Skip to main content

كيف أرغمت المقاومة الفلسطينية الاحتلال على التوصل إلى صفقة تبادل؟

14 كانون الثاني 2025
https://qudsn.co/photo_5778572777157150058_y

خاص - شبكة قدس الإخباريةتتوالى الأخبار حول تقدم مفاوضات صفقة تبادل الأسرى بين حكومة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، على وقع ضربات فصائل المقاومة لقوات الاحتلال في شمال قطاع غزة وجنوبه.
لم تصل مفاوضات الصفقة إلى هذا المستوى من التقدم برغبة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وحكومته، وهو الذي أفشل جولات سابقة من التفاوض، وأبدى إصراره خلال 15 شهراً من حرب الإبادة على أهدافه المتمثلة بالقضاء على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، واستعادة أسراه بالقوة، واحتلال القطاع.
وتظهر بشكلٍ واضح معارضة وزراء حكومة الاحتلال للمفاوضات، وعل رأسهم وزير الأمن القومي "إيتمار بن غفير" ووزير المالية "بتسلئيل سموتريتش" هو ما يعكس رؤية التيار اليميني المتطرف المؤيدة لاستمرار الحرب، فما الذي دفع نتنياهو وحكومته إلى مفاوضات الصفقة بعد التعنت وفي ظل معارضة وزراء حكومته؟ وكيف ساهمت عمليات المقاومة بذلك؟

 

مفاوضات على وقع الكمائن
بالتزامن مع الجولة الحالية للمفاوضات أواخر شهر كانون أول/ديسمبر 2024 الماضي، أعاد جيش الاحتلال اجتياحه لبلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، "لاستكمال القضاء على قوة حماس" وفق ما زعمت به قيادته، لتأتي النتائج بشكلٍ عكسي وتتحول العملية إلى قضاء على لواء "الناحال" أحد أبرز ألوية النخبة بجيش الاحتلال، فضلاً عن عمليات إطلاق الصواريخ من مناطق تواجد بها جيش الاحتلال، والتي استهدفت المقاومة بها المستوطنات المحيطة بغلاف غزة، ومدينة القدس المحتلة، ما جعل مصداقية القيادة العسكرية والسياسية للاحتلال على المحك، خاصة بجزئية إنهاء القدرة الصاروخية للمقاومة.
ومنذ بدء التوغل البري لجيش الاحتلال بقطاع غزة في شهر تشرين أول/أكتوبر 2023، روج جيش الاحتلال والقيادة السياسية مراراً وتكراراً لدعاية هزيمة المقاومة وإنهاء قدراتها العسكرية، وخاصة في منطقة شمال قطاع غزة، التي كانت بوابة الاجتياح البري، حيث تعرضت بلدة بيت حانون لوحدها لعشرة عمليات عسكرية ضخمة خاضت خلالها المقاومة معارك ضارية كسرت خلالها نظرية القوة العسكرية البرية لجيش الاحتلال ونخبته، فيما تعرض مخيم وبلدة جباليا لثلاث عمليات عسكرية ضخمة خلال الحرب، الأولى كانت في بداية التوغل البري، والثانية في منتصف عام 2024، والعملية الأخيرة المستمرة منذ أكثر من 3 شهور، وخلال العمليات الثلاث نجحت فصائل المقاومة بإيقاع جيش الاحتلال بكمائن قاتلة.
وتكررت مزاعم الاحتلال خلال توغله في مختلف مناطق قطاع غزة بفرض سيطرته العسكرية، في حين لم تختلف كثافة عمليات المقاومة من منطقة إلى أخرى، ولم ينخفض منسوبها حتى منذ بداية حرب الإبادة حتى هذه اللحظة، بشكلٍ كسر ادعاءات حكومة الاحتلال ومنظوماتها الاستخباراتية والعسكرية.
إضافة للعمليات التي أثخنت بها المقاومة بجيش الاحتلال، استطاعت الحفاظ على منظومتها الصاروخية، خاصةً ذات المدى القريب، والتي أثبت ذلك من خلال عمليات قصف خطوط إمداد جيش الاحتلال في محور نتساريم بقذائف الهاون والصواريخ قصيرة المدى بشكل يومي، فيما لم تختفي عمليات قصف مستوطنات الاحتلال بمحيط قطاع غزة.
أما إعادة استخدام تدوير المقاومة لمخلفات جيش الاحتلال، واستخدامها بتصنيع العبوات الناسفة، وفق ما أكدته سائل إعلام إسرائيلية، حيث قالت إن "كتائب القسام تستخدم القنابل الإسرائيلية غير المنفجرة في استهداف القوات الإسرائيلية المتوغلة هناك".
وقالت إذاعة حيش الاحتلال إن الجيش قدّر أن المتفجرات التي يستخدمها المقاتلون في غزة مصنوعة جزئيا من قنابل الجيش الغير المنفجرة، ما يشكل فرصة للمقاومة بإعادة واستخدامها، ما يعكس حجم القدرة التقنية التي لا زالت تمتلكها المقاومة بالتعامل مع الأسلحة.
وخلال المعركة أثبتت المقاومة قدرتها على تكبيد خسائر نوعية للألوية المشاركة في العمليات العسكرية شمال القطاع، وكان أبرزها مقتل العقيد إحسان دقسة، قائد اللواء 401 المعروف بلواء "المسارات الحديدية" التابع للفرقة 162 في جيش الاحتلال خلال كمين نوعي، كما طالت نيران المقاومة وحدات النخبة المختلفة التي شاركت في العمليات داخل النطاق الجغرافي لشمال قطاع غزة، وخاصة لواء الناحال.
وفي ذروة جولة المفاوضات، استطاعت المقاومة إيقاع قوات الاحتلال بكمائن قاتلة في بيت حانون، كان أبرزها يوم أمس الإثنين عندما استهدفت كتائب القسام مبنى تحصن به جنود الاحتلال من وحدة "سيرت ناحال" التابعة للواء الناحل في بيت حانون، بصاروخ مضاد للدروع، ما أد لانهيار المبنى ومقتل 5 جنود بينهم ضابط برتبة رائد، إضافة لإصابة 11 آخرين.
كما أعلنت القسام عن إيقاعها قوة أخر من جيش الاحتلال قوامها 25 جنديا في كمين بمخيم الشابورة وسط مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وأوقعوا جميع أفرادها بين قتيل وجريح.
وقالت الكتائب، عبر قناتها الرسمية على تلغرام، إن مقاتليها هاجموا هذه القوة الإسرائيلية بينما كانت تتحصن في مبنى بمنطقة النجيلي في مخيم الشابورة.
وأضافت أن المقاتلين فجروا حقل ألغام في ناقلتي جند إسرائيليتين لدى وصول قوة لنجدة الجنود المتحصنين في المبنى، فيما أكد جيش الاحتلال مقتل 7 من جنوده جراء المعارك مع المقاومة في شمال قطاع غزة يوم السبت الماضي.
ومنذ إعادة اجتياح جيش الاحتلال لمنطقة شمال غزة، أعلن عن مقتل أكثر من 50 جندياً وضابطاً، فيما أكد الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة أن أرقام الخسائر التي مني بها جيش الاحتلال أعلى بكثير مما تم الإعلان عنه.

 

كيف كسرت المقاومة رواية نتنياهو وأرغمته على القبول بالصفقة؟
جاءت عمليات المقاومة الأخيرة في الوقت الذي عمل رئيس وزراء الاحتلال بنيامن نتنياهو على إقناع الإدارة الأمريكية والساحة الدولية ومجتمعه، بالقضاء عل المقاومة وسيطرته على قطاع غزة، وسهولة فرض الشروط عل حركة حماس وقيادة المقاومة.
وخلال ذلك استطاعت المقاومة تنفيذ عشرات العمليات التي أوقعت القتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال، وخاصة في شمال غزة، المنطقة التي زعم نتنياهو سيطرته عليها وجعلها منطقة آمنة" وتطبيق خطة الجنرالات، التي ذهبت أدراج الرياح هي ودعاية نتنياهو، الذي وقع بموقف حرج أمام الإدارة الأمريكية ومجتمعه وحتى عائلات الأسرى الذين تعهد لهم مراراً وتكراراً بعودة أبنائهم أحياء.
وفي الواقع لم يستطع مجتمع الاحتلال تقبل المزيد من الخسائر في صفوف جنوده بعد مرور 15 شهراً عل الحرب، حيث اعتبر صحفيون ومراسلون عسكريون أن الاستراتيجية التي وضعها رئيس أركان جيش الاحتلال، هرتسي هليفي، وقائد المنطقة الجنوبية للقتال في غزة "فاشلة"، وتسببت بخسائر فادحة في صفوف الضباط والجنود، حسب وصفهم.
وتجلى ذلك بعدة تصريحات أهمها حديث الصحفي الإسرائيلي "إيتي لاندسبرغ نيفو" الموجه المستوطنين والذي ذكرهم بتجربة مريرة عاشوها، قبل عقود، خلال احتلال جنوب لبنان، عندما كان الجنود والضباط يتساقطون في كمائن المقاومة، واعتبر أن ما يجري في غزة حالياً هو أضعاف الخسائر في تلك الفترة.
ووصف غزة بأنها "فيتنام" الخاصة بـ"إسرائيل"، وقال: "الجنود يموتون واحدًا تلو الآخر، يومًا بعد يوم، عبوة أخرى، قناص آخر، مبنى آخر ينهار.
وقبل أيام، هاجم الكاتب الإسرائيلي، "عيناف شيف"، في مقال على صحيفة "يديعوت أحرونوت" المحللين العسكريين الذين قال إنهم "يروجون لإنجازات وهمية للجيش"، قائلاً: "في المشهد الحالي الذي لا يظهر له نهاية تتصدر هذه الفترة قائمة الحماقات، الصحفيون العسكريون وأشباههم يتحدثون عن إنجازات هامة نتيجة الدخول الثالث أو الرابع أو ربما الثالث ونصف إلى مناطق في قطاع غزة التي قيل إنها عولجت قبل شهور". 
وتابع: "المنازل تتهدم والأرواح تتحطم، بينما العائلات التي حظها جيد تعاني فقط من القلق المستمر على أولادها".
فيما تصل مفاوضات الصفقة إلى شكلها النهائي وفق ما أكدته كافة الأطراف، ضمن شروط ومطالب المقاومة التي فرضتها وتمسكت بها منذ بداية الحرب، والتي رفضها الاحتلال قبل 8 شهور، وعاد للقبول بها اليوم مرغماً بعد أن فقد مصداقيته وكُسرت روايته وفقد الآلاف من جنوده بين قتلى وجرحى.

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا