Skip to main content

منذ بداية المعركة حتى تبادل الأسرى.. كيف أدارات المقاومة الحرب النفسية؟

30 كانون الثاني 2025
https://qudsn.co/photo_5825504679369498057_y

خاص - شبكة قدس الإخبارية: في مراسم العملية الثالثة لتسليم المقاومة أسيرات الاحتلال إلى الصليب الأحمر في قطاع غزة، عملت المقاومة الفلسطينية على ممارسة الحرب النفسية في أدق التفاصيل.

لم تكن معركة طوفان الأقصى منذ ساعاتها ترتكز على المجهود العسكري الذي بذلته المقاومة فحسب، بل كان المجهود الإعلامي لا يقل تأثيراً وقوةً، ويمكن القول إن الإعلام العسكري منذ اللحظة الأولى للمعركة مروراً بالمعارك التي خاضتها الفصائل ضد جيش الاحتلال داخل قطاع غزة، وصولاً إلى عملية تسليم أسرى الاحتلال، قد أرسى قواعد الحرب النفسية لصالح المقاومة ودحض روايات الاحتلال ودعاياته.

 

الحرب النفسية وتوجيه الرسائل

من المنظور العلمي للحرب النفسية، فإن الإعلام هو السلاح الأبرز الذي يتم الارتكاز عليه، وذلك من خلال توجيه الرسائل إلى العدو وخلق رواية مضادة لروايته وخلق شرخ بين المؤسسات العسكرية والأمنية من جهة وبين جمهورها من جهة أخرى، ثم إحباط أثر الجهود العسكرية الذي قام بها العدو وتفاخر بنجاحها، وهو ما أتقنته المقاومة.

خلال تسليم الدفعة الثالثة من أسرى الاحتلال صباح اليوم الخميس، أتقنت كتائب الشهيد عز الدين القسام إبراز العناصر التي تندرج بإطار الحرب النفسية، كعرض قطعة سلاح لجيش الاحتلال كانت المقاومة قد اغتنمتها خلال المعارك مع جيش الاحتلال داخل قطاع غزة، وعرض لافتة تحمل شعارات ألوية النخبة في جيش الاحتلال، وهي: "الناحال" و"كفير" و"جفعاتي" و"401"، وقد تعرضت هذه الألوية لكمائن قاتلة خلالها اجتياحها للقطاع.

وفي استعراض شعارات الألوية عملت المقاومة على السخرية من رموز ألوية جيش الاحتلال التي شاركت في الحرب على غزة، حيث ظهر شعار لواء جفعاتي، وهو لواء النخبة في قوة المشاة للاحتلال، وقد تم تغييره من ثعلب إلى ثعلب مطعون بخنجر ومن فوقه باللغة العبرية "جباليا قبر غفعاتي"، أما لواء كفير، وهو لواء مشاة، وشعاره خنجر فقد تم رسمه على شكل خنجر في جمجمة جندي.

وتم أيضا إظهار شعار لواء ناحال، وهو لواء نخبة بجيش الاحتلال على شكل منجل يحصد جنودا، علما بأن الشعار الأصلي هو لسنابل بعدة ألوان.

في مخيم جباليا شمال القطاع، المنطقة التي خاضت بها المقاومة الثقل الأكبر من المعارك ضد جيش الاحتلال، والتي تعرضت لتدمير واسع في إطار مساعي قيادة الاحتلال تطبيق "خطة الجنرالات"، سلمت كتائب القسام المجندة "آغام بيرغر" وقد خرج بها المقاومون من بين ركام المنازل المدمرة بمشهد شكل صدمة للقريب والبعيد، حيث صرح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو مراراً وتكراراً بـ"تفكيك قدوات حماس في شمال غزة" ليشكل المشهد صفعة آخرى تهاوت أمامها تصريحات نتنياهو وقادة جيشه.

وعلى الرغم من الدمار المكثف الذي خلفه جيش الاحتلال بثلاثة اجتياحات ضخمة لجباليا، أوصلت المقاومة رسالةً واحدة بتسليمها لـ"بيرغر" من بين الركام، مفادها أن جباليا صندوق أسود يدير المقاومون محتوياته كيف ما أرادوا، ويحطموا به دعايات الاحتلال كما حطموا نخب جيشه في ميدان القتال.

وأثناء عملية التسليم خرجت وحدة الظل ومعها المجندة، من أسفل صورة ضخمة للشهيد أحمد الغندور (أبو أنس) قائد لواء شمال غزة في كتائب القسام، الذي أدار لواء القسام هناك لسنوات طوال وخاض خلالها معارك صعبة ضد جيش الاحتلال حتى ارتقى شهيداً في الشهر الأول من معركة طوفان الأقصى، ومن باب الوفاء استحضرت القسام صورته واسمه في عملية التسليم اليوم.

 

منزل السنوار.. رمز الصمود والمقاومة

أما الجزئية الثانية من عملية تسليم أسرى الاحتلال فتمت من منطقة خانيونس وسط القطاع، وعلى وجه التحديد من أمام منزل الشهيد قائد حركة حماس يحيى السنوار المدمر.

ولطالما ارتبط اسم يحيى السنوار بمعركة طوفان الأقصى، وقد تصدر اسمه المشهد العالمي منذ بداية المعركة حتى استشهاده، بل بقي اسمه يتردد حتى يومنا هذا، فيما حملت خطوة المقاومة اليوم رسالة بمركزية دور الشهيد السنوار بالمعركة حتى بعد استشهاده، ثم رمزية النهوض الفلسطيني من بين الركام رغماً عن أنف الاحتلال والقوى العالمية التي حاولت إبادة الوجود الفلسطيني.

 

رسائل لا تنتهي لأطراف عدة

حمل الإعلام العسكري لكتائب القسام الرسائل منذ السنوات الأولى لتأسيسه خلال انتفاضة الأقصى، فيما تجلى أثره وتضاعفت مسؤوليته منذ انطلاق معركة طوفان الأقصى، وفي طيات خطابه وصوره يمكن تلخيص اتجاهات رسائل وفق هذه الآلية:

تثبيتاً للشعب الفلسطيني وأنصار المقاومة حول العالم، من خلال توجيه خطابٍ رفع من قيمة العمل العسكري المقاومة وضرورته وسط محاولات ضخمة بذلها الاحتلال والأنظمة العربية لتحجيم دور المقاومة وتغيبه.

وحرص الإعلام العسكري على صياغة مفهوم النصر في أذهان الناس، وتعزيز الثقة بالمقاومة ومسارها في ظل عمليات التشكيك الممنهجة، ومما عزز من هذا الشعور، هو القوة التي ظهرت بها المقاومة في بداية المعركة وحتى بعد انتهاء القتال، والوهن الذي ظهر به الاحتلال، والأهم أن كل ذلك مدعوم بالصوت والصورة والخطاب.

التصدي لدعاية الاحتلال وضربه بشكلٍ مضاد، أكملت المقاومة مسارها في الحرب النفسية، وخلق زعزعة داخليا في مجتمع الاحتلال مع بث شعور الهزيمة والفشل، حيث صرح وزير الأمن القومي السابق إيتمار بن غفير في أعقاب المشاهد التي ظهرت اليوم قائلاً: " الصور من غزة تُوضح - هذا ليس النصر الكامل، بل الفشل الكامل".

فيما علق وزير جيش الاحتلال السابق، أفيغدور ليبرمان بقوله: "الصور الآن في غزة تُظهر أنه بعد عودة جميع الأسرى إلى بيوتهم، يجب علينا أن نفترق عن غزة مرة واحدة وإلى الأبد"، إشارة إلى اليأس من حسم المعركة ضد المقاومة في غزة.

إضافة لإظهار الصورة الحقيقية للمقاومة وطبيعة الصراع للعالم بأسره، في توضيح الصورة الحقيقية لأخلاقيات المقاومة بالتعامل مع الأسرى وحتى في القتال، في الوقت الذي كثفت به سلطات الاحتلال من جرائمها بحق الأسرى الفلسطينيين، وجرائمها الوحشية في حرب الإبادة الجماعية، وقد نجحت المقاومة بكل ذلك كما نجحت في الأداء العسكري خلال المعركة.

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا