"بالدم".. قصة مشوّقة أم اقتباس غير معلن؟ جدل حول العمل اللبناني الأبرز في رمضان

فرض المسلسل اللبناني "بالدم" نفسه بقوة في السباق الرمضاني الحالي، محققا نسب مشاهدة عالية على منصة "شاهد"، وسط إنتاج شحيح للدراما اللبنانية المشتركة هذا العام.
العمل، الذي يجمع الممثلة ماغي بو غصن بالكاتبة نادين جابر والمخرج فيليب أسمر، يأتي استكمالا لشراكات فنية ناجحة جمعتهم سابقا في أعمال مثل "ع أمل" وسلسلة "للموت".
وعلى الرغم من الإشادات النقدية والجماهيرية التي حصدها المسلسل، فإنه لم يسلم من الجدل، إذ وجد نفسه في قلب عاصفة من التساؤلات حول مدى أصالة قصته بعدما طُرحت اتهامات بأنه مقتبس عن قصة حقيقية دون موافقة صاحبتها.
اقتباس أم توارد أفكار؟
تدور أحداث المسلسل حول المحامية "غالية"، التي تكتشف أن ابنتها مصابة بمرض وراثي خطير، لكنها تفاجأ عند إجراء الفحوص الطبية أن سجلها العائلي يخلو تماما من هذا المرض.
تكتشف لاحقا أن عائلتها ليست عائلتها البيولوجية، وأنها تم استبدالها عند الولادة دون علم والديها الحقيقيين، مما يدفعها إلى رحلة بحث مؤلمة لكشف الحقيقة.
هذه القصة أثارت موجة جدل واسعة فور عرض الحلقات الأولى، حيث لاحظ كثيرون تشابهها الكبير مع قصة السيدة اللبنانية "غريتا الزغبي"، التي سبق أن ظهرت على إحدى القنوات اللبنانية قبل أعوام، بحثا عن عائلتها البيولوجية بعد تعرضها لتجربة مشابهة تماما.
إعلانوبعد تصاعد الجدل، خرجت الزغبي بتصريحات تؤكد أن صُنّاع المسلسل لم يحصلوا على موافقتها لاستلهام قصتها، رغم أن العمل يُروّج لنفسه على أنه "مستوحى من أحداث حقيقية". في حين التزم فريق العمل الصمت تجاه هذه الاتهامات، مكتفيا بالترويج للمسلسل والاحتفاء بنجاحه.
تناول جريء لقضايا مجتمعية
بعيدا عن الجدل حول القصة، يحسب لمسلسل "بالدم" تسليطه الضوء على قضايا مجتمعية وإنسانية هامة، حيث يناقش موضوع تجارة الأطفال في لبنان، وهي إحدى الظواهر المسكوت عنها في الأعمال الدرامية.
ويعكس هذا النهج حرص بو غصن على تقديم محتوى اجتماعي مؤثر، كما فعلت العام الماضي في مسلسل "ع أمل"، الذي ناقش قضايا العنف ضد المرأة، كما نجحت نادين جابر في كتابة نص درامي عميق استطاعت من خلاله دمج الإثارة والتشويق مع البعد العاطفي والإنساني، مما زاد من جماهيرية العمل بين فئات مختلفة من المشاهدين.
بين التشويق والملل.. تذبذب إيقاع الحلقات
انطلق "بالدم" بحلقات شديدة التشويق، حيث اعتمد على إيقاع سريع ومفاجآت درامية غير متوقعة أبقت الجمهور في حالة ترقّب دائم. لكن مع مرور خمس حلقات تقريبا، بدأ المسلسل يشهد تباطؤا دراميا، حيث تكررت بعض المشاهد، وظهرت أحداث مستهلكة سبق استخدامها في العديد من المسلسلات العربية، مما خلق حالة من الملل لدى بعض المشاهدين.
غير أن العمل استعاد زخمه الدرامي بعد عدة حلقات، ليعيد التشويق والإثارة إلى الأحداث مجددا، وهو ما انعكس على تفاعل الجمهور، الذي عاد ليتابع المسلسل بحماس أكبر مع تصاعد الأحداث.
نجاح مضمون أم تكرار للوجوه؟
ورغم النجاح الكبير الذي يحققه "بالدم"، فإن هناك تساؤلات عن إصرار بو غصن على التعاون مع الفريق الفني نفسه منذ سنوات دون المغامرة بتجربة جديدة. فمنذ بداية مسيرتها في البطولات المطلقة، ارتبطت فنيا بزوجها المنتج جمال سنان، وشكّلت شراكة طويلة مع الكاتبة نادين جابر والمخرج فيليب أسمر، الذي أخرج لها خمسة أعمال درامية حتى الآن، وهو أيضا أحد أبرز المخرجين اللبنانيين الذين تعاونوا مع منافستها نادين نسيب نجيم في أنجح مسلسلاتها.
إعلانالأمر نفسه ينطبق على فريق الممثلين، إذ يضم العمل وجوها سبق أن تعاونت معها بو غصن في أعمالها السابقة، مثل رفيق علي أحمد، وبديع أبو شقرا، وباسم مغنية، الذين شاركوا في "للموت"، إلى جانب رولا بقسماتي وكارول بو عبود ونوال كامل، اللواتي ظهرن معها في "ع أمل"، بالإضافة إلى جيسي عبدو التي تعيد التعاون معها بعد سبع سنوات من مشاركتهما في مسلسل "جوليا".
في المقابل، شهد المسلسل مشاركة الفنانة الشابة مارلين نعمان، التي لم تكتفِ بالتمثيل، بل أدّت أيضا شارة المسلسل "أنا مين"، بعد أن لفتت الأنظار العام الماضي في مسلسل "ع أمل".
ويبقى "بالدم" أحد أكثر المسلسلات مشاهدة في رمضان 2025، حيث استطاع أن يجمع بين الدراما الاجتماعية والتشويق مع أداء تمثيلي متميز.