Skip to main content

ألفا صفحة من الفضيحة... إليكم القرار الظنّي في ملف الكازينو

08 أيلول 2025

حمل القاضي طارق بو نصار إصراره كما يحمل القاضي ميزان العدالة، ليقود واحدة من أدقّ وأعقد التحقيقات في تاريخ القضاء اللبناني. فعلى الرغم من العطلة القضائية، لم يتوقف لحظة عن متابعة ملف BetArabia وكازينو لبنان، بل واصل عمله الدؤوب متجاوزاً الراحة والوقت، ليُنهي قراراً ظنياً ضخماً تخطّى صفحاته الألفين، جامعاً بين الصرامة في تطبيق القانون والدقة في تثبيت الوقائع. هذا الجهد لم يكن فردياً فحسب، إذ لازمه عمل أمني استثنائي لجهاز أمن الدولة بقيادة مديره اللواء إدغار لواندس. وبذلك، جاء القرار الظني ليُشكّل علامة فارقة في مسار مكافحة الفساد.

هذا وقرر قاضي التحقيق طارق بو نصار بعد التدقيق، وبعد الاطلاع على ورقة الطلب المقدمة من النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي سامي صادر (تحت الرقم 17392 تاريخ 2/7/2025، وما تلاها من محاضر إلحاقية وردت تباعاً بتاريخ 9/7/2025 و10/7/2025 و14/7/2025 و16/7/2025و5/8/2025 و27/8/2025، والتي تضمنت ادعاءات إضافية، وعلى المطالعة في الأساس بتاريخ 2/9/2025 والمكرّر مضمونها في 3/9/2025 )، وعلى مجمل أوراق الملف، لـــــــــذلك، وفقاً لمطالعة النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان وخلافاً لها ولرأيها في بعض طلبات إخلاء السبيل:

ـ الظنّ: بالمدعى عليهما (جاد غ.)، (هشام ع.)، (بمقتضى جنح المواد 363/219 من قانون العقوبات والمادة الأولى من المرسوم الاشتراعي الرقم 156/1983 والمادة /3/ من قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب الرقم 44/2015)، والمدعى عليها شركة Onlive Support Services (OSS) S.A.L. (بمقتضى جنح المواد 363/219/210 من قانون العقوبات والمادة الأولى من المرسوم الاشتراعي الرقم 156/1983 والمادة /3/ من قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب الرقم 44/2015 معطوفتين على المادة /210/ من قانون العقوبات)، وبالمدعى عليه رولان ا. (بمقتضى جنح المواد /363/ -فقرة أولى- من قانون العقوبات والمادة الأولى من المرسوم الاشتراعي الرقم 156/1983 والمادة 13/5 من قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب الرقم 44/2015)، بالمدعى عليها شركة كازينو لبنان ش.م.ل.) بمقتضى جنح المواد /363/ -فقرة أولى- من قانون العقوبات والمادة الأولى من المرسوم الاشتراعي الرقم 156/1983 والمادة 13/5 من قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب الرقم 44/2015، معطوفة جميعها على المادة /210/ من قانون العقوبات)، بالمدعى عليهما داني ع.، ريكاردو ب.( بمقتضى جنح المواد 363/219 و633/219 من قانون العقوبات والمادة الأولى من المرسوم الاشتراعي الرقم 156/1983 والمادة /3/ من قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب الرقم 44/2015 معطوفة على المادة /219/ من قانون العقوبات)، بالمدعى عليهم الن م.، دوري ا.، سيدريك بو ز.، لواء ش.، زياد ص.، روي ش.، فاروج ب.، جورج ن.، رواد ح.، محمّد ف.ا.، أحمد ال.، هيثم ال.، طوني ح.، شربل غ.، روني ر.( بمقتضى جنح المواد 363/219 و/633/ من قانون العقوبات -معطوفة على المادة 219/عقوبات بالنسبة للمدعى عليه شربل غ.، والمادة الأولى من المرسوم الاشتراعي الرقم 156/1983، والمادة 13/5 من قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب الرقم 44/2015).

وإيجاب محاكمتهم أمام حضرة القاضي المنفرد الجزائي في كسروان، وتدريكهم الرسوم والنفقات.

ـ منع المحاكمة: عن المدعى عليهما (رولان ا.) وشركة كازينو لبنان ش.م.ل. ( في جناية المادة /360/ من قانون العقوبات لعدم تحقق العناصر الجرمية، وفي جنحة المادة الثانية من المرسوم الاشتراعي الرقم 156/1983 وفي جنحة /3/ من القانون الرقم 44/2015 - قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب- لعدم تحقّق العناصر الجرمية، وفي جنحة المادة 14/10 من القانون الرقم 189/2020 -قانون التصريح عن الذمة المالية والمصالح ومعاقبة الإثراء غير المشروع- لعدم وجود الدليل، معطوفة جميعها على المادة 210/عقوبات بالنسبة للشركة، ومنع المحاكمة عن المدعى عليه الخوري في جنحة المادة 373/عقوبات لعدم تحقق العناصر الجرميّة)، وعن المدعى عليهم (هشام ع.)، (جاد غ.)، وشركة Onlive Support Services (OSS) S.A.L. (في جناية المادة /360/ من قانون العقوبات وفي جنحة المادة الثانية من المرسوم الاشتراعي الرقم 156/1983، وفي جنحة المادة 14/10 من القانون الرقم 189/2020 -قانون التصريح عن الذمة المالية والمصالح ومعاقبة الإثراء غير المشروع- لعدم تحقق العناصر الجرمية، معطوفة جميعها على المادة 210/عقوبات بالنسبة للشركة)، وعن المدعى عليهم "الن م.)، (دوري ال.)، (سيدريك بو ز.)، (لواء ش.)، (زياد ص.)، (روي ش.)، (فاروج ب.)، (جورج ن.)، (رواد ح.)، (محمّد ف. ا.)، (أحمد ال.)، (هيثم ال.)، (طوني ح.)، (شربل غ.)، (روني ر. )، (في جنحة المادة الثانية من المرسوم الاشتراعي الرقم 156/1983 و/3/ من القانون الرقم 44/2015 - قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب- لعدم تحقّق العناصر الجرمية) وعن المدعى عليهما (داني ع.)، (ريكاردو ب.)، (في جنحة المادة الثانية من المرسوم الاشتراعي الرقم 156/1983 لعدم تحقق العناصر الجرمية )، و(عماد ال.) ( في جنح المواد /363/ و/633/ من قانون العقوبات و/1/ و/2/ من المرسوم الرقم 156/1983 و/3/ من قانون مكافحة تبييض الأموال الرقم 44/2015 لعدم الثبوت).

ـ إصدار مذكرة توقيف غيابية بحق كلّ من المدعى عليهم (هيثم ال.)، (روني ر.)، (هشام ع.)، وتكليف القلم بالتنفيذ.

ـ ردّ طلبات إخلاء السبيل: المقدمة من المدعى عليهم (جاد غ.)، (رولان ال.)، (داني ع.)، (ريكاردو ب.)، وفقاً لرأي النيابة العامة، وفي ضوء ماهيّة الجرم ومواد الادّعاء ومدة التوقيف ونصّ المادة /108/أ.م.ج. التي تحدّد سقف التوقيف الاحتياطي في الجنحة بأربعة أشهر.

ـ إخلاء سبيل: المدعى عليه (محمّد ف. ا.)، (لقاء كفالة ماليّة قدرها أربعة مليارات وخمسون مليون ل.ل. ذات شقين، الأول قدره أربعة مليارات ل.ل. لضمان الحقوق الشخصية أو جزءٍ منها في حال الحكم بها، والثاني قدره خمسون مليون ل.ل. لضمان الحضور والنفقات، ومنعه من السفر.)، والمدعى عليه (أحمد ال.) (لقاء كفالة ماليّة قدرها ثلاثة مليارات وخمسون مليون ل.ل. ذات شقين، الأول قدره ثلاثة مليارات ل.ل. لضمان الحقوق الشخصية أو جزءٍ منها في حال الحكم بها، والثاني قدره خمسون مليون ل.ل. لضمان الحضور والنفقات، ومنعه من السفر)، والمدعى عليه (رواد ح.) (لقاء كفالة ماليّة قدرها ثلاثة مليارات وخمسون مليون ل.ل. ذات شقين، الأول قدره ثلاثة مليارات ل.ل. لضمان الحقوق الشخصية أو جزءٍ منها في حال الحكم بها، والثاني قدره خمسون مليون ل.ل. لضمان الحضور والنفقات، ومنعه من السفر)، والمدعى عليه (زياد ص.) ( لقاء كفالة ماليّة قدرها أربعة مليارات وخمسون مليون ل.ل. ذات شقين، الأول قدره أربعة مليارات ل.ل. لضمان الحقوق الشخصية أو جزءٍ منها في حال الحكم بها، والثاني قدره خمسون مليون ل.ل. لضمان الحضور والنفقات، ومنعه من السفر)، والمدعى عليه (فاروج ب.) (لقاء كفالة ماليّة قدرها أربعة مليارات وخمسون مليون ل.ل. ذات شقين، الأول قدره أربعة مليارات ل.ل. لضمان الحقوق الشخصية أو جزءٍ منها في حال الحكم بها، والثاني قدره خمسون مليون ل.ل. لضمان الحضور والنفقات، ومنعه من السفر)، والمدعى عليه (طوني ح.) (لقاء كفالة ماليّة قدرها ملياران وخمسون مليون ل.ل. ذات شقين، الأول قدره مليارا ل.ل. لضمان الحقوق الشخصية أو جزءٍ منها في حال الحكم بها، والثاني قدره خمسون مليون ل.ل. لضمان الحضور والنفقات، ومنعه من السفر)، والمدعى عليه (جورج ن.) (لقاء كفالة ماليّة قدرها خمسة مليارات وخمسون مليون ل.ل. ذات شقين، الأول قدره خمسة مليارات ل.ل. لضمان الحقوق الشخصية أو جزءٍ منها في حال الحكم بها، والثاني قدره خمسون مليون ل.ل. لضمان الحضور والنفقات، ومنعه من السفر)، والمدعى عليه (الن م.) ( لقاء كفالة ماليّة قدرها ملياران وخمسمائة وخمسون مليون ل.ل. ذات شقين، الأول قدره ملياران وخمسمائة مليون ل.ل. لضمان الحقوق الشخصية أو جزءٍ منها في حال الحكم بها، والثاني قدره خمسون مليون ل.ل. لضمان الحضور والنفقات، ومنعه من السفر)، والمدعى عليه (لواء ش.) (لقاء كفالة ماليّة قدرها ملياران وخمسمائة وخمسون مليون ل.ل. ذات شقين، الأول قدره ملياران وخمسمائة مليون ل.ل. لضمان الحقوق الشخصية أو جزءٍ منها في حال الحكم بها، والثاني قدره خمسون مليون ل.ل. لضمان الحضور والنفقات، ومنعه من السفر)، والمدعى عليه (دوري ال.) ( لقاء كفالة ماليّة قدرها خمسة مليارات وخمسون مليون ل.ل. ذات شقين، الأول قدره خمسة مليارات ل.ل. لضمان الحقوق الشخصية أو جزءٍ منها في حال الحكم بها، والثاني قدره خمسون مليون ل.ل. لضمان الحضور والنفقات، ومنعه من السفر.)، والمدعى عليه (سيدريك بو ز.) ( لقاء كفالة ماليّة قدرها أربعة مليارات وخمسون مليون ل.ل. ذات شقين، الأول قدره أربعة مليارات ل.ل. لضمان الحقوق الشخصية أو جزءٍ منها في حال الحكم بها، والثاني قدره خمسون مليون ل.ل. لضمان الحضور والنفقات، ومنعه من السفر.)، والمدعى عليه (روي ش.) (لقاء كفالة ماليّة قدرها عشرة مليارات وخمسون مليون ل.ل. ذات شقين، الأول قدره عشرة مليارات ل.ل. لضمان الحقوق الشخصية أو جزءٍ منها في حال الحكم بها، والثاني قدره خمسون مليون ل.ل. لضمان الحضور والنفقات، ومنعه من السفر).

في ضوء ماهية الجرم ومدة التوقيف وحجم الأعمال ووقوعات السجل العدلي، وخلافاً لرأي النيابة العامة،

ـ ردّ طلبات فضّ الأختام عن الصالات والإبقاء عليها مقفلة وردّ طلبات استرداد المضبوطات المقدمة من المدعى عليهم وردّ كل ما زاد أو خالف من طلبات لعدم القانونية.

تحليل القرار الظني

قرار قضائي غير مسبوق أعاد فتح ملف كازينو لبنان وما ارتبط به من فضيحة تطبيق Betarabia والشركة المشغّلة OSS، بعدما أصدر قاضي التحقيق في جبل لبنان طارق بو نصار، قراراً ظنياً ضخماً شكّل محطة مفصلية في مسار هذا الملف الذي هزّ الأوساط القضائية والسياسية والاقتصادية في البلاد.

هذا القرار، الذي جاء بعد تحقيقات استمرّت أشهراً وترافقت مع محاضر إلحاقية عديدة، كشف حجم الانتهاكات المالية والقانونية التي ارتكبت من خلال استغلال الامتياز الحصري الممنوح لكازينو لبنان، وتحويله إلى منصة تُستخدم للتربّح غير المشروع، والتهرّب الضريبي، وتبييض الأموال عبر أدوات رقمية يصعب تتبّعها.

القاضي طارق بو نصار، الذي بذل جهداً استثنائياً في دراسة الملف وتحقيقاته، استند في قراره إلى ورقة الطلب الصادرة بتاريخ 2 تموز 2025، وما تبعها من ادعاءات إضافية، ليكشف عن منظومة متكاملة من التجاوزات. وقد تبيّن أنّ المدعى عليهم، وبينهم أسماء بارزة مثل رولان خوري رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان، جاد غاريوس ممثل شركة OSS، داني عبود، والمتواري هشام عيتاني، إضافة إلى عشرات الوكلاء الثانويين، تورّطوا في عمليات هدرت المال العام بشكل منهجي.

الوكلاء كانوا يتقاضون عمولات

تتراوح بين 20% و40%

بدت آلية الهدر واضحة: كان الوكلاء يتقاضون عمولات تتراوح بين 20% و40% من خسائر الزبائن في ألعاب القمار عبر تطبيق Betarabia، وليس من أرباحهم، وهو أمر يناقض أبسط القواعد التجارية. هذه العمولات لم تقتطع من أرباح الشركة، بل من الخسائر التي تكبدها اللاعبون، ما عنى أنّ الخسارة تحوّلت إلى مصدر دخل للوكلاء والشركاء على حساب كازينو لبنان، وبالتالي على حساب المال العام.

أرقام تكشف الفضيحة

ان الأرقام التي أوردها القرار تكشف الفضيحة بوضوح: 78.28% من الزبائن كانوا يمرون عبر الوكلاء المرتبطين بـ OSS، وتُدفع لهم نسبة 40% من الخسائر، فيما لا تزيد نسبة الزبائن الذين يضعون أموالهم مباشرة في الكازينو عن 21.72%. وبذلك، بدلاً من أن يستفيد الكازينو من كامل الخسائر – وهو ما يفترض أن يكون حالياً بحكم الامتياز الممنوح له – جرى اقتطاع الجزء الأكبر منها وتحويله إلى الوكلاء والشركات الخاصة.

لكن الأخطر أنّ هذا النمط من التعامل لم يقتصر على هدر المال العام، بل شمل تهرباً ضريبياً واسع النطاق. إذ إنّ الوكلاء والشركات لم يصرّحوا عن الأرباح المتأتية من هذه العمولات، ما حرم الخزينة العامة من إيرادات بملايين الدولارات.

ثم جاءت الفضيحة الكبرى: استخدام العملة الرقمية USDT كوسيلة لتحويل الأموال وتبييضها. القرار أشار إلى أنّ عشرات ملايين الدولارات حُوّلت عبر هذه العملة، التي لا يمكن تتبّع مصدرها بسهولة، ليتم لاحقاً تحويلها إلى الدولار الأميركي وسحبها من المصارف اللبنانية أو مراكز التحويل. هذا الأسلوب أعطى المدعى عليهم حرية شبه مطلقة في تمرير الأموال بعيداً عن أعين الرقابة المصرفية والضريبية.

الدخول من دون التحقق من الهويات

لم يقتصر الأمر على ذلك، إذ بيّن القرار أنّ المدعى عليهم عمدوا إلى فتح صالات لعب تحت غطاء "رخصة سباق الخيل"، وزوّدوها بشاشات لتمكين الزبائن من ممارسة ألعاب القمار عبر الإنترنت، رغم أنّ القانون يحصر هذه الأنشطة داخل كازينو لبنان فقط. والأسوأ أنّ الزبائن كانوا يُسمح لهم بالدخول من دون التحقق من هوياتهم، بل إنّ بعضهم كان يلعب من خلال حسابات جاهزة داخل الصالات، في خرق واضح للأنظمة المرعية.

هذه الوقائع دفعت القاضي طارق بو نصار إلى اعتبار أنّ ما حصل يشكّل جرائم متعددة، أبرزها: هدر المال العام، التهرب الضريبي، وتبييض الأموال، استناداً إلى المواد 363 و633 من قانون العقوبات، المرسوم 156/1983، وقانون مكافحة تبييض الأموال رقم 44/2015.

في هذا القرار، برز اسم القاضي بو نصار كدينامو التحقيق، حيث أوضح في نصه أنّ ما كُشف لا يمكن اعتباره مجرد مخالفات عابرة، بل هو منظومة فساد متكاملة سمحت لشركات وأشخاص باستغلال موقعهم القانوني، لتحقيق أرباح هائلة على حساب الدولة والمجتمع.

إذا كان قرار القاضي طارق بو نصار قد عرض صورة عامة عن حجم المخالفات، يضع الضوء مباشرة على الأسماء الأساسية التي تحولت إلى عناوين الفضيحة: رولان خوري، جاد غاريوس، داني عبود، وهشام عيتاني. هؤلاء لم يكونوا مجرد وكلاء أو متعاونين، بل كانوا في موقع القرار أو على تماس مباشر مع إدارة الشركات، وبالتالي يتحملون المسؤولية الكبرى عن الانتهاكات.

رولان خوري، بصفته رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان، كان المسؤول الأول عن حماية الامتياز الممنوح للكازينو وضمان عدم التفريط به. إلا أن القرار بيّن أنّ إدارة الكازينو وافقت على منح وكلاء OSS حق الحصول على عمولات من خسائر اللاعبين، ما يعني عملياً أنّ خوري وفريقه سمحوا بتسريب جزء أساسي من الإيرادات إلى أطراف خاصة لا يحق لها قانوناً تقاضي هذه المبالغ. وبذلك، فإنّ توقيعه وموافقته لم يكونا مجرد خطأ إداري، بل مشاركة فعلية في هدر المال العام.

أما جاد غاريوس، الذي يمثل شركة OSS ومفوض بالتوقيع عنها، فقد ظهر في القرار كالعقل التنفيذي للعمليات. غاريوس كان مسؤولاً عن إدارة العلاقة مع الوكلاء، وعن تنظيم تحويل الأموال عبر المنصات الرقمية، بما في ذلك استخدام العملة المستقرة USDT كوسيلة رئيسية لتمرير العمولات والأرباح. دوره لم يقتصر على إدارة تقنية، بل كان محورياً في تصميم شبكة مالية سمحت بتهريب الأموال وتبييضها بعيداً عن رقابة السلطات.

إلى جانب خوري وغاريوس، يبرز اسم داني عبود، الذي عمل على تجهيز وتشغيل بعض الصالات غير الشرعية، متذرعاً بحيازته رخصة سباق خيل. القرار أشار بوضوح إلى أنّ هذه الصالات لم يكن مسموحاً لها قانوناً بممارسة ألعاب القمار الإلكترونية، ومع ذلك كانت تفتح أبوابها للزبائن وتتيح لهم اللعب عبر حسابات معدة مسبقاً. عبود كان إذاً جزءاً من واجهة تجارية غير قانونية غطت على عمليات التلاعب بالمال العام.

أما هشام عيتاني المتواري، فورد اسمه في القرار كأحد المتورطين في إدارة هذه المنظومة المالية غير المشروعة، مع دوره في عمليات التحويلات الرقمية والتنسيق مع المصارف ومراكز الصرف. توقيفه غيابياً شكّل دلالة إضافية على أنّ التحقيقات لم تكن شكلية، بل وصلت إلى مستويات من المسؤولية العالية.

هذه الأسماء الأربعة لم تأتِ في القرار عرضاً، بل جرى إبرازها لأنها تمثل نقاط الارتكاز في القضية:

• خوري يمثل الشرعية الرسمية لكازينو لبنان.

• غاريوس يمثل الذراع التنفيذية لشركة OSS.

• عبود يمثل الوجه التشغيلي للصالات غير الشرعية.

• عيتاني يمثل الرابط المالي في إدارة التحويلات.

لكن الفضيحة لم تقتصر على الأفراد والشركات. فالقاضي طارق بو نصار أشار إلى أنّ ما جرى ما كان ليحدث لولا صدور مرسوم استثنائي وقّعه رئيس الجمهورية السابق، ورئيس حكومة سابق، ووزيران. هذا المرسوم، الذي منح تغطية قانونية مشبوهة لأنشطة Betarabia وOSS، اعتبره القاضي في متن قراره خرقاً فاضحاً للقانون والدستور، إذ لم يكن هناك أي سند قانوني يسمح بتجاوز الامتياز الحصري لكازينو لبنان.

تحوّل القضية إلى فضيحة سياسية – دستورية بامتياز

هنا تكمن الفضيحة الكبرى: لم تعد القضية مجرّد تهرب ضريبي أو تبييض أموال، بل تحوّلت إلى فضيحة سياسية – دستورية بامتياز. إذ كيف لرئيس جمهورية، ورئيس حكومة، ووزيرين أن يوقّعوا مرسوماً يخالف القوانين المرعية ويتيح عملياً تقويض الامتياز الوحيد الممنوح للكازينو؟

المرسوم الاستثنائي، بدلاً من أن يكون أداة تنظيمية، تحوّل إلى باب واسع للتلاعب بالقوانين. وبذلك، فإنّ الخسائر التي تكبدتها خزينة الدولة لم تكن نتيجة "ممارسات سرية" فحسب، بل جاءت نتيجة قرار سياسي موّقع بالأسماء والأختام. هنا شدد القاضي بو نصار في قراره على أن هذا الأمر يشكل فضيحة تضاهي في خطورتها قضية التهرب الضريبي وتبييض الأموال، إن لم تكن أكبر، لأنه يمس مباشرة بشرعية المؤسسات الدستورية ويضع علامة استفهام على دور السلطة التنفيذية في حماية المال العام.

روجيه أبو فاضل - الديار

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا