أخبار لبنان

هذا ما فعله الردّ والردّ المضاد.. تعادل سلبي

ما بين صحراء النقب وأصفهان مئات الكيلومترات، ولكن ما بين تل أبيب ورفح من جهة، وما بينها والجنوب اللبناني من جهة ثانية بضع كيلومترات. فالردّ الإسرائيلي على الردّ الإيراني جاء في الظاهر سريعًا، ولكنه يبقى استهداف أصفهان كاستهداف النقب من دون نتائج فعلية على أرض الواقع، أي بمعنى أن هذين الردّين لم يكونا في المستوى المتوقع، أقّله عسكريًا.
Advertisement

 
فهذان الردّان إن من الجانب الإيراني أو الجانب الإسرائيلي لم يغيّرا كثيرًا من حقيقة الوضع القائم على جبهتي غزة والجنوب. فإيران باقية على مواقفها من أزمات المنطقة ومن مفاوضاتها مع الولايات المتحدة الأميركية، فيما إسرائيل ماضية في مخططها العدواني سواء في غزة أو في الجنوب اللبناني، الذي أصبحت قراه الحدودية شبيهة بقطاع غزة. فلا الإغارة على النقب ردع تل أبيب ووضعها على حافة الزوال، ولا الغارة على أصفهان جعلت من طهران أداة طيّعة في أيدي الأميركيين مثلًا. وحدها غزة من تدفع الثمن؛ وكذلك القرى الجنوبية. ومن يده في النار ليس كمن يضعها في الماء.

فما حصل أمس الأول وقبله بأيام ليس سوى عرض للعضلات، لأن كل من يراقب ما جرى في النقب وفي أصفهان يرى أنه لن يغيّر كثيرًا في موازين القوى وفي المعادلات السياسية. فإيران ستبقى اليوم وغدًا الداعمة الأولى والأساسية لكل الحركات المناوئة لإسرائيل، بدءًا من اليمن – الحوثيين، مرورًا بالحشد الشعبي في العراق و”حزب الله” في لبنان وصولًا إلى حركة “حماس” في قطاع غزة. أمّا إسرائيل فباقية اليوم وغدًا العدو الذي يستبيح كل شيء، وهي ماضية  في ضرب البشر والحجر في غزة وفي لبنان الجنوبي، وهي تستعد لغزو رفح من جهة، وتوسيع اعتداءاتها في اتجاه لبنان من جهة ثانية.


وفيما العالم منشغل نسبيًا بما ستؤول إليه ما سُمّيت بمسرحية الردّين الإيراني والإسرائيلي من نتائج على أرض الواقع فإن عين تل أبيب باقية شاخصة على رفح وعلى لبنان، وهما الحلقتان الأضعف في المعادلات الإقليمية، إذ بات كثير من المحللين يخشون أن تنحو الأمور نحو تدهور الوضع الأمني على جبهة رفح من أكثر من محور، مع أرجحية تقدّم “خيار” غزوها برًّا، مع ما تعنيه هذه الغزوة بالنسبة إلى مستقبل فلسطينيي القطاع ومصيرهم المحتوم، وهو كان هدفًا اسرائيليًا منذ بداية الحرب الواسعة على القطاع من شماله إلى جنوبه.


أمّا على الجبهة الجنوبية فإن ما نُقل أخيرًا من رسائل ديبلوماسية إلى الدولة اللبنانية مع ما فيها من “تحذيرات” بأن إسرائيل ستقوم بضربة عسكرية واسعة النطاق ضد “حزب الله” ولبنان، لا يطمئن كثيرًا، وإن وضعتها “حارة حريك” في إطار الحرب النفسية والمعنوية الإسرائيلية ضد لبنان، وما هذه التهديدات سوى “فقاقيع صابون”، ستتلاشى مع إصرار “المقاومة الإسلامية” على مواصلة عملياتها العسكرية الموجعة ضد مواقع العدو بمعزلٍ عن التصعيد الإيراني – الإسرائيلي المستجدّ، وأن أي عدوان إسرائيلي واسع سيكون حماقة كبيرة وتاريخية ستكلف العدو ثمناً باهظاً.


وفي رأي أوساط قريبة من “حزب الله” فإن الضربة الموجعة التي استهدفت “عرب العرامشة” ليست سوى عيّنة جزئية مما ينتظر العدو إذا ارتكب أي حماقة ووسع عدوانه على لبنان، خصوصًا أن قادة الحرب في إسرائيل يعرفون تمام المعرفة قدرات “المقاومة الإسلامية” العسكرية، وما تستطيع أن تفعله في المستقبل، وأن استخدامها مؤخرًا الصواريخ المزودة برؤوس ذات قوة تدميرية هائلة ليس سوى البداية، مع ما أحدثته من أضرار ورعب في صفوف العسكر وسكان المناطق المستهدفة.


إلاّ أن هذا لا يمنع من أن يشمل العدوان الإسرائيلي كل لبنان، من جنوبه وبقاعه إلى جبله وشماله. وهذا كان محور محادثات قصر الاليزيه بين الرئيس الفرنسي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
 

للمزيد من التفاصيل: Read More

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى