
ترجمة خاصة - شبكة قدس: نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية عن مسؤولين في الإدارة الأمريكية اتهامهم لحكومة الاحتلال بالوقوف وراء محاولة عرقلة المحادثات التي كانت من المفترض أن تبقى سرية بين الولايات المتحدة وحركة حماس في الدوحة.
ووفقًا لمصادر مطلعة تحدثت مع عائلات الأسرى الإسرائيليين، فإن الوفد الأمريكي الذي سافر إلى الدوحة لم يُطلع حكومة الاحتلال مسبقًا على تفاصيل اللقاء، بعدما نجحت الأخيرة في إحباط جولة سابقة من المحادثات كان من المفترض أن تُعقد الأسبوع الماضي.
المسؤولون الأمريكيون أشاروا إلى أن ممثلي حكومة الاحتلال — وذُكر اسم أحدهم تحديدًا — لا يعارضون فقط وجود قناة اتصال منفصلة بين الولايات المتحدة وحماس للتفاوض على إطلاق سراح الأسرى الأمريكيين بشكل مستقل عن الصفقة الشاملة، بل يخشون أيضًا أن يؤدي نجاح هذه القناة إلى ترتيبات مستقبلية بشأن غزة دون أن تكون حكومة الاحتلال الوسيط الذي ينقل المعلومات إلى الإدارة الأمريكية. في المقابل، وصف مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي هذه المعلومات بأنها "أخبار كاذبة".
ورغم ذلك، كشفت المصادر لصحيفة يديعوت أحرونوت أن الوفد الأمريكي الذي تواجد في الدوحة الأسبوع الماضي كان يستعد لعقد لقاء غير مسبوق بين مسؤول أمريكي رفيع المستوى وقيادي في حركة حماس. لكن حكومة الاحتلال علمت بذلك من قنواتها الخاصة، ما دفعها إلى التواصل مع مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض للتعبير عن رفضها القاطع لعقد اللقاء وللتوجهات التي كانت ستُطرح فيه.
ووفقا للصحيفة، القانون الأمريكي كان يُفسَّر سابقًا على أنه يحظر أي اتصال مباشر بين المواطنين الأمريكيين، حتى الدبلوماسيين، وبين المنظمات التي تصنفها واشنطن كإرهابية. لكن يبدو أن الإدارة الحالية أعادت تفسير القانون أو وجدت مسارًا قانونيًا يسمح بإجراء هذه المحادثات.
وبعد تسريب أخبار المحادثات عبر موقع "أكسيوس"، لم تنكر المتحدثة باسم البيت الأبيض وجود اتصالات مباشرة مع حماس. وعندما سُئلت عن سبب هذه الخطوة، أوضحت أن المبعوث الرئاسي لشؤون الأسرى يمتلك "السلطة للتحدث مع أي طرف إذا كان ذلك يخدم الهدف الأساسي".
وأوضحت الصحيفة العبرية أن قرار الانخراط في مفاوضات مباشرة جاء بعد أن أدركت واشنطن أن المفاوضات الشاملة بشأن جميع الأسرى متعثرة، وأن احتمال استمرار المرحلة الأولى من الصفقة الحالية أو توسعتها يبدو ضئيلًا جدًا. كما تلقت الإدارة الأمريكية معلومات بأن حكومة الاحتلال تستعد لعملية عسكرية واسعة النطاق في غزة قد تبدأ في أي لحظة، ما دفعها لمحاولة تأمين إطلاق سراح الأسرى الأمريكيين.
وأشارت يديعوت أحرونوت إلى أن حكومة الاحتلال رفضت التعاون مع جهود تقوم على أولوية الجنسية الأمريكية لبعض الأسرى، خوفًا من إثارة غضب عائلات الأسرى الآخرين. ونتيجة لذلك، قررت واشنطن أن الخيار الوحيد المتبقي هو المضي قدمًا في محادثات سرية وعاجلة مع حماس.
وتابعت الصحيفة: لكن عندما حاول الوفد الأمريكي ترتيب اللقاء مع قادة حماس، تدخلت حكومة الاحتلال عبر الضغط على مجلس الأمن القومي الأمريكي، الذي أصدر تعليمات للوفد بتأجيل الاجتماع. هذا ما دفع مسؤولين أمريكيين إلى إخفاء تفاصيل المحادثات عن حكومة الاحتلال في المحاولة الثانية، خشية أن تتكرر محاولات العرقلة. ورغم تصريحات البيت الأبيض بأن حكومة الاحتلال كانت على علم بالمحادثات، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن حكومة الاحتلال اكتشفت الأمر عبر قنوات استخباراتية خاصة، وليس من الجانب الأمريكي مباشرة.
وأضافت الصحيفة: في تطور درامي، اتصل الجنرال نيتسان ألون، عضو فريق التفاوض الإسرائيلي، بالوفد الأمريكي في الدوحة وهو ما فاجأ المسؤولين الأمريكيين الذين أدركوا أن حكومة الاحتلال تتابع تحركاتهم عن كثب. أبلغ ألون رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بالمحادثات، وبعد أقل من 24 ساعة تسربت تفاصيل اللقاء إلى وسائل الإعلام. ووفقًا لمسؤولين أمريكيين، فإن حكومة الاحتلال هي من سربت المعلومات عمدًا لإفشال المحادثات، خوفًا من أن يؤدي نجاحها إلى ضغوط داخلية ودولية على نتنياهو لتقديم تنازلات أكبر.
وأكدت المصادر للصحيفة أن المحادثات، رغم الخلافات العميقة بين الطرفين، حققت تقدمًا ملموسًا. لكن في حال التوصل إلى اتفاق، ستواجه حكومة الاحتلال معضلة صعبة، إذ إن إطلاق سراح الأسرى الأمريكيين قد يتطلب الإفراج عن أسرى فلسطينيين مشاركين بعمليات قتل جنود ومستوطنين. في هذه الحالة، ستكون حكومة الاحتلال مطالَبة بـ"دفع الثمن" لصفقة نُسجت خلف ظهرها، ما يثير تساؤلات حول مدى استعداد حكومة نتنياهو للموافقة على ذلك.
في غضون ذلك، يستعد المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف لزيارة المنطقة الأسبوع المقبل، حيث سيمكث في الدوحة لمدة أسبوع في محاولة لإعادة إحياء المفاوضات، سواء لإتمام صفقة جزئية لإطلاق سراح الأمريكيين أو للدفع نحو اتفاق أوسع رغم أن احتمالات نجاح الخيار الأخير تبدو ضعيفة في هذه المرحلة.
ووفقا لصحيفة يديعوت أحرونوت، إذا نجحت قطر في التوصل لتفاهمات مع حماس، قد يؤدي ذلك إلى تصعيد الخلاف بين واشنطن وحكومة الاحتلال، خاصة إذا اضطرت الأخيرة للإفراج عن أسرى ضمن صفقة لم تكن طرفًا فيها. في النهاية، وتظل هذه المفاوضات اختبارًا دقيقًا لقدرة الولايات المتحدة على إدارة مفاوضات معقدة بعيدًا عن حكومة نتنياهو.
في السياق، أكد مصدر إسرائيلي مطلع على تفاصيل مفاوضات صفقة التبادل، لصحيفة "إسرائيل اليوم"، أن المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة وحماس هي حالياً القناة الرئيسية في المفاوضات بين الطرفين. وقال المصدر إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرر فتح هذا المسار بعد أن يئس من عدم جدوى المحادثات عبر الوسطاء - مصر وقطر - التي لم تؤدِ إلى نتائج.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا