
لم يتردد الأكاديمي والباحث "أ. ح" (39 عاما) حامل الجنسيتين الإيطالية والفلسطينية في استغلال أول فرصة تلوح له لزيارة دمشق للقاء الأهل وتفقد مرابع طفولته لأول مرة منذ 14 عاما.
فكان بين أوائل الواصلين إلى مطارها في الأول من فبراير/شباط 2025 على متن إحدى الرحلات القليلة التي انتظمت خلال الشهرين اللاحقين على سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.
لكنه بدل الذهاب إلى منزل العائلة في شارع العروبة- الجادة الرابعة بمخيم اليرموك، قصد بلدة قدسيا القريبة للقاء أشقائه وشقيقاته الذين شردهم تدمير منزل العائلة المكون من طبقتين (4 شقق)، وتوزع سكانه في ضواحي دمشق.
ما يسرته للأكاديمي "أ.ح" صدفة الهجرة والتحصيل في الخارج من خيارات وبدائل، لم تتحه لزميله في المهنة محمد حميد (67 عاما) المتخرج من بلغاريا أواخر الثمانينيات. فقد باغتت حملة نظام الأسد الابن على مخيم اليرموك محمدا وأسرته وحولتهم إلى نازحين اعتبارا من 16 ديسمبر/كانون الأول 2012 عندما قصفت طائرة ميغ سورية مسجد عبد الحسيني وسط اليرموك. وفي 17 أبريل/نيسان 2018 حصدت حملة الجيش على المخيم حياة شقيقه جمال (44 عاما) أثناء عمله سائقا لسيارة إسعاف بمستشفى فلسطين التابع للهلال الأحمر الفلسطيني.
وكانت النتيجة تشتت أشقائه الذكور (الأول في السويد والثاني بالدانمارك والثالث ببلدة بيلدا السورية المجاورة)، وفرار أولى الشقيقات إلى السويد والثانية إلى تركيا، في حين بقيت اثنتان تقيمان بقربه في "جديدة عرطوز" جنوبي دمشق. وبديهي أن النازح الفلسطيني المستجد محمد حميد لم يزر مخيم اليرموك إلا مرة واحدة عام 2018 لأن منزل الأسرة المكون من ثلاث طبقات سوي بالأرض، حسب وصفه.
ما حصل للباحث محمد حميد تكرر مع الصيدلاني عمر ياسين (40 عاما) مع اختلاف التفاصيل. إذ غادر بدوره اليرموك يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 2012 المشهود مع أهله، الذين تنقلوا في عدة بيوت مستأجرة إلى أن استقر بهم المقام منذ عام 2013 في شقة بمشروع دمر السكني المحاذي لدمشق.
ولم يتمكن عمر من رؤية منزل عائلته في شارع عين غزال إلا بعد تسوية 2018 التي أتاحت سيطرة الجيش السوري على المخيم. لكنه لم يفكر للحظة في العودة بسبب "تعفيش" (سرقة) المنزل على يد شبيحة النظام المنهار وأعوانهم، أي تجريده من كل شيء صالح للبيع وإعادة التدوير خلاف إسمنت السطح والجدران.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا