لماذا تشعر بالتعب وقد نمت 8 ساعات؟

يحتفل معظم الناس بعطلة نهاية الأسبوع بالنوم حتى يظنوا أنهم قد حققوا حلمهم في الوصول للراحة التامة، لكن الحقيقة أنه وبعد انتهاء عطلة نهاية الأسبوع وبداية الأسبوع اللاحق يشعرون كأنهم قد عادوا للتو من سفر بعيد وهم متعبون حقا، ويستمر ذلك كل صباح حتى نهاية الأسبوع لتعاد الكرة.
وقد دعا أحد الشعراء يوما أن يغمض الله جفنيه إذا ما ساورته سكتة النوم العميق حتى يستفيق، ولم يكن يدري أنه دعا بشيء عظيم يحل مشكلة التعب التي يعاني منه العشرات على الرغم من نومهم 8 ساعات يوميا وحصولهم على ساعات إضافية من النوم في الإجازات. فما سر هذا التعب؟ وكيف تتخلص منه؟ وماذا يفعل النوم العميق ليحل المشكلة؟
يكمن سر النوم الذي يمنح النشاط في مرحلة ما من مراحل النوم تعرف بمرحلة النوم العميق، ووفقا لموقع مؤسسة النوم في الولايات المتحدة يسبب عدم الحصول على فترة كافية من النوم العميق الشعور بالخمول والنعاس، وانخفاض اليقظة والانتباه، وصعوبة في التعلم وتكوين ذكريات جديدة، كما يسبب الرغبة الشديدة في تناول أطعمة عالية السعرات الحرارية.
مراحل النوم
بمجرد أن يغفو الإنسان يمر جسمه بـ3 مراحل من "نوم حركة العين غير السريعة" (non-rapid eye movement)، تليها مرحلة واحدة من "نوم حركة العين السريعة" (rapid eye movement).
ويقضي الإنسان وقتا أطول في النصف الأول من الليل في نوم حركة العين غير السريعة، ومع مرور الليل يقضي وقتا أطول في نوم حركة العين السريعة.
وتمثل المرحلة الأولى من النوم المرحلة القصيرة التي ينتقل فيها الإنسان من اليقظة للنوم، وذلك عندما يبدأ التنفس ومعدل نبضات القلب في التباطؤ.
ويتباطأ التنفس ومعدل ضربات القلب بشكل أكبر المرحلة الثانية، وتنخفض درجة حرارة الجسم، وتسترخي العضلات. ويستمر نوم المرحلة الثانية لفترة أطول في كل دورة طوال الليل، ويقضي الإنسان حوالي نصف إجمالي نومه كل ليلة في هذه المرحلة.
إعلانوتمثل المرحلة الثالثة أعمق نوم في دورة النوم، وتكون فيها موجات الدماغ في أبطأ تردد لها وأعلى سعة.
وأثناء النوم العميق، تكون وظائف الجسم، كالتنفس ومعدل ضربات القلب، بطيئة جدا، وتكون العضلات مسترخية، وقد يصعب إيقاظ الشخص في هذه المرحلة، وقد يشعره الاستيقاظ من النوم العميق بضبابية ذهنية لمدة تصل إلى ساعة.
وينتقل الإنسان بعد هذا كله لنوم حركة العين السريعة، وكما يوحي الاسم تتحرك العيون بسرعة تحت الجفون أثناء هذه الفترة، ويشبه نشاط الدماغ فيها نشاط الشخص المستيقظ دون أن تتحرك العضلات، ويعتقد الخبراء أن معظم الأحلام تحدث أثناء نوم حركة العين السريعة.
ويستغرق الأمر عادة ما بين 90 و120 دقيقة للانتقال بين المراحل الأربع، وبعدها تبدأ الدورة مرة أخرى. ويمر البالغون عادة بـ4 إلى 6 دورات في الليلة.
النوم العميق يصلح ما أفسده النهار
تلعب جميع مراحل النوم دورا ضروريا في المحافظة على صحة الجسم، إلا أن النوم العميق له ما يميزه، فأثناء النوم العميق، يفرز الجسم هرمون النمو ويعمل على بناء وإصلاح العضلات والعظام والأنسجة. كما يعزز النوم العميق وظائف الجهاز المناعي، بالإضافة إلى ذلك، قد يكون نوم الموجة البطيئة مهما لتنظيم أيض الغلوكوز (سكر الدم).
ويعد النوم العميق مهما للوظائف الإدراكية والذاكرة، ويعتقد أنه يلعب دورا في تعلم اللغات والمهارات الحركية ونمو الدماغ. وقد وجدت دراسة نشرت في مجلة "جاما نيورولوجي" (JAMA Neurology) أن عدم الحصول على قسط كاف من النوم العميق قد يكون له آثار خطيرة طويلة المدى على صحتنا الإدراكية. وأظهرت الأبحاث التي أجرتها كلية موناش للعلوم النفسية ومعهد تيرنر للدماغ والصحة العقلية في ملبورن، أستراليا، أن قلة النوم العميق قد تزيد من خطر الإصابة بالخرف.
كم تبلغ مدة النوم العميق الذي تحتاجه؟
يجب تحديد مقدار النوم الذي يحتاجه الشخص بشكل عام لحساب مقدار حاجته من النوم العميق، ويجب أن يهدف معظم البالغين إلى الحصول على 7 ساعات على الأقل من النوم كل ليلة، وعادة يقضى ما يصل إلى 20% من هذا الوقت في النوم العميق.
ويبدأ النوم العميق في غضون ساعة من النوم، وتصبح فترات النوم العميق أقصر تدريجيا مع مرور الليل. وينظم الجسم النوم العميق ذاتيا، حيث يقضي الشخص الذي يتعافى من فترة حرمان من النوم وقتا أطول في النوم العميق، على النقيض من ذلك، قد يحصل الأشخاص الذين ينامون بشكل متكرر من نوم عميق أقل، حيث يتم تلبية جزء من احتياجاتهم من النوم العميق بالفعل خلال النهار.
ويحصل كبار السن على فترة أقل من النوم العميق، ويعوضون ذلك بالمزيد من النوم في المرحلة الثانية.
كيف تحصل على نوم عميق؟
يمكن من خلال اتباع خطوات بسيطة تحقيق المدة الكافية من النوم العميق التي تعيد النشاط للجسم والعقل، وتشمل هذه الخطوات -وفقا لصحيفة تلغراف البريطانية- المحافظة على جدول نوم منتظم حتى في أيام العطل الرسمية، حيث يعمل الجسم بنظام خلال الـ24 ساعة، وتعمل جميع الأعضاء والخلايا على هذا الأساس، لذا فإن النوم المنتظم يحسن النوم ويساعد باقي الجسم على أداء وظائفه بشكل جيد.
بالإضافة لذلك تجنب الضغط على زر "الغفوة" (snooze)، فوفقا لدراسة نشرت في مجلة الأنثروبولوجيا الفسيولوجية عام 2022، وجدت أن الضغط على زر الغفوة يطيل فترة خمول النوم لمدة تصل إلى 20 دقيقة، وخمول النوم هو ذلك الخمول الذي يشعر به الإنسان عند الاستيقاظ. وتمثل ممارسة الرياضة، والاستيقاظ على ضوء النهار، وتجنب الكافيين بعد الظهر ممارسات مهمة أيضا للوصول لنوم العميق.
إعلان