التمرد يتصاعد بموزمبيق بعد 4 سنوات من التدخل الرواندي

حفظ
بعد مرور 4 سنوات على نشر قوات رواندية وقوات من مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (سادك) بموزمبيق في يوليو/تموز2021، لا تزال الأوضاع الأمنية في منطقة شمال كابو ديلغادو مضطربة، ما يتناقض مع تأكيدات حكومة مابوتو بأن التمرد يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولا تزال الجهود الأمنية، بما فيها تلك التي تبذلها القوات الرواندية، تتسم برد الفعل والتأخر.
الرئيس الموزمبيقي دانيال تشابو يواجه تحديات كبيرة في هذه المقاطعة المنكوبة، حيث أصبحت الديناميكيات السياسية والأمنية أكثر تعقيدًا، وسط تصاعد التنافس على السلطة في أنحاء البلاد.
ولا تزال الخلافات بشأن الانتخابات العامة التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي دون حل على المستوى الوطني.
القوات الرواندا
في 29 أغسطس/آب، أعلن عن توقيع اتفاق جديد بشأن وضع القوات مع رواندا، وهو اتفاق لا يقدّم ضمانات بشأن إستراتيجية جديدة لمكافحة التمرد في كابو ديلغادو.
ويحدد الاتفاق الإطار القانوني لعمل القوات الرواندية في موزمبيق، وقد يمهد الطريق لإنشاء قاعدة دائمة في المقاطعة.

وجاء الاتفاق بعد قمة استمرت يومين بين الرئيس تشابو ونظيره الرواندي بول كاغامي في كيغالي.
الفصيل الرئيسي للتمرد -جماعة أهل السنة والجماعة- الذي تعرض لانهيار كبير في عامي 2021 و2022، أعاد بناء قدراته تدريجيًا.
وتقدّر أعداد المقاتلين النشطين بالمئات، وقد غيّرت الجماعة من تكتيكاتها، وأعادت بناء شبكاتها، وتجنّبت المواجهة المباشرة، باستثناء هجمات متفرقة على مواقع الجيش الموزمبيقي أسفرت عن مقتل العشرات مؤخرًا، كما أصبح استهداف القوات الرواندية أكثر وضوحًا.
يحافظ تنظيم الدولة الإسلامية على تغطية إعلامية منتظمة لفرعه في موزمبيق، بما في ذلك إصدار فيديو مدته 18 دقيقة في 11 أغسطس/ آب.
إعلانوقد عززت الجماعة علاقاتها مع المجتمعات المتقبّلة لها، ودرّبت مقاتلين جدد في معقلها بغابة كاتوبا، وسعت للوصول إلى مناطق مسلمة نائية.
في بعض المناطق، بدأت الجماعة في جمع الضرائب بطرق تتداخل مع التهريب والجريمة المنظمة.
وقد وفّر عودة مئات الآلاف من النازحين داخليًا، التي اعتبرتها مابوتو دليلًا على الاستقرار، فرصًا جديدة لهذه الأنشطة.
الهجمات الدامية
الهجمات الدامية في منطقة بالما شمال شرق البلاد في أغسطس/آب، وفي موكيمبوا دا برايا في سبتمبر/أيلول، قوّضت مزاعم الحكومة بأن المنطقة أصبحت آمنة.
في يوليو/تموز، تحرك نحو 60 متمردًا جنوبًا من غابات كاتوبا في ماكوميا، وانقسموا إلى مجموعتين ونشروا الفوضى في منطقتي أنكويبي وشيوري، ما أدى إلى تهجير أكثر من 60 ألف شخص خلال أسبوعين إلى 3.

رغم التحذيرات المسبقة بشأن تحركات المتمردين، لم ترد القوات الموزمبيقية والرواندية إلا بعد نحو أسبوعين، ما قد يشجع المتمردين على مواصلة إستراتيجية منخفضة المستوى ومتعددة الجبهات ترهق قوات الدولة.
وتواصل الميليشيات المحلية توفير الدفاع الأمامي في بعض المجتمعات، لكنها تعقّد المشهد الأمني.
ووفقًا لتقارير محلية، قُتل شرطيان يُشتبه في انتمائهما للمتمردين تحت التعذيب في قرية نفينيفيني بمنطقة شيوري في أواخر يوليو/تموز.
وسُجلت أنشطة للمتمردين في ثماني من أصل 17 منطقة في كابو ديلغادو خلال أغسطس/آب، بما في ذلك عدة مناطق في بالما، ما أثار صدمة لدى السلطات.
المقاطعة، التي تحتضن مشروع الغاز الطبيعي المسال التابع لشركة توتال إنرجيز بقيمة تفوق 20 مليار دولار، لم تشهد أي حوادث تقريبًا في عام 2025 حتى الآن.
وتستعد الشركة الفرنسية لاستئناف العمليات، المتوقفة منذ أبريل/ نيسان 2021، بعد أن وقّعت مذكرة تفاهم أمنية مع الحكومة الموزمبيقية، لكن شروطها لا تزال سرية.
وتركّز أعمال البناء في شبه جزيرة أفونغي على إنشاء محيط أمني محصّن باستخدام الطائرات المسيّرة وكاميرات المراقبة وأنظمة تقنية متقدمة.
المنطقة الخضراء
وفي مايو/ أيار تخلّت الشركة عن استخدام الطرق البرية لنقل الإمدادات والأفراد، ما يشير إلى اعتماد نموذج "المنطقة الخضراء" الأمنية، أي إنشاء منطقة محصّنة بشدة.
وقد أثار هذا القرار انتقادات حادة من أصحاب الأعمال المحليين الذين لن يتمكنوا الآن من الاستفادة اقتصاديًا من وجود المجمع الغازي.
ولا يزال تأثير ذلك على إستراتيجية الجماعة الإسلامية غير واضح، فقد تعهّد تنظيم الدولة الإسلامية منذ فترة طويلة باستهداف المواقع التجارية، لكن مثل هذه الهجمات لا تزال محدودة.
وتبدأ سمعة رواندا كجهة أمنية فعالة في التراجع، إذ تواصل قواتها توفير الأمن الثابت ودوريات الطرق الرئيسية، لكنها تفتقر إلى القدرة الفعالة على مكافحة التمرد.
وبعد طرد المتمردين من على ساحل ماكوميا في النصف الثاني من عام 2024، سحبت القوات الرواندية مروحياتها الهجومية.

وكما هو الحال مع بعثة مجموعة سادك التي حلّت محلها، فشلت في تهدئة المقاطعة، ولا يزال المتمردون ينشطون بحرية نسبية.
إعلانوقد لاحظت مجموعات مجتمعية تراجعًا حادًا في ردود فعل القوات الرواندية على هجمات المتمردين، وتنتظر لترى ما إذا كانت الاتفاقيات الأمنية الجديدة ستؤدي إلى مزيد من الجدية.
أما القوات الأمنية الموزمبيقية فقد أصبحت أكثر نشاطًا، لكن تأثيرها لا يزال محل شك.
وعلى الرغم من تصريحات الجنرال لويس باروس، قائد بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة في موزمبيق، بأن وحدات التدخل السريع المدربة من قبل الاتحاد الأوروبي تمثل "نقطة تحول"، إلا أنه وغيره يقرّون بأن معالجة الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ستستغرق سنوات.
وتواجه حكومة مابوتو اتهامات بارتكاب قواتها لانتهاكات، ففي حادثتين وقعتا في أغسطس/آب، اتُهمت البحرية الموزمبيقية بقتل مدنيين على سواحل بالما وماكوميا.
ولا تزال حماية السواحل تمثل نقطة ضعف خطيرة للقوة التي تعاني من نقص الموارد.