خاص - شبكة قدس الإخبارية: منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة قبل عام، ولإجرام الإسرائيلي المتصاعد في الضفة الغربية، مع الهجمة الاستيطانية الواسعة على المسجد الأقصى المبارك، تُطرح التساؤلات حول أبرز الساحات في مواجهة الاحتلال، والتي برزت بشكلٍ واسع في خضم معركة سيف القدس عام 2021، وهي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 ومدينة القدس، أو ما بات يُعرف بالداخل الفلسطيني المحتل.
يمكن القول، أن الثقل الجماهيري الذي شكله فلسطينيو الداخل وسكان القدس في معركة سيف القدس، قد جعلهم محط أنظار في معركة طوفان الأقصى، لاشعال العمق الإسرائيلي بالمواجهات العنيفة، وفتح جبهة إضافية، تشاطر المقاومة في غزة والضفة عبء المواجهة، بينما غاب الحراك الجماهيري بشكلٍ شبه تام بالداخل والقدس.
عوض هذا الغياب، عدداً من العمليات الفردية المؤثر، التي نفذها شباب من سكان القدس والداخل المحتل، والتي أوقعت قتلى وجرحى رغم تواضع الإمكانيات المتوفرة، فيما يتعرض الداخل لمحاولات تغيب مستمرة من قبل الاحتلال، وحصر اهتماماتهم بما يتعلق في حيزهم الشخصي دون الالتفات للتطورات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، نسلط الضوء في هذا التقرير على عددٍ من هذه العمليات ومنفذيها.
إطلاق نار وطعن على امتداد الوطن المحتل
في الأسبوع الأول للإبادة انطلق الشهيد خالد المحتسب من بلدة بيت حنينا، وأطلق النار اتجاه نقطة تفتيش لشرطة الاحتلال قرب باب العامود في القدس المحتلة، ليصيب عنصرين من عناصر شرطة الاحتلال، فكانت عمليته فاتحة العمليات التي انطلق بها المقدسيون وسكان الداخل المحتل،
وبتاريخ 30 تشرين ثاني/نوفمبر 2023، أطلق الشقيقان مراد وإبراهيم نمر، النار على موقف حافلاتٍ للمستوطنين في مستوطنة "راموت" بالقدس المحتلة، وقد أسفرت العملية عن مقتل 4 مستوطنين وإصابة 5 آخرين، تبعهم بساعات الفتى آدم أبو الهوى من حي الطور حيث طعن شرطياً من جيش الاحتلال وأصابه بجروح خطيرة في البلدة القديمة بالقدس.
تبع الشقيقان نمر، الشهيد وسيم أبو الهيجا، من مدينة طمرة شمال فلسطين المحتلة، والذي تمكن من دهس جندي من جيش الاحتلال وإصابته بجروحٍ خطيرة، قرب قاعدة سلاح البحرية الإسرائيلية في مدينة حيفا.
ولم تمضِ أياماً قليلة حتى انطلق الشيخ فادي جمجوم من مدينة القدس المحتلة، وقطع مسافة أكثر من 50 كيلومتراً، باتجاه مستوطنة "كريات مخلاي" جنوب فلسطين المحتلة، وأطلق النار باتجاه مجموعة مستوطنين، ونتج عن العملية مقتل اثنين من المستوطنين، وإصابة 4 قبل استشهاده برصاص الاحتلال.
أما الشهيد وهب شبيطة من مدينة الطيرة المحتلة، فنفذ عملية طعن ودهس مزدوجة على حاجز "الياهو" قرب مدينة قلقيلية وتمكن من إصابة 4 مستوطنين بجروح متفاوتة، قبل إطلاق جنود الاحتلال النار عليه.
وبذات الطريقة، نفذ الشهيد فادي أبو لطيف من مدينة رهط في النقب، عملية طعن استهدف بها مجموعة من مستوطني وجنود الاحتلال على مدخل مستوطنة "بيت كاما" وتمكن من قتل جندي وإصابة 3 مستوطنين آخرين.
وبعدها بأيام نفذ الشهيد ناجي أبو فريح من رهط، عملية مشابهة في مدينة بئر السبع المحتلة أدت لإصابة مستوطنين اثنين.
ولم تنقطع عمليات الطعن في داخل المحتل على مدار الشهور الماضية، وكان من بينها عملية طعن نفذها الشهيد سعيد أبو غنام في مدينة الرملة المحتلة، نتج عن العملية إصابة مستوطنة إسرائيلية، إضافة لعملية الشهيد جواد ربيع، وهو من قرية نحف بالجليل المحتل، والذي استطاع قتل ضابط من سلاح المدرعات طعناً بالسكين، في مستوطنة "كرمئيل" في شهر تموز الماضي.
أما العملية الأبرز فكانت من تنفيذ الشهيد أحمد العقبي من قرية حورة بالنقب، عندما أطلق النار على مجموعة من الجنود والمستوطنين في مطعم "ماكدونالز" ببئر السبع، نتج عنها مقتل مجندة من حرس الحدود، وأصيب 3 آخرين بجروح مختلفة، وكان ذلك بتاريخ 6 تشرين أول/أكتوبر الماضي.
أصعب عمليات الدهس
صباح اليوم الأحد، وقرب مقر وحدة الاستخبارات العسكرية 8200 التابعة لجيش الاحتلال، تمكن الشهيد رامي ناطور من مدينة قلنسوة المحتلة، من دهس عدد كبير من جنود الاحتلال والمستوطنين، والاصطدام بحافلة إسرائيلية تتبع لشركة "إيجد".
أسفرت العملية عن إصابة 50 إسرائيلياً وفق وسائل إعلام عبرية، بعضها وصف بالخطيرة، فيما تحدثت وسائل إعلام عن وقوع 6 قتلى جراء العملية، التي وصفت بأصعب العمليات وأضخمها التي حدثت بالفترة الماضية.
عمليات لا تنقطع وإخفاقات استخباراتية
على الرغم من المحاولات الإسرائيلية المستمرة بعزل مدينة القدس والداخل عن مجريات حرب الإبادة الإسرائيلية والتفاعل معها، من خلال عدة إجراءات ضد الفلسطينيين هناك، مع قمع حرية التعبير بكافة أشكالها، سواء في المظاهرات الاحتجاجية المناهضة لحرب الإبادة أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو نشر أي محتوى يكشف جرائم جيش الاحتلال.
إضافة لقيام سلطات الاحتلال بحملة غير مسبوقة من الاعتقالات على خلفية منشورات فُسّرت بأنها داعمة لغزة، فضلا عن عمل مجتمع الاحتلال سواء الأفراد أو المؤسسات وأبرزها الجامعات على تعقب ومراقبة أي فعل للفلسطين قد يُفسّر على أنه "تحريض" أو "تماثل مع منظمة إرهابية".
وقٌبيل حرب الإبادة أطلقت حكومة الاحتلال قانون الطوارئ، الذي لاحقت به أعداد كبير من الفلسطينيين على خلفية مشاركتهم بهبة الكرامة التي انطلقت بموازة معركة سيف القدس عام 2021، وأصدرت محاكم الاحتلال ضدهم أحكاماً بالسجن لفترات طويلة تصل إلى عدة سنزات، فضلاً عن الغرامات المالية الباهضة.
فيما استمرت حملات الاعتقالات والاستدعاءات للفلسطينيين في القدس والداخل من قبل مخابرات الاحتلال، بعدة ذرائع منها "الحفاظ على الأمن" و "مكافحة الإرهاب"، إضافة لاستخدام سياسة التهديدات والترهيب ضد طلبة الجامعات والموظفين بالمؤسسات الحكومية والقطاعات الخاصة، حيث تم تعرض بعضهم للفصل من الدراسة والعمل، وواجه آخرون ملاحقات أمنية بسبب منشورات على وسائل التواصل فُسّرت على أنها تماهٍ مع المقاومة الفلسطينية وإسناد للفلسطينيين بقطاع غزة وليست مناهضة للحرب.
وفي الواقع، استطاع الشهداء منفذو العمليات بالداخل المحتل والقدس من كسر القيود المفروضة على الشعب الفلسطيني هناك، وإحباط الجهود الاستخباراتية الإسرائيلية من خلال تنفيذ عدة عمليات أوقت أكثر من 10 قتلى إسرائيليين وعشرات الإصابات.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا