Skip to main content

أزمة رجل الاستخبارات الإسرائيلي التي أوصلته للفشل المدوّي في 7 أكتوبر

01 شباط 2025
https://qudsn.co/Y67rm

 

ترجمة خاصة - شبكة قُدس: كاتب هذه المقالة هو ميخائيل ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان. شغل منصب مستشار الشؤون الفلسطينية لمنسق أعمال حكومة الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة (2015-2018)، وشغل سابقا منصب رئيس الساحة الفلسطينية في شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي. كان مشاركًا في صياغة السياسة الإسرائيلية في الساحة الفلسطينية. بالإضافة إلى ذلك، يعمل في التحليل الاستراتيجي للأحداث في الشرق الأوسط، وكذلك في قضايا الذاكرة الجماعية، والثقافة الشعبية، وصراعات الأجيال في السياق الإقليمي. وفيما يلي نص المقالة التي ترجمتها "شبكة قُدس":

يكشف النقاش المستمر منذ 7 أكتوبر حول أصول الفشل الاستخباراتي صورة قاتمة، بل ومحبطة أحيانًا. في صميم هذا النقاش تكمن صعوبة كبيرة في تحديد أوجه القصور الحقيقية، إلى جانب الشكوك حول القدرة على التغيير بعد هذا الإخفاق. يشارك في هذا الحوار مسؤولون استخباراتيون سابقون، إلى جانب إعلاميين وأكاديميين، حيث يتم تكرار العديد من الدروس المستفادة من حرب تشرين (1973)، إلى جانب رسائل مقلقة مفادها أنه "لا يمكن ضمان عدم تكرار أخطاء الماضي".

هذا النقاش يشبه البحث عن عملة ضائعة تحت ضوء المصباح، حيث يُنظر إلى رجل الاستخبارات كشخص يتمتع بحدة الذكاء، وبالتالي يتركز البحث عن الإخفاقات واقتراحات إصلاحها في هذا الجانب فقط. في هذا السياق، يتم طرح أفكار لتحسين طرق التفكير وأساليب التقييم، وتطوير منهجيات جديدة، وتعزيز آليات الرقابة، وإعادة النظر في هيمنة التكنولوجيا على العمل الاستخباراتي، وتحسين العلاقات بين الهيئات الاستخباراتية المختلفة.

لكن تحليل أوجه القصور يتوقف عند هذه النقطة ويواجه صعوبة في التوسع إلى بُعدين يُعتبران ثانويين، رغم دورهما المركزي في جميع الإخفاقات الاستخباراتية الحديثة، بما في ذلك 7 أكتوبر.

رغم أن العمل الاستخباراتي يقوده أشخاص ذوو مهارات استثنائية، إلا أنهم ليسوا محصنين ضد عناصر أساسية تؤدي إلى الفشل، مثل الثقة المفرطة بالنفس التي تصل أحيانًا إلى الغطرسة، التمسك العقائدي بوجهات نظر معينة، الصعوبة في التشكيك وتشجيع التعددية الفكرية، والفجوات العميقة في الفهم حول طبيعة الخصوم ومنطقهم، وأحيانًا دون إدراك وجود هذه الفجوات أصلًا.

تبرز هذه النقطة بشكل خاص عندما نتذكر أن فشل 7 أكتوبر وقع بعد 50 عامًا من فشل حرب 1973، وخلال الأسابيع التي سبقت هذا الحدث، تحدث كبار المسؤولين الاستخباراتيين عن دروس الماضي، وأبرزها الحاجة إلى التواضع والحذر. ومع ذلك، لم يكونوا مدركين أنهم أنفسهم يعانون من نفس المشكلات، مما جعلهم يقعون في صدمة لم تقل خطورتها عن صدمة 1973. المشكلة هنا لا تُحل فقط بتعزيز أنظمة الرقابة، بل تتطلب وجود قادة ومستشارين قادرين على ملاحظة وتحذير المسؤولين من أنماط السلوك الشخصية التي تؤثر على عملهم المهني.

والبعد الآخر الأكثر حدة يتمحور حول هوية رجل الاستخبارات ومجال معرفته. إن الفهم المحدود لخصائص العدو، الذي ينتمي إلى ثقافة مختلفة، هو مشكلة قديمة نوقشت حتى في لجنة أجرانات بعد حرب 1973، لكنها لم تُعالج أبدًا. وكما هو الحال مع أي مشكلة تُهمّش، فقد استمرت وتفاقمت حتى انفجرت في النهاية.

في العقود الأخيرة، شهدت "إسرائيل" تراجعًا في عدد المتحدثين بالعربية والمطلعين على ثقافة وتاريخ المنطقة، مما أدى إلى تأثير كبير على الاستخبارات، التي تتطلب فهمًا عميقًا "لمنطق الطرف الآخر". هذا ليس مجرد تحدٍ أمني، بل يعكس أزمة حادة وغير مدروسة تعاني منها مهنة الاستخبارات عالميًا. فقد تحول العمل الاستخباراتي من كونه تجربة حيوية تركز على البشر وتفكيك نفسياتهم، إلى ما يشبه "علمًا" يعتمد على منهجيات معقدة وفلسفات مجردة، مما أدى إلى ابتعاده عن التركيز على فهم الأشخاص، خاصة أولئك المنتمين لثقافات أخرى.

غياب هذه الأبعاد عن النقاش الاستخباراتي الحالي يُعد أمرًا مثيرًا للقلق، ليس فقط بسبب فداحة المعلومات التي تم الكشف عنها بشأن الإخفاق الاستخباراتي في 7 أكتوبر، ولكن أيضًا بسبب محدودية التفكير والتحليل في تحديد أصول المشكلة. يبدو أن هناك صعوبة في تجاوز الأطر التقليدية المعهودة، مما يؤدي إلى صياغة سردية ناقصة حول أسباب الفشل.

وقد أشار يوأف بن-بورات، قائد وحدة 8200 خلال حرب 1973، إلى هذه المشكلة حين قال: "لم تجرِ شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) تحقيقًا شاملاً بعد الحرب، وبالتالي لا تملك استخلاصات حقيقية وكاملة لفشل الإنذار. إذا لم تحقق، فلن تعرف، وإذا لم تعرف، فلن تفهم لماذا حدث ما حدث، وإذا لم تفهم، سيكون من الصعب منع حدوثه مجددًا".

جذور الفشل الاستخباراتي الحالي لا تقتصر على ما حدث ليلة 6-7 أكتوبر، أو على الأخطاء التقنية في تلقي التقارير أو عقد المشاورات. بل هو يعكس فشلًا أعمق وطويل الأمد في فهم العدو.

لذا، لا ينبغي أن يتوقف التحقيق الاستخباراتي عند تحليل "أصول الفرضية الخاطئة"، بل يجب أن يتعمق في دراسة كيفية نشأتها، ولماذا استمرت لفترة طويلة، وكيف ترسخت كـ"حقيقة ثابتة".

على سبيل المثال، الفرضية القائلة بأن "حماس تمر بعملية تحول تقلل من التزامها بأيديولوجيتها"، والتي انعكست في تصورات خاطئة حول التهدئة الاقتصادية مع غزة، تعكس إصرارًا على فرض المنطق الإسرائيلي على الخصم، دون السعي لفهم منطقه الخاص.

الواقع الحالي يشير إلى أن الحرب الجارية توفر مختبرًا استخباراتيًا يكشف الفجوات القائمة ويختبر مدى كفاءة الأذرع الأمنية. فقد جسد 7 أكتوبر فشلًا في الإنذار بالحرب، نتيجة ضعف الفهم للعدو، بينما أظهرت مفاجأة إسرائيل بالهجوم الإيراني في أبريل 2024 قصورًا في التقدير الاستراتيجي. كما أن انهيار نظام الأسد مثل صدمة غير متوقعة تعكس قصورًا في فهم الديناميكيات العميقة للمنطقة.

لذلك، يجب أن يكون التحقيق في جذور 7 أكتوبر مزعجًا لرجال الاستخبارات، ليس فقط بسبب فشلهم في توفير الإنذار، ولكن أيضًا لأن كثيرين منهم لا يجيدون لغة العدو ولا يفهمون رموزه الثقافية، وهي أدوات أساسية في أي تحليل استخباراتي جاد. إن التكنولوجيا والمنهجيات الحديثة لا يمكن أن تعوض أبدًا عن هذا النقص العميق في الفهم.

الاستخبارات هي البوصلة التي توجه السفينة، ولذلك يجب أن يكون تحقيق 7 أكتوبر حادًا وخاليًا من المحرمات. ويجب نشر الأجزاء غير السرية منه للجمهور، ودمج نتائجه في الوعي الجمعي، لأنه من غير المقبول بعد اليوم الافتراض بأن "القيادة تعرف كل شيء". بل يجب أن يصبح التشكيك والنقد المستمر جزءًا من الثقافة العامة، لتجنب تكرار أخطاء الماضي.

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا