوحات معه مباشرة بعد الشراء. وبدت لافتة ايضا العودة إلى المعارض الفردية للرسامين، أصحاب القاعدة الجماهيرية الصلبة.

في هذا الاطار، تحدثت شعبان وهلال «عن موسم ثقافي غني في بيروت، بإقبال الجمهور على العروض المسرحية والمعارض الفنية وغيرها».

ريشة شعبان ترسم المدينة واليوميات. وتجربة هلال الغنية تنقل اللوحة اللبنانية إلى بيوت الذواقة من أبناء «وطن الأرز» في بلدان الانتشار.

جويل رياشي – الانباء

​للمزيد من التفاصيل: Read More

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى