الأدوية المنومة.. تحارب الأرق ولكنها قد تسبب الخرف
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2025/02/GettyImages-512455744-1739182609.jpg?resize=770%2C513&quality=80)
يعاني العديد من المسنين ومن الشباب أيضا من الأرق الذي يعكّر صفو ليلهم ونهارهم، ويجعلهم فريسة للاكتئاب والعديد من الأمراض. وفي محاولة لتخلص من هذه المشكلة، يلجؤون إلى الأعشاب وأحيانا يتوجهون لصيدلية للحصول على أدوية تعينهم على النوم من دون الاضطرار إلى مراجعة الطبيب، وربما إن ضاقت بهم السبل يلجؤون إلى طبيب ليصف لهم أدوية تساعدهم على النوم. ولكن هل استخدام هذه الأدوية آمن على المدى البعيد؟ وهل حقا تسبب هذه الأدوية الخرف؟
يشير عدد من الدراسات -وفقا لصحيفة واشنطن بوست الأميركية- إلى وجود ارتباط بين خطر الإصابة بالخرف والأدوية المنومة، سواء كانت بوصفة طبية أو من دون وصفة طبية.
بالمقابل، تشير الدراسات إلى أن الأرق والنعاس أثناء النهار يمكن أن يؤديا إلى الخرف، كما ترتبط قلة النوم في حد ذاتها بتأثيرات صحية ضارة، مثل أمراض القلب ومرض السكري من النوع الثاني ومشاكل الذاكرة، مما يجعل من الصعب على المرضى اتخاذ قرار بشأن ما يجب عليهم فعله.
يقول جوشوا نيزنيك الأستاذ المساعد في الطب في قسم طب الشيخوخة في كلية الطب بجامعة كارولينا الشمالية في الولايات المتحدة "الخياران أحلاهما مر، والأمر متروك للمريض ليحدد: ما الذي أقدره أكثر؟ نوم جيد ليلا، أو منع حدوث شيء مثل الخرف؟".
إعلانومن ناحية أخرى، وضح الدكتور فيليب سلون أستاذ الطب العائلي وطب الشيخوخة في جامعة كارولينا الشمالية "هناك كثير من الأسباب الأخرى لعدم تناول حبوب النوم. فهي مرتبطة بالعديد من المشكلات السلوكية، ناهيك عن الخروج عن الطريق أثناء القيادة".
الأدوية المنومة
تشتمل أكثر أدوية النوم استخداما على فئة تُعرف باسم البنزوديازيبينات، والتي يتم تناولها لتخفيف القلق وتحفيز النوم، ولا تتوفر إلا بوصفة طبية. تعمل هذه الأدوية عن طريق إبطاء الجهاز العصبي المركزي، مما يسبب النعاس والاسترخاء.
يعتمد الأشخاص الذين يريدون تجنب الأدوية الموصوفة، أو الذين يعانون من الحساسية، على الأدوية المتاحة دون وصفة طبية والتي تسمى مضادات الكولين. تسبب مضادات الكولين النعاس وتمنع عمل الأستيل كولين، وهو ناقل عصبي مهم ويلعب دورا في الذاكرة والتعلم والانتباه والإثارة.
وتشير بعض الأبحاث إلى أن الأجيال الجديدة من هذه الأدوية تؤدي إلى تخدير أقل بكثير وقد تشكل خطرا أقل لهذا السبب، إلا أنها ليست خالية من المخاطر، كما يقول الخبراء.
تستخدم خلايا الدماغ الأستيل كولين لإرسال الرسائل، وتقلل الأدوية المضادة للكولين من نقل هذه الرسائل بين خلايا الدماغ، يقول سلون إن مرض الزهايمر "يرتبط بانخفاض مستويات الأستيل كولين، ربما يكون من الأفضل الحد من استخدامها قدر الإمكان".
يقول أميت شاه الاستشاري والأستاذ المساعد في قسم الطب الباطني المجتمعي في مايوكلينك في سكوتسديل بولاية أريزونا في الولايات المتحدة "يعتقد الناس أن مساعدات النوم التي لا تحتاج إلى وصفة طبية آمنة وجيدة، لكن قد يكون لها القدر نفسه من المخاطر الإدراكية مثل بعض الأدوية الموصوفة". ويوضح أن هناك كثيرا من الأدوية التي يستخدمها الناس للنوم لم تصمم للنوم ويمكن أن تكون خطيرة.
يمكن أن تسبب مضادات الكولين ارتباكا وفقدانا للذاكرة وتدهورا في الوظائف العقلية خاصة لدى البالغين فوق سن 65 عاما. يقول سلون إن "أي شيء له تأثير سلبي على الدماغ يمكن ربطه بالخرف إذا استخدم بكميات كافية بمرور الوقت. إنها مؤثرة نفسيا، وترتبط بالمهدئات، ومن ثم يمكن أن تضعف الوظيفة الإدراكية إذا تم تناولها بانتظام".
إعلانقلة النوم ليست بديلا أفضل
تقول تيميتايو أو. أويجبيلي-شيدي، الأستاذة المساعدة في علم الأعصاب والمتخصصة في طب النوم في مركز "يو سي ديفيس" الصحي، إنها تحاول أولا العثور على أسباب الأرق لدى مرضاها لمعرفة ما إذا كانت الأساليب الأخرى ستنجح. وتقول إن الأدوية هي الملاذ الأخير "لأنها تعبث بكيمياء الدماغ".
وتضيف أن "السؤال هو: هل أنت أفضل حالا من دون نوم؟" إذا كانت الإجابة لا، فسوف تصف الأدوية، لكنها تحث مرضاها على أخذ إجازة من الأدوية لتثبيط الاعتماد عليها، فتقول "امنح دماغك فرصة لإعادة ضبطه. يمكن أن يكون ذلك لعطلة نهاية الأسبوع، أو شهر، ولكن بالتأكيد نوصي كل 3 أو 4 أشهر ببضعة أيام راحة".
هل يمكن للمرضى أن يتوقفوا عن أدوية النوم تماما؟
وفقا لشاه، نعم يمكن. ويوافق على أنه من المهم استبعاد الأسباب الأخرى للأرق وكذلك فهم طبيعة النوم، وخاصة مع تقدم الناس في السن. ويقول "لا يدرك الناس أن النوم يتغير مع تقدم العمر. تحصل على قدر أقل من النوم أثناء الليل وقد تحتاج إلى أخذ قيلولة أو اثنتين أثناء النهار. هذا أمر طبيعي. أقول لمرضاي: ناموا عندما تكونوا متعبين، إنه أمر طبيعي".
بالنسبة لبعض الناس، قد يساعد العلاج السلوكي المعرفي من خلال تعليم المرضى كيفية إدارة الأفكار السلبية التي تبقيهم مستيقظين بشكل أفضل. يحاول شاه باستخدام التقليل البطيء للجرعات تدريجيا كل يومين لمدة 18 أسبوعا مساعدة المرضى الذين يعتمدون بالفعل على عقاقير النوم، ويقول "إنها تنجح إذا كان المرضى متحمسين".
فإذا كنت مستخدما منتظما للعقاقير، فلا تتوقف عن تناولها فجأة، كما يقول الخبراء، لتجنب أعراض الانسحاب والانتكاس.