أخبار العالمالجزيرة

مسلسل “مفترق طرق”.. لماذا نجحت هند صبري في تعريب العمل الأميركي؟

فن

مسلسل “مفترق طرق”.. لماذا نجحت هند صبري في تعريب العمل الأميركي؟

الملصق الدعائي لمسلسل “مفترق طرق” (الجزيرة)علياء طلعت6/6/2024

قليلات هن الممثلات العربيات اللاتي نجحن في صُنع مسيرة مهنية منحتهن قوة السيطرة على العملية الإبداعية فيما يقدمونه من أفلام ومسلسلات، ويتحولن مما يشبه “الإكسسوار” الذي يجب تواجده بجوار بطل العمل، إلى صاحبات اتجاه إنتاجي وفني خاص، ومن أبرز هؤلاء التونسية هند صبري.

يُعرض لهند صبري الآن مسلسل “مفترق طرق”، وهو النسخة العربية من المسلسل الأميركي “الزوجة الجيدة” (The Good Wife)، من إخراج أحمد خالد موسى، وبطولة إياد نصار، وجومانا مراد، وهدى المفتي، وماجد المصري، وعلي الطيب، بالإضافة إلى مجموعة من ضيوف الشرف الذين يظهرون في بعض حلقات المسلسل.

هند صبري.. صاحبة مشروع

يمكن بسهولة نسب مسلسل “مفترق طرق” لبطلته هند صبري دون أن يكون ادعاء كاذبا، فهو يتسق من حيث الموضوع مع أعمال أخرى سابقة للممثلة والمنتجة في ظل اتجاهها الواضح لتقديم أعمال تعزز تمكين المرأة العربية، وتضع الأخيرة في أطر أكثر اتساعا من الأدوار التقليدية، مثل مسلسلها “البحث عن علا” الذي حقق نجاحا كبيرا عند عرضه ويجري الآن إنتاج جزء ثانٍ له، والفيلم التسجيلي “بنات ألفة” الذي فاز بجائزة الفيلم الوثائقي من مهرجان كان العام الماضي، وحتى فيلم “كيرة والجن” الذي قدمت خلاله دور مناضلة مصرية ضد الاحتلال البريطاني.

وتقدم صبري في مسلسل “مفترق طرق” قصة أم ومحامية سابقة وضعت مهنتها جانبا لتدعم مهنة زوجها، حتى شغل منصبا حكوميا كبيرا، وكرست وقتها لعائلتها، غير أن ذلك العالم المثالي ينهار بعد الكشف عن فضائح للزوج وسجنه والتحقيق معه أمام النائب العام، ووضع كل ممتلكات العائلة تحت الحراسة.

تعود أميرة الألفي (هند صبري) إلى المربع صفر، كمحامية عديمة الخبرة، تحاول كسب عيشها لإعالة طفليها بعدما فقدوا كل شيء بداية من الأب والمنزل والطبقة الاجتماعية المرتفعة، وحتى المدرسة الدولية والنادي الرياضي.

تستخدم الممثلة التونسية هند صبري قوتها الفنية بنجاح في سوق الترفيه العربية (مواقع التواصل الاجتماعي)

تتناول حلقات العمل بشكل متوازٍ قصة أميرة تحاول الوقوف على قدميها في ظل فضيحة كبيرة ونقص في الموارد واضطرارها للعيش مع والدة زوجها، وعلى الناحية الأخرى قصص القضايا التي تتولاها، والتي -حتى كتابة هذه السطور- تمحورت حول نساء تعرضن للظلم المجتمعي، وتساعدهن البطلة بمعارفها القانونية.

تقول البطلة، في الحلقة الأولى خلال بحثها عن دليل براءة موكلتها، إنها محامية امرأة تدافع عن متهمة امرأة، وتحتاج لمعاونة صاحبة أحد المصانع وهي امرأة ثالثة، وأنهن كنساء سيتعاضدن مع بعضهن البعض، وهي الأيدلوجية التي يمكن اعتبارها العمود الفقري للمسلسل، فحتى والدة الزوج التي تبدو لأول وهلة امرأة عنيفة يتضح أنها تأخذ دور الأم الداعمة لزوجة ابنها، وتدين هذا الابن على أفعاله الشائنة.

ما تقدمه صبري في الوقت الحالي هو استخدام ذكي لقوتها في سوق الترفيه العربية، سواء لنجاحاتها السينمائية والتلفزيونية السابقة، أو صلاتها التي تجعلها من أوائل المنتجات العربيات على منصات عالمية مثل “نتفليكس”، فهي تستغل كل ذلك لتعزيز فكر تؤمن به وليس فقط لحصد المزيد من النجاح أو المال فقط.

بين التعريب والتغريب

تصنّف الدراما القانونية كنوع فرعي ينتشر بين المسلسلات الأميركية ويحقق نجاحا كبيرا، سواء في الولايات المتحدة أو خارجها، من أشهرها -بالإضافة إلى “زوجة جيدة”- مسلسلات “كيف تفلت بجريمة قتل” (How to Get Away with Murder)، و”سوتس” (Suits) الذي عُرضت النسخة المعربة منه عام 2022 تحت اسم “سوتس بالعربي”، في تجربة تجمع بينها وبين “مفترق طرق” الكثير من التشابهات والاختلافات.

ينتمي كل من “سوتس بالعربي” و”مفترق طرق” إلى النوع نفسه، ويستند إلى نسخة أميركية ناجحة تم تعريبها مع حفظ الحقوق الأصلية، ولكن خلال الحلقات الأولى من “مفترق طرق” تتضح الاختلافات بين التعريبين، فبينما التزم مسلسل “سوتس” بالكثير من تفاصيل النسخة الأصلية سواء في رسم الشخصيات أو طبيعة القضايا الموكلة للمكتب أو حتى شكل المكتب الذي يعمل به أفراد فريق العمل، اتخذ “مفترق طرق” سبيلا آخر في التعريب يخلط بين الأساس الغربي والمذاق العربي الخاص.

تعمل أميرة الألفي في مكتب شديد الأناقة، وترتدي ملابس تليق مع مستواها السابق كزوجة مسؤول حكومي كبير، لكن على الجانب الآخر تعيش والدة هذا الزوج في منزل ينتمي إلى الطبقة المتوسطة بما فيه من تفاصيل عادية، مثل غياب وجود عاملة منزلية أو سكنها في بناية فارهة، وترسل أحفادها إلى مدرسة خاصة عادية.

نجحت هند صبري في الحيلولة دون وقوع “مفترق طرق” في الأخطاء التي تقع فيها الأعمال المترجمة (مواقع التواصل الاجتماعي)

كما ينسحب ذلك على طبيعة القضايا التي تتولاها أميرة لأشخاص عاديين، كزوجة سابقة متهمة بقتل طليقها، ما أضفى على المسلسل صبغة واقعية بعيدا عن تغريب مسلسل “سوتس بالعربي”، الذي يبدو أبطاله كما لو أنهم يكادون ينطقون باللغة الإنجليزية في كل لقطة.

هذا بالإضافة إلى شخصية أميرة الألفي التي تتعامل مع القضايا الخاصة بها، ليست فقط كمحامية وإنما كامرأة وأم في البداية، وهو الأمر الطبيعي بعدما تراجع الجانب المهني من حياتها للصفوف الأخيرة خلال الـ15 التي عاشت خلالها كزوجة لرجل سياسي طموح، الأمر الذي رغم كونه مرآة للشخصية المماثلة في المسلسل الأميركي، فإنه يحمل معاني أكثر خصوصية في المجتمع العربي، الذي يتوقع الكثير من فئاته هذا الترتيب لأولويات المرأة، ويجعل قصة البطلة تتماس مع الكثير من المشاهدات، فوُضع المسلسل في قائمة الأعلى مشاهدة منذ حلقاته الأولى.

يختلف “مفترق طرق” عن مسلسلات المنصات الحديثة التي لا يتجاوز عدد حلقاتها 15، ومن المتوقع استمراره لحوالي 45 حلقة بتنقله بين القضايا المختلفة وحتى تصل أميرة بطلته إلى بر الأمان، وإن استمر على المستوى ذاته من ناحية الأداء التمثيلي والإخراج، فقد يُحْدِث تغييرا كبيرا في خارطة المسلسلات العربية خلال السنوات المقبلة.

المصدر : الجزيرة

للمزيد من التفاصيل: Read More

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى