أخبار لبنان

ما بين مشفى رفيق الحريري الحكومي ومَجمَع الجامعة اللبنانية في الحدث

جميعنا في لبنان نعلم ونتفّهم حجم الافلاس المادي الذي وقعت فيه الدولة اللبنانية جراء سياسات حكّامها من جميع التوجهات دون أي تمييز. كلهم نعم كلهم ساهموا بافلاس وتفليس الدولة بما تعني هذه الدولة من مؤسسات واركان وركائز وقواعد تقوم عليها أية دولة يسعى المسؤولون فيها بالحد الأدنى إلى الاسهام بتطويرها.

لم أعانِ ما عاناه معظم اللبنانيين من أزمة البنوك، لسبب بسيط أني لا أملك مالا لأضعه في البنوك، ولم أعان من أزمة الاستشفاء لأني اتحامل على أوجاعي بالمسكنات، ولم أعان من الأقساط الجامعية لأولادي، ولم أعان من أقساط المدارس ولا من أزمة البنزين.. وكله لانعدام الأصل. لماذا إذن هذا النص_الشكوى؟

لأني، وبسبب التسيّب في كافة المؤسسات المهنية، طردت من عملي دون أي تعويض ودون أي إلتزام مادي تجاهي من قبل المؤسسة التي عملت فيها لسنوات طويلة، لأنه لا قدرة لي لأوكّل محاميا لتحصيل حقوقي.

وبما أني أعيش بلا عمل، فإن معاناتي تنحصر بغلاء لقمة العيش بالحد الأدنى.إذن كفقيرة مُعدمة تبقى معاناتي أخف من كل من له مشاكله مع المشفى والجامعة والبنك والمحطات والسيارات واجارات البيوت واشتراك الكهرباء وفواتير المياه واللباس والمشاوير والسفريات وزيارات الأئمة والقديسين في كل أصقاع الأرض…

معاناتي أخف من الآلاف والمئات الذين يريدون الاستشفاء في مشفى رفيق الحريري الحكومي الذي يشبه القبور الفارغة التي تنتظر أمواتها. أبنية، وأبنية، وأبنية، وقاعات، ومواقف، ومداخل تُدوّخ السليم، فكيف بالمرضى؟!

هذه المساحات الشاسعة والبناء الضخم والواسع، الذي بالتأكيد، يمكنه أن يستوعب مئات الأسّرّة بل يمكن آلاف منها. من يستفيد من الأسّرّة؟ المباني فارغة تُصفر شاحبة، خاوية، مهترئة التجهيزات بل صدئة، تلمح في الممرات شخصا ما يدخل وآخر يخرج. هذا المشفى الذي يُقدّم خدماته الإنسانية للبنانيين بكل أمانة رغم تلويث بعض موظفيه لسمعته من خلال سرقة أدوية سرطان الاطفال واستبدالها بمياه. وسرقة المحروقات من قبل عامل حرامي وجشع دون أية محاكمة ومحاسبة وقطع أيدي ليكونوا عبرة لغيرهم.

المصاعد معطلة والتلفزيونات مسروقة، والأسقف المستعارة مخلوعة، كل ما في هذا المشفى يُوحي بالخراب والتسيّب والموت والاهمال… إلى ما لانهاية.

أما مَجمع الحدث الجامعي أو ما هو حقيقة الجامعة اللبنانية التي لا تزال تفتخر إلى اليوم بمستوى طلابها العلمي ومستوى خريجيها وابداعاتهم، وهم الذين يتميزون بكفاءاتهم، لكن هذا المَجمع الجامعي الجميل والمرتب والواسع الشاسع والكبير يعاني بسبب اهمال السلطات المعنيّة على مرّ الأيام من حدائق مليئة بالعشب اليابس اولا، والذي قد يشتعل فجأة في الحر القاتل أو جراء رمي سيجارة من أحد المستهترين مثلا.

علما أن الجامعة تعاني من خلل في القاعات كغياب الكهرباء، والمكيفات، والمياه في الحمامات ومن توّقف المصاعد، ومن تلف بعض المقاعد في القاعات والنش، …

هذه الجامعة الراقية بأساتذتها الذين

ولا تنحصر معاناة الطالب بهذه الأمور فهناك خلل عام في أهم مؤسسة أكاديمية تُعرف بجامعة الفقراء وسبب نهضتهم، والتي كانت معقل الحركة الطلابية في السبعينيات.

اليوم ننظر إلى هذين الصرحين، الاستشفائي والأكاديمي بحسرة وحرقة وقهر.

ونسأل الذين يتداولون السلطة منذ العام 1990 لماذا دمرتم هاتين المؤسستين؟ وما هو هدفكم؟ البعض يقول إن مشفى رفيق الحريري في حال قامت بدورها، كما يفترض، فإن العديد من المشافي الخاصة في بيروت تُقفل أبوابها.

وهناك من يقول إن تابعت الجامعة اللبنانية دورها الأكاديمي، الذي كانت تلعبه ما قبل حرب 1975، لأقفلت جميع الدكاكين التعليمية التي فرّخت برخص وهميّة هنا وهناك صفوفها.

الطلاب يهربون من الجامعة، ليس فقط لأن اساتذتها مضربون ولأوقات طويلة، بل لأن الاهمال والتسيّب يضرب أطنابها حيث مثلا يمكن أن يدخل أي شخص او زائر دون أن يسأله أحد ما إلى أين ذاهب؟ يدخل من يدخل.. البوّاب نائم والحرس غائبون والأعشاب يابسة قد تكون سببا في مصيبة هذا الصيف أو أي صيف قادم.

الأزمة ليست شكلية فقط في مشفى الحريري ومَجمع الحدث الجامعي، بل هي متعددة ومتنوعة، داخلية وبنيوية وخارجية شكلية.

اتفق المسؤولون على تقاسم المؤسسات، لكنهم نسيوا الاهتمام بها لأجل محازبيهم.. الذين عيّنوهم في مناصب ليسوا مؤهلين لها، فنهبوها وخلعوا أساساتها.

بلدي يموت ببطء، ونحن ننظر إليه دون أية مسؤولية واهتمام. فمن يحاسب المسؤولين عن ذلك؟

سلوى فاضل- نقلًا عن موقع hadathonline

​للمزيد من التفاصيل: Read More

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى