عامٌ مرّ على سن القانون.. كيف تأثرت المدارس البرازيلية بمنع الهواتف الذكية؟
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2025/02/%D8%B2%D8%A8%D8%AB%D9%84%D8%B5%D8%A8%D8%B2-23-1739370380.jpg?resize=770%2C513&quality=80)
عاد التلاميذ في ريو دي جانيرو يلعبون "كما كانوا يفعلون في ما مضى" وأصبحوا أكثر تركيزا في الفصول الدراسية، بعد مرور عام على تعميم حظر الهواتف المحمولة في المدارس على كل أنحاء البرازيل.
في كل مدارس هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 200 مليون نسمة، أصبح استخدام الهواتف محظورا، سواء في الصفوف خلال حصص التدريس أو في ساحات اللعب، بموجب قانون أصدره الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في يناير/كانون الثاني 2024، قبل بدء العام الدراسي مباشرة.
وانضمت البرازيل -التي يتخطى فيها عدد الهواتف الذكية عدد السكان- إلى مجموعة آخذة في الاتساع من البلدان التي حظرت الهواتف المحمولة في المدارس.
وتقول كاميلي ماركيز (14 عاما) "كان الأمر صعبا في البداية لأننا كنا مدمنين (على الهواتف) وواجهنا ما يشبه الأزمة للإقلاع عن ذلك. لكن بعدها، ومع الاعتياد على الأمر، أصبح ذلك أسهل (…) وبتنا نتفاعل أكثر".
وعلى غرار معظم زملائها في مدرسة مارتن لوثر كينغ بالقرب من وسط مدينة ريو دي جانيرو، تفضل ماركيز ترك هاتفها في المنزل.
ويقترب قلة من التلامذة من جدارية تصور أيقونة الكفاح من أجل الحقوق المدنية الأميركية لإلقاء هواتفهم المحمولة في سلة.
إعلانوعلى الرغم من أن ماركيز "انزعجت" في بادئ الأمر من حرمانها من هاتفها، إلا أنها باتت مقتنعة بأن درجاتها قد تحسنت بفضل هذا الحظر، كما تحسنت علاقاتها مع زملائها في الفصل.
وتوضح "تعرّض أحد التلامذة للتنمر الرقمي لكننا لم نكن على علم بذلك لأننا كنا ملتصقين بهواتفنا طوال الوقت".
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2025/02/%D8%B2%D8%A8%D8%AB%D9%84%D8%B5%D8%A8%D8%B2-21-1739370563.jpg?w=770&resize=770%2C513)
"اضطراب وقلق"
وبحسب منظمة اليونسكو، ففي نهاية عام 2024، كانت 40% من أنظمة التعليم العام في مختلف أنحاء العالم قد حظرت استخدام الهواتف الذكية في المدارس بطريقة أو بأخرى، مقارنة بـ30% قبل عام.
ويوضح رينان فيريرينيا وزير التعليم في بلدية مدينة ريو أنه عندما عاد المعلمون في المدينة إلى المدارس للتعليم الحضوري بعد جائحة كوفيد، وجدوا أن الأطفال كانوا "أكثر اضطرابا، مع تراجع قدرتهم على التحمل، وازدياد القلق لديهم والإدمان على هواتفهم".
وبحسب استطلاع أجراه العام الماضي موقع "أوبينيون بوكس" ومنصة "موبايل تايم" يحصل الأطفال البرازيليون في المعدل على أول هاتف محمول في حياتهم في سن العاشرة.
ويمضي الصغار دون سن الثالثة ما معدله ساعة ونصف الساعة يوميا مع الهواتف الذكية، ويرتفع الوقت إلى ما يقرب من 4 ساعات للذين تتراوح أعمارهم بين 13 و16 عاما.
وأظهرت دراسة أجرتها بلدية ريو دي جانيرو في سبتمبر/أيلول الماضي "تحسنا في التركيز والأداء والمشاركة في حصص التدريس" منذ حظر الهواتف في المدارس المحلية.
وكان الوزير فيريرينيا مقررا للقانون الذي مدد الإجراء الرائد الذي اتخذته ريو دي جانيرو إلى المستوى الوطني.
وإذا كان الحد من استخدام الهواتف الذكية أمرا "صعبا بالنسبة للبالغين، فتخيلوا الأمر بالنسبة للأطفال" وفق قول فيريرينيا خلال زيارة قام بها أخيرا لمدرسة في ريو، حيث أخبره أحد الأطفال بأنه عاد للعب مجددا "كما كان يفعل من قبل".
![](https://www.aljazeera.net/wp-content/uploads/2025/02/%D8%B2%D8%A8%D8%AB%D9%84%D8%B5%D8%A8%D8%B2-22-1739370364.jpg?w=770&resize=770%2C519)
"أكثر بهجة"
وتقول فرناندا هيتور نائبة مدير مدرسة مارتن لوثر كينغ -التي تستقبل التلامذة بين سن السادسة والـ16- إن الوضع في المدرسة أصبح "خارجا عن السيطرة" قبل حظر الهواتف الذكية.
إعلانوكانت المتحدثة ترى الأطفال أثناء فترة الاستراحة، كل واحد في زاويته، مسمّرين أمام شاشاتهم.
وتوضح "لم يكونوا يلعبون حقا، ولم يكونوا يتبادلون الأحاديث. أما الآن فهم يلعبون، وقد أدى ذلك إلى تحول المدرسة إلى ساحة أكثر بهجة ومرحا".
لكن هيتور أعربت عن ترددها عند طرح فكرة اتخاذ هذا الإجراء العام الماضي. وهي توضح "حتى اليوم، يعمد بعض التلامذة إلى إخفاء هواتفهم قبل الدخول".
ويسمح القانون الجديد المعمول به في كامل أنحاء البرازيل باستخدام الهواتف المحمولة في المدارس فقط للمشاريع التعليمية، أو في حالات الطوارئ، أو لأسباب طبية.
وقد رحب بالقانون خبير التعليم والتكنولوجيا فابيو كامبوس، قائلا إنه من المهم تعليم الطلاب كيفية استخدام هواتفهم الذكية بشكل مسؤول.
وحذر قائلا "البرازيل بلد مليء بأوجه عدم المساواة. فالكثير من الطلاب لا يستطيعون الوصول إلى التكنولوجيا إلا بالمدرسة. لذا فإذا أصبحت أقل اعتمادا على التكنولوجيا، فهذا يعني الفشل".
ويعتقد النائب الفدرالي الوزير فيريرينيا أنه يجب على الأهل أيضا فرض المزيد من القيود على أطفالهم.
لذلك، يواصل بيدرو هنريك، البالغ 11 عاما، الحضور مع هاتفه الذكي كل يوم في مدرسة مارتن لوثر كينغ، ويقول "أتفقد هاتفي قليلا" أثناء فترة الاستراحة "وأشعر بالسعادة عند استرجاعه في نهاية اليوم".