
منذ أسابيع أشعل الجدل اقتراح قانون للنائب مارك ضو يقضي بإلغاء قرار صادر في أربعينات القرن الماضي، يمنع النساء من ارتداء الشورت، رغم أنه لم يعد نافذًا.
هذا القرار الذي يتدخل في حرية المرأة ليس سوى غيض من فيض وواجهة هامشية ضمن سلسلة طويلة من النصوص التمييزية ضد النساء.
ثغرات كثيرة في القوانين اللبنانية تعيق تحرير المرأة من التابوهات والتقاليد. في السياق، توضح الناشطة في جمعية "كفى" المحامية ليلى عواضة أن قانون حماية النساء من العنف الأسري رقم 293/2014، رغم تعديله عام 2020، لا يزال يتضمن ثغرات جوهرية، حيث "لا يخصص النساء بالحماية القانونية بل يتحدث عن أفراد الأسرة بشكل عام، ما يتيح رفع دعاوى كيدية ضدّ النساء من قبل أزواجهن، وبالتالي يضعف فعالية الحماية الممنوحة لهن". كما أن قانون العقوبات "لم يجرّم الاغتصاب الزوجي بشكل صريح".
الأمر لا يتعلق بمضامين القوانين فحسب، فالمفردات الفضفاضة تشكل عيوبًا أيضًا، فوفقاً لعواضة "المشكلة الأساسية في قانون العقوبات تكمن في غياب تعريف واضح للاغتصاب وأشكاله، وفي استخدام مصطلحات مثل "الفحشاء" و"الأعمال المخلة بالآداب"، وهي تعابير اجتماعية مطاطة وليست دقيقة"، مضيفة أن النقص الأبرز في قانون التحرش الجنسي هو "تعريف التحرش كسلوك سيئ أو غير مرغوب فيه ذي طابع جنسي، من دون توصيف جرمي واضح. كما يفتقر هذا القانون إلى آليات حماية للضحايا".
وتكرّس بعض النصوص الذهنية العنيفة ضد المرأة. ولذلك تؤكد عواضة ضرورة "تعديل قوانين الأحوال الشخصية التي تضع المرأة في موقع الطاعة والتبعية للرجل". وتضيف: "طالما المجتمع والقانون يمنحان ميزان السلطة داخل الأسرة لصالح الرجل، فالعنف سيستمر حتمًا".
وليس جديدًا أن المحاكم الطائفية لا تحمي المرأة بل غالبًا ما تظلمها، وتشرح عواضة في السياق أن "المحاكم الطائفية لا تعتبر العنف سببًا للطلاق، بل تُصدر أحكامًا تصف المرأة بالناشز إذا تركت بيتها أو رفضت الصلح". كذلك هي بمثابة حارس للسلطة الأبوية، إذ تذكر أن "معظم القضاة يستخفّون بالعنف المعنوي ولا يأخذونه بجدية". هذا بالإضافة إلى انتهاك حقوقها عند طلب الطلاق وحرمانها من أبسط استحقاقاتها أحيانًا في بعض المحاكم.
وتمنع الأحكام المتأخرة وجود رادع للعنف، ولذلك تطالب عواضة بـ "تعيين قضاة متخصصين بمختلف مراحل قضايا العنف الأسري، بدءًا من التحقيق وصولًا إلى المحاكمة، بما يسرّع إصدار الأحكام ويمنع ضياع حقوق النساء بسبب المماطلة"، مستشهدة بقضية رولا يعقوب التي توفيت عام 2013 نتيجة التعنيف، ولم يصدر الحكم بحق زوجها المعنف إلا بعد 7 سنوات، وكان حينها قد تزوج وأنجب".
وفي حال تساءلتم عن دور السياسيين في خلق التغيير، فإن الذكورية تستيقظ عند الحديث عن أي قانون داعم للمرأة. ولذلك تنتقد المحامية "غياب الإرادة السياسية لتقوية موقع النساء، والاستخفاف بكل قانون يطالهن، سواء تعلّق بالمشاركة السياسية أو بالأحوال الشخصية".
ورغم كل المشاكل، تظهر بعض الخطوات الإيجابية. "فالتدريبات التي أجرتها "كفى" مع قوى الأمن، وخلق الخط الساخن 1745، قلّصت الفجوة بين النساء والأجهزة الأمنية، وسمحت باستجابة أسرع وأكثر فعالية"، بحسب عواضة.
وفي الحلول، تقول: "أكدنا مرارًا ضرورة وضع استراتيجية تشريعية شاملة لحماية النساء من العنف"، كاشفة أنه "قدّمنا عام 2024 اقتراح قانون إلى مجلس النواب بهدف سدّ الثغرات التي ذكرناها"، شارحة أن "القانون الذي تقدّمنا به يعاقب على كل أشكال العنف الممارس ضد النساء، ويمنحهن آليات حماية فعالة". ولكن كما هو متوقع القانون المقترح لا يزال عالقًا في الأدراج.
وبناءً على ما سبق، وبدل محاولة معالجة القوانين التي أعدمها الزمن أصلًا، كقانون منع الشورت، لا بدّ من التركيز على القوانين التي تعدم حقوق المرأة كل يوم، لعلّها تنال ما تستحقّ يومًا ما.
نوال برّو - نداء الوطن
The post المشكلة ليست في الشورت فقط.. ثغرات قاتلة في القوانين تـعدم حقوق المرأة يوميًا appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا