ما الذي تعنيه “الأسهم البريطانية الرخيصة” للمستثمرين؟

وبحسب ما نقلته صحيفة “فاينانشال تايمز” عن الرئيس التنفيذي لشركة جوبيتر لإدارة الأصول، ماثيو بيزلي، فإن المستثمرين الدوليين يتجهون الآن إلى الأسهم البريطانية لأنها كانت “الأرخص منذ 50 عاماً” وتتداول بخصم كبير مقارنة بمنافسيهم في الولايات المتحدة الأميركية.

وشدد على أن:

هناك دلائل على أن المستثمرين العالميين بدأوا أخيراً في الاستيقاظ على هذه الفرصة. ثمة زيادة بنشاط الاستحواذ والاهتمام من المستثمرين المؤسسيين في صناديق الأسهم البريطانية بعد فترة طويلة من الاستحواذ. الارتفاع في نشاط الصفقات حول الشركات البريطانية، مثل عرض شركة التعدين الأسترالية BHP لشراء شركة Anglo American المنافسة المدرجة في لندن، والعرض المحسّن الذي قدمه دانييل كريتينسكي لشركة Royal Mail الأم، من شأنه أن يوفر دفعة لأسعار الأسهم المحلية. بلغت قيمة العروض المقدمة للشركات المدرجة في لندن هذا العام أعلى مستوى لها منذ عام 2018.

تأتي تعليقات بيزلي في الوقت الذي وصل فيه مؤشر FTSE  إلى مستوى قياسي آخر يوم الأربعاء، بعد أن ارتفع بنسبة 10 بالمئة تقريباً منذ بداية العام الجاري حتى الآن، حيث يبحث المستثمرون عن الفرص القيمة ومع خروج اقتصاد المملكة المتحدة من الركود.

وبحسب تقرير الصحيفة البريطانية، فإن:

عودة الزخم لمؤشر FTSE 100 خلال الأسابيع القليلة الماضية تأتي في أعقاب فترة صعبة بالنسبة لسوق الأسهم في المملكة المتحدة. قال محللون في سيتي في وقت سابق من هذا العام إن انكماش سوق الأسهم في المملكة المتحدة تسارع “إلى وتيرة قياسية في العام 2022”. عانت البلاد أيضاً من سلسلة من الشركات المحلية، مثل شركة Arm لصناعة الرقائق ومقرها كامبريدج، التي اختارت الإدراج في الولايات المتحدة للحصول على تقييمات أعلى. لكن مديري الصناديق يعتقدون لأن التقييمات الرخيصة، مقترنة بتحسن التوقعات الاقتصادية وزيادة طفيفة في الصفقات، ستعزز الأسهم البريطانية وتجذب المزيد من الاستثمار.

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة لايون تراست، جون أيونز: “المستثمرون الدوليون ينظرون أكثر إلى المملكة المتحدة باعتبارها لعبة تكتيكية، فهي المكان الذي يرون فيه القيمة”.

وأفاد بيزلي من شركة جوبيتر بأنه إذا ظلت سوق المملكة المتحدة رخيصة، فإن “نشاط الاندماج والاستحواذ الهزيل الذي شهدناه حتى الآن في العام 2024 يمكن أن يصبح بسهولة فيضاناً في العام 2025”.

وأشار مديرو صناديق آخرون إلى ارتفاع عمليات إعادة شراء الأسهم، عندما تستخدم الشركات رأس المال الزائد لشراء أسهمها. وبحسب جيمس لوين وكلايف بيجلز، مديري الصناديق في شركة JO Hambro Capital Management، فإن الزيادة في شراء الشركات لأسهمها كانت من بين “علامات الإنذار المبكر” لانتعاش سوق الأسهم، مشيرين إلى أن بعض الشركات الكبرى، مثل باركليز، لديها “كبيرة” في شراء أسهمها، في إشارة لخطط إعادة الشراء.

فرصة استثمارية

في هذا الإطار، أوضح الرئيس التنفيذي في مركز كوروم للدراسات الاستراتيجية، طارق الرفاعي،  في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن الأسهم البريطانية أرخص من مثيلتها في أميركا وأوروبا مقارنة مع الأرباح على سعر الأسهم، مشيراً إلى أنه على مدى السنوات السابقة كان أداء سوق الأوراق المالية البريطانية أضعف من أداء الأسواق المالية الأخرى خاصة في فرنسا وألمانيا التي وصلت إلى أرقام قياسية.

واستعرض بعض العوامل التي أثرت على الاقتصاد البريطاني وبالتبعية على التوقعات المستقبلية للأسهم البريطانية، فكان الأداء من ناحية السعر أضعف من دول أخرى، بينما الأرباح كانت معتدلة، لذلك أصبحت الأسهم المدرجة في لندن الأرخص منذ 50 عاماً تقريباً، ومن تلك العوامل التي عززت تلك الحالة في السنوات القليلة الماضية بشكل خاص:

اقتصاد المملكة المتحدة مازال متأثرًا بجائحة كورونا. أزمة التضخم التي تعاني منها كل الدول الأوروبية. خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من غير اتفاق تبادل تجاري.

ومن ثم، أفاد الرئيس التنفيذي في مركز كوروم للدراسات الاستراتيجية، بأن ذلك يدعم توافر فرص استثمارية  بالمملكة المتحدة؛ خاصة من قبل المستثمرين في دول أخرى منها الولايات المتحدة  الأميركية، بعد المقارنة بين أسعار الأسهم البريطانية والدول الأخرى، مؤكدًا أن تلك الأسعار الرخيصة تمثل فرصة استثمارية لأن المستثمر دائما ما يريد الاستثمار قبل الوصول إلى أرقام قياسية، والآن الفرصة موجودة في بريطانيا.

واستبعد الرفاعي استمرار تلك الأسعار على المدى البعيد، موضحاً أنها فرصة  فقط على المدى القصير خلال هذا العام، بينما في العام المقبل ليس من المتوقع أن يحدث نفس السيناريو، بينما توقع سيناريوهي اثنينن، وهما:

إما أن تشهد أرباح الشركات هدوءاً واتجاهاً متراجعاً. أو أن ترتفع الأسهم البريطانية مع ارتفاعات الأرباح لتصل إلى أرقام مساوية للدول المجاورة.

مكسب للمستثمرين الجدد

من لندن، قال خبير اقتصاديات الطاقة، نهاد إسماعيل، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الأسهم ترتفع وتنخفض وأحيانا تنهار لأسباب مختلفة، مشيرًا إلى أنه  في السنوات القليلة الماضية واجه المستثمرون أوقاتا صعبة، ومنها: (أزمة وباء الكورونا  والحرب في أوكرانيا وأزمات الطاقة والغذاء، علاوة على أزمات سابقة مثل الأزمة المالية العالمية في 2008).

وأوضح أن الأسعار الرخيصة للأسهم البريطانية تمثل مكسباً للمستثمر الجديد الذي يشتري الأسهم بسعر بخس وعند عودة الثقة والاستقرار يحقق أرباحاً كبيرة، مؤكداً أن الفترة الحالية تمثل وقتاً جيداً للاستثمار أي شراء الأسهم التي انخفضت قيمتها واغتنام الفرص (..).

لكنه توقع أن ترتفع قيمة الأسهم خاصة في قطاعات البنوك والاتصالات والتقنيات الحديثة في وقت قادم، ومع احتمال خفض أسعار الفائدة، وعودة ثقة المستثمر تدريجياً.

وأشار إلى أن التوقعات بارتفاع قيمة الأسهم في الفترات المقبلة تأتي مع ارتفاع أرباح الشركات حول العالم في عصر التحول الرقمي والاقتصاد الأخضر.

ورأى أن التهافت لشراء الأسهم الرخيصة سيقود في النهاية إلى ارتفاع الطلب عليها وارتفاع قيمتها، ومع هبوط نسب التضخم باتجاه الرقم المستهدف أي الاقتراب من 2 بالمئة، سنرى تخفيف قبضة التشدد النقدي مع انخفاض أسعار الفائدة.

وقال إسماعيل إنه في الأسابيع المقبلة ربما تشهد سوق الأسهم البريطانية انتعاشاً وترتفع قيمتها، مشيرًا إلى أن مؤشرات قطاع بيع التجزئة ارتفعت في أبريل الماضي مما يرفع معنويات المستثمرين والتفاؤل بالتعافي الاقتصادي.

واستعرض الأسباب التي تشجع على الاستثمار في الشركات البريطانية، ومنها:

تحسن بيئة الاقتصاد، وحالة الاستقرار الحالية. تبخر المخاوف من ركود اقتصادي. ضعف قيمة الجنيه الاسترليني مقابل الدولار.

تحسن التوقعات الاقتصادية

وإلى ذلك، أوضح الخبير الاقتصادي من لندن، أنور القاسم، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن البيانات الحالية حول أسهم شركات المملكة المتحدة من شأنها أن تدفع المستثمرين الدوليين الآن إلى شراء الأسهم البريطانية لأنها الأرخص والأكثر جاذبية، خاصة وأنه يتم تداولها بخصم كبير مقارنة بمنافسيها في الولايات المتحدة على سبيل المثال.

وقال إنه مع بحث المستثمرين عن فرص قيمة مع خروج الاقتصاد البريطاني من الركود، فإن مديري الصناديق يعتقدون بأن التقييمات الرخيصة مقترنة بتحسن التوقعات الاقتصادية تسجل زيادة في الصفقات حاليا، وهو ما يعزز الأسهم البريطانية ويجذب مزيدًا من الاستثمار إليها.

وأشار إلى أن القيمة السوقية لبورصة لندن تبلغ أكثر من أربعة تريليونات دولار، لكنها تراجعت نتيجة خروجها من الاتحاد الأوروبي وجائحة كورونا التي عطلت الاستثمار، إضافة الى تسجيل الاقتصاد البريطاني أسوأ أداء بين الدول الصناعية السبع الكبرى نتيجة التضخم.