هآرتس: تصدع في دعم الإنجيليين الأميركيين لإسرائيل بسبب استهداف المسيحيين

سلّط مراسل صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في واشنطن بن صامويلز الضوء على الأزمة التي تمر بها إسرائيل مع قاعدة التيار الإنجيلي المحافظ في الولايات المتحدة بعد القصف الإسرائيلي الذي طال كنيسة العائلة المقدسة الكاثوليكية، إحدى أبرز دور العبادة في المدينة، وتسبب باستشهاد 3 فلسطينيين في مجمع الكنيسة.
وتطرق التقرير إلى تصاعد انتقادات شخصيات دينية وسياسية بارزة في الولايات المتحدة للسياسات الإسرائيلية تجاه المسيحيين الفلسطينيين، واستهداف أماكن العبادة في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى جانب تضييقات متزايدة على دخول الحجاج المسيحيين إلى إسرائيل.
ويرى معد التقرير أن هناك "تطورا غير معتاد، حيث وجّه السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي ـمن التيار الإنجيلي والمعروف بتأييده العلني للمشروع الاستيطاني في الضفة الغربيةـ انتقادات علنية شديدة للسياسات الإسرائيلية التي قال إنها تضر بالمسيحيين الفلسطينيين والأجانب على حد سواء".
وبحسب التقرير، فإن غضب هاكابي "يعكس تململاً واسعًا داخل التيار الإنجيلي الأميركي من سلوك الحكومة الإسرائيلية، الأمر الذي قد تكون له تداعيات سياسية مباشرة على دعم تل أبيب داخل الحزب الجمهوري".
وجاءت انتقادات هاكابي، كما يذكر معد التقرير، بعد أيام فقط من زيارته إلى قرية الطيبة في الضفة الغربية، حيث أضرم مستوطنون النار في كنيسة محلية. ووصف هاكابي ما جرى بأنه "عمل إرهابي، وجريمة ضد المقدسات".
وأوضح التقرير أن هذه ليست المرة الأولى التي يُدين فيها هاكابي أفعال المستوطنين، حيث جاءت تصريحاته بعد أيام من استشهاد الشاب الذي يحمل الجنسية الأميركية سيف الله مسلط (20 عاما) إثر اعتداء مستوطنين عليه، أول أمس الجمعة، قرب مدينة رام الله بالضفة الغربية.

تحذير
وكشف بن صامويلز عن توجيه هاكابي رسالة شديدة اللهجة إلى وزير الداخلية الإسرائيلي موشيه أربيل، أعرب فيها عن خيبة أمله بسبب فشل اجتماع سابق في معالجة أزمة منح التأشيرات للمنظمات المسيحية.
إعلانوقال هاكابي إن استمرار التضييق على الجماعات المسيحية سيدفع السفارة الأميركية إلى إصدار بيان علني يُعلن أن "إسرائيل لم تعد ترحب بالمنظمات المسيحية"، مهددًا صراحة بأن السفارة ستدرس معاملة بالمثل للمواطنين الإسرائيليين الراغبين في دخول الولايات المتحدة.
ونقل التقرير عن هاكابي تحذيره من أن استمرار هذه السياسات "قد يُهدد عضوية إسرائيل في برنامج الإعفاء من التأشيرة، الذي انضمت إليه قبل نحو عامين فقط".
وأشار المراسل الإسرائيلي إلى أن غضب المسيحيين الأميركيين ازداد بعد الهجوم الإسرائيلي على الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة، والذي دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تقديم اعتذار نادر بعد اتصالات مع كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبابا الفاتيكان ليو الـ14.
وفي تطور لافت، دخل الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، المدير الرسولي لبطريركية اللاتين الكاثوليك الحالي في القدس، وهو أعلى مسؤول كاثوليكي في المدينة المقدسة، إلى غزة في زيارة إنسانية نادرة، مشككا في الرواية الإسرائيلية التي زعمت أنه "حادث عرضي".
وقال بيتسابالا، في مقابلة مع صحيفة إيطالية، "يقولون إنه كان خطأ، حتى لو كان الجميع هنا يعتقد أنه ليس كذلك"، مؤكدًا أن الوجود المسيحي في غزة سيبقى "مهما حدث".

انتقادات جمهورية
ويرى مراسل الصحيفة الإسرائيلية أن "تأثير هذه التطورات بدأ يظهر داخل الحزب الجمهوري"، ونقل عن المعلق الأميركي المحافظ مايكل نول قوله "أنتم تخسرونني. الحكومة الإسرائيلية تُحدث فوضى عارمة. يجب أن تنتهي هذه الحرب المروعة تماما".
كما نقل عن النائب الجمهوري رايلي مور دعوته لإسرائيل بـ"ضمان حماية الكنائس والمواقع المسيحية"، معتبرا ذلك انتقادا نادرا يصدر عن أعضاء جمهوريين في مجلس النواب.
وأشار المراسل إلى أن رد الفعل الأكثر حدة كان من النائبة الجمهورية عن ولاية جورجيا مارجوري تايلور غرين، أبرز منتقدي ترامب في قاعدة مؤيديه "لنجعل أميركا عظيمة مجددا"، التي قدمت تعديلًا على مشروع قانون الدفاع الأميركي، ودعت لإلغاء المساعدات العسكرية الإضافية لإسرائيل بقيمة 500 مليون دولار، مستشهدة بالقصف الإسرائيلي للكنيسة في غزة.
وقالت في كلمتها "يُباد شعب بأكمله بينما تواصل إسرائيل حربها العدوانية"، وأضافت "لديهم أسلحة نووية، ونظام رعاية صحية وتعليم عال ممول، بينما تبلغ ديون الأميركيين 37 تريليون دولار".
كما لفت المراسل إلى التحول السياسي داخل تيار "لنجعل أميركا عظيمة مجددا" قائلا إنه "أصبح أكثر وضوحا، مع انفتاح بعض رموزه على خطاب أكثر نقدا للسياسات الإسرائيلية، مثل ما عبّر عنه الإعلامي تاكر كارلسون حين استضاف القس الفلسطيني مونتر إسحاق للحديث عن اضطهاد المسيحيين".
واختتم صامويلز تقريره بالتأكيد على أن ما يجري "لا يمثل أزمة عابرة، بل يعكس تحولا أعمق داخل التيار الإنجيلي المحافظ المؤيد لترامب، حيث بدأت العديد من الشخصيات داخله تدعو لإعادة النظر في دعم الولايات المتحدة غير المشروط لإسرائيل، لا سيما في ظل انتهاكها لحقوق المسيحيين الفلسطينيين وتجاهلها للتحذيرات".
إعلانيذكر أن القصف الإسرائيلي على قطاع غزة طال مئات المساجد منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث وثقت وزارة الأوقاف في غزة تدمير أكثر من 966 مسجدا في القطاع بشكل كلي أو جزئي خلال العام الماضي، ولم تُقابل هذه الانتهاكات بانتقادات دولية.