Skip to main content

المصارف عادت للاقراض ضمن شروط واقعية ومؤكدة

19 أيلول 2025

بعد توقفها لحوالى ست سنوات منذ بدء الأزمة في لبنان في العام 2019، عادت المصارف اللبنانية لمنح القروض، ووفق المعلومات يتم الاتصال بالعملاء لإطلاعهم على عودة هذه الخدمة.

إعادة القروض إلى القطاع المصرفي ينتظره الكثيرون من اللبنانيين لبناء مستقبلهم والاستثمار وإعادة الاقتصاد إلى دورته الطبيعية. لكن في المقابل، ترفضها جمعيات المودعين قبل أن تسترد ودائعها العالقة. ولذلك يحاول مصرف لبنان بالتعاون مع المصارف، وضع صياغة قانون يشترط على المستفيد تسديد هذه الديون بعملتها أو بما يوازيها بالليرة اللبنانية، وفقاً للسعر المعتمد من البنك المركزي، البالغ حالياً 89.5 ألف ليرة لكل دولار، أي إذا اقترض مواطن بالدولار فعليه أن يسدد القرض بالدولار أو على 89500 ليرة.

من المعروف عالمياً أنّ القطاع المصرفي يؤدي دورًا مهماً في تمويل الأفراد والشركات، وتتيح البنوك والمؤسسات المالية للأفراد الحصول على القروض الشخصية وتمويل المشتريات الكبيرة مثل العقارات والسيارات. بالإضافة إلى ذلك، يقدم القطاع المصرفي التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة لتطوير أعمالها وتمويل مشاريعها الجديدة.

ويساهم التمويل في دفع عجلة الاقتصاد وتعزيز النشاط الاقتصادي، وعندما تحظى البنوك بسيولة مالية كافية، يمكنها زيادة عروض القروض وتخفيض أسعار الفائدة، مما يشجع الأفراد والشركات على اتخاذ المزيد من القروض واستثمارها في مشاريع جديدة وتوسيع الأعمال الحالية، كما يساهم في الحفاظ على استقرار النظام المالي.

في هذا الإطار يقول الباحث المقيم في كلية سليمان العليان لإدارة الأعمال (OSB) في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) الدكتور محمد فحيلي في حديث لـ"الديار": بالنسبة الى المعنى التقليدي للإقراض، فإن جزءاً من المصارف ما بين 7 - 10 مصارف، حافظت على علاقة جيدة بزبائنها، خصوصا المستوردين والمصدرين، و حافظت على علاقة جيدة مع المصارف المراسلة وتابعت تمويل التجارة العالمية، وكان لها نشاطات مصرفية عابرة للحدود، لافتاً أن هذا الأمر بحد ذاته تسليفات، لأنه عندما يريد المستورد استيراد البضائع، يقوم بفتح الاعتمادات، التي تعتبر بدورها نوعا من التسليفات. كما ان المصارف قامت بتأمين الأموال، ليقوم المستورد بتسديدها الى مورديه.

اما التسليفات التي تم ايقافها نهائياً فهي تلك المتعلقة بالافراد، يقول فحيلي كالقروض الشخصية وقروض السيارات وبطاقات الائتمان وغيرها، لكن في المقابل، تابعت المؤسسات الكبرى علاقاتها مع المصارف، واستمر حصولها على خدماتها. حتى ان بعض المصارف، التي لم يكن باستطاعتها إجراء عمليات عابرة للحدود، استطاعت تقديم الخدمات لزبائنها من المؤسسات، من خلال مصارف اخرى تستطيع إجراء تلك العمليات، مؤكداً أن المشكلة الوحيدة هي عدم عودة القروض للافراد، او العمليات المصرفية بالتجزئة.

ولا يؤيد فحيلي فكرة التحدث عن القطاع المصرفي بشكل عام فالمصارف التي نجحت في إعادة تكوين جزء كبير من سيولتها وحافظت على علاقة جيدة مع المصارف المراسلة، ستعود تدريجيا لتخدم الاقتصاد اللبناني، بحسب ما يتوافر لديها من سيولة، من دون وجود قاعدة موحدة تطبق على كل المصارف اللبنانية، لأنها لا تمتلك قاسما مشتركا، "هذا يعود الى حجم السيولة في كل مصرف، وطبيعة طلبات الخدمات المصرفية من قبل الزبائن، اعتقد أننا سنرى بوادر هذا الامر مع تحسن ثقة الشعب اللبناني بالقيادة السياسية، فكلما أصدرت السلطة مواقف وقرارات تريح المواطن اللبناني، كلما استطاعت المصارف للعودة الى خدمة الاقتصاد وتفعيل مكانها، وتقديم المزيد من الخدمات".

وحول كيفية تقديم الخدمات قال فحيلي: اليوم سيغير المصرف من طريقة دراسته للملف، وليس كما كان يفعل سابقا، على أن يكون متأكدا 100% أن أموال القرض سترجع اليه، بما يشمل التأكد من دخل طالب القرض وعلاقته التاريخية مع المصرف، وخلو ملفه من اي دعوى قانونية موضحاً اذا توافرت تلك الشروط، يعطى القرض الى المقترض، الذي سيعيد الاموال الى المصرف بالدولار الفريش "وتقنياً هذا الأمر متوافر حالياً لأننا اليوم يمكننا فتح حساب فريش تحت أحكام التعميم 165 وفي هذه الحالة يمكن إعطاء قروض فريش اذا كان هناك ضمان من سدادها مئة في المئة".

ووفقاً لفحيلي طبيعة الإقراض يجب أن تتغير فكان في السابق يتم إعطاء القروض مع احتمال بين 20 و25% بعدم ردها أما اليوم فهذا لم يعد ممكناً خصوصاً في المرحلة الانتقالية ما بين الأزمة ومرحلة ما بعد الأزمة مؤكداً ان المصرف اليوم يقوم بإعطاء القروض إذا كان ضامناً مئة في المئة بأنها ستُرد.

بالنسبة الى الوضع الحالي والتعاميم المتوافرة من مصرف لبنان، منذ ايام رياض سلامة، يرى فحيلي أنه ما من داع لقانون يحتم تسديد القروض، لان قانون الموجبات والعقود يحتم تسديدها، كما ان آلية دفعها بالدولار النقدي بسهولة متوافرة، بموجب التعميم 165.

ويشرح فحيلي هناك علاقة بين الاقراض وتوافر السيولة والبيئة الاقتصادية والاستقرار السياسي، بالاضافة الى عودة الانتظام الى لبنان كوطن ودولة، قبل عودة الانتظام الى القطاع المصرفي، معتبراً انه اليوم لا يوجد قطاع مصرفي في لبنان لأنه لا يوجد قاسم مشترك بين المصارف "فكل مصرف حسب قدرته وتوافر السيولة لديه سيعود تدريجياً إلى الاقتصاد اللبناني إلى أن تعود الأمور إلى طبيعتها".

ورأى فحيلي في الختام أنه المطلوب اليوم، اطلاق عجلة ترميم الثقة بين المصارف التجارية ومكونات المجتمع اللبناني من افراد ومؤسسات، وتبرز أهمية هذه الثقة تدريجياً وذلك من خلال المصارف التي ستتخذ المبادرة لترميم الثقة، عبر إعادة الناس لأموالهم المخزنة في المنازل، الى المصارف، "عندئذ ستبدأ الامور بالحلحلة لجهة حصولهم على اجزاء من ودائعهم المحجوزة، على ان يواكب المصرف هذه العودة عبر توسعه شيئا فشيئا بإقراض المؤسسات والافراد" مؤكداً أنه ليس هناك قانون يعيد القروض ولا دولة تعيدها، وعلى كل مصرف على حدة ان يعيد بناء الثقة مع الشعب اللبناني.

أميمة شمس الدين - الديار

The post المصارف عادت للاقراض ضمن شروط واقعية ومؤكدة appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا