مهرجان "شدوا الرحال" رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس

عمان- "بابا، متى رح نروح عنجد على الأقصى؟" بهذه الجملة البسيطة والمباغتة، فاجأ الطفل آدم (8 سنوات) والده أثناء عودتهما من مهرجان "شدوا الرحال" في العاصمة الأردنية عمّان.
ويقول الأب "لم أتوقع أن لعبة أو أنشودة ستجعل ابني يسألني عن المسجد الأقصى وكأنه سيزوره يوم غد، شعرت بحصول رابط بينه وبين القدس، وكأنها صارت جزءا من خياله اليومي، وليست مجرد صورة يشاهدها في الأخبار".
ويلخص هذا المشهد -الذي رواه والد آدم للجزيرة نت- الرسالة التي سعى فريق "وردتنا القدس" في الأردن إلى تحقيقها من خلال مهرجانهم التفاعلي "شدوا الرحال" الذي نظموه أول أمس الجمعة بالتعاون مع مدارس الرضوان وكشّافتها، مستهدفين الأطفال من عمر 6 حتى 14 عامًا، ومعهم أهاليهم، في فعالية ترفيهية تربوية تجمع بين اللعب والمعرفة، وتربط النشء بالأرض والمقدسات بطريقة محببة.

من الأردن إلى القدس
الإدارية في فريق "وردتنا القدس" لجين القواسمي، أوضحت في حديث للجزيرة نت أن المهرجان يحمل بُعدا معرفيا وتربويا عميقا، وقالت "ما نريده هو أن يشعر الطفل أن الأقصى ليس بعيدًا، وأنه ليس مجرد قضية مهمة للكبار فقط، واصفة المهرجان بأنه "رحلة رمزية من مدننا الأردنية نحو القدس، نبني فيها جسرًا من الذاكرة والانتماء ونربط فيه الطفل بشوارع القدس وأبوابها ومآذنها".
وقد استلهم المهرجان اسمه من حديث النبي صلى الله عليه وسلم "لا تُشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا". ومن هنا انطلقت فكرة أن يكون المهرجان تجربة تربوية تُشد فيها الرحال عبر محطات تمثّل مدنًا أردنية وفلسطينية، بدايةً من البتراء الوردية، مرورًا بالكرك ومعان والسلط والكرامة، حيث يُستعرض التاريخ المشترك والتضحيات التي قدمها الشهداء الأردنيون دفاعًا عن القدس، وصولًا إلى القدس والمسجد الأقصى، باعتباره مقصدًا روحيًا وهوية لا تُفصل عن وجدان الأمة.
وقد تنوّعت فعاليات المهرجان بين محطات لعب تعليمية وأركان معرفية، ومن أبرز الألعاب "شدوا الرحال" و"تعرّف على الأقصى" بالإضافة لمضمار المغامرة وميدان الفروسية والدراجات ولعبة الطائرات الورقية". ففي كل لعبة، تُزرع قيمة: الانتماء، وحب الوطن، والتضحية، والصبر، والحلم، والمعرفة، وفقاً للفريق المنظم.

حفل فني وجو عائلي
على خشبة المسرح، أُطلقت أنشودة "شدوا الرحال" بمشاركة أطفال من مختلف الأعمار، كما ظهرت شخصيات كرتونية محببة، ومسابقات معرفية ممتعة وألعاب تعليمية تفاعلية من فريق "بوزل بيس" (puzzle piece).
إعلانوقد أدّى الحضور صلاة المغرب جماعة، في مشهد روحاني أضفى على المهرجان طابعًا من السكينة والتأمل.
ولم يكن المهرجان مخصصًا للأطفال فقط، بل صُمم ليكون نشاطًا عائليًا يشارك فيه الأهالي، كما بيّنت الإدارية لجين "حين يشارك الأب والأم في الفعالية، تتحول الرسائل التربوية إلى ممارسة جماعية، وتترسخ بشكل أعمق الطفل يرى أن أهله أيضًا يهتمون، وهذا يمنحه إحساسًا بالجدية والانتماء".
وقد شاركت كشافة الرضوان في المهرجان بمحطة بعنوان "أردننا أرض العزم" وضمت مضمارًا معرفيًا يدمج بين التحديات البدنية والمعلومات الثقافية والتاريخية، عن المدن الأردنية، والمعارك المصيرية كمعركة الكرامة، وأسماء الشهداء الأردنيين الذين استشهدوا في الدفاع عن القدس بحربي 1948 و1967.

غرس للوعي المقدسي
يُذكر أن فريق "وردتنا القدس" قد نظم منذ انطلاقته أكثر من 8 مهرجانات مماثلة، واستفاد منها نحو 5 آلاف طفل في مختلف محافظات الأردن.
وتؤكد الإدارية لجين "نحن لا نقدم مهرجانات ترفيهية فحسب، بل نقدم مشروعا مستداما لغرس الوعي المقدسي في الجيل القادم. ونؤمن أن اللعب أداة معرفية قوية، خصوصا حين يقترن بالقصة والمكان".
وفي نهاية المهرجان، وبينما يجلس آدم ووالده في ركن المأكولات الأردنية والفلسطينية، يتحدث الطفل بحماسة عن أبواب المسجد الأقصى، وكيف تعلّم أسماءها، فيرد عليه والده مبتسمًا "رح نروح يا بابا".