Skip to main content

كيف تتعافى النظم البيئية بعد الحرائق؟

20 آذار 2025

كيف تتعافى النظم البيئية بعد الحرائق؟

النظام البيئي للغابات تطور عبر ملايين السنين وأصبح يعتمد على الحرائق الدورية لإحلال التوازن البيئي بشكل طبيعي (أسوشيتد برس)
20/3/2025

مع تزايد حرائق الغابات الكارثية حول العالم في السنوات الأخيرة يطرح السؤال عن مدى تعافي النظم البيئية المتضررة والوقت اللازم لذلك، وتشير الأدلة التاريخية إلى أن النظم البيئية قادرة على التجدد بعد الحرائق، ولكن مع تزايد شدة هذه الحرائق ونطاقها، سيحتاج البشر أيضا إلى تكثيف جهودهم لدعم هذه العملية.

وعند مشاهدة الحرائق المدمرة في جنوب كاليفورنيا، يتساءل الكثيرون عما إذا كانت النظم البيئية المعقدة والمتنوعة في المنطقة قادرة على التعافي من هذا الدمار. الإجابة المختصرة هي نعم. ومع ذلك، فإن العملية ليست بهذه البساطة، ويزيدها تغير المناخ تعقيدا.

اقرأ أيضا

list of 2 items
list 1 of 2
list 2 of 2
end of list

يشير علماء الطبيعة إلى أنه لا حاجة إلى تدخل بشري لإعادة إحياء الغابات المحترقة، خصوصا أن النظام البيئي للغابات تطور عبر ملايين السنين وأصبح يعتمد على حرائق الغابات الدورية لإحلال التوازن البيئي بشكل طبيعي.

كما أظهرت دراسات الحرائق التاريخية العمليات التي تمر بها النظم البيئية بعد الحرائق، وكيف يمكن أن تُفيد التنوع البيولوجي وتعزز مرونة النظم البيئية. ومؤخرا، اتضح أن تغير مناخنا السريع يُؤثر على مراحل التعافي، وأن البشر إما أن يُسهموا في هذه العملية أو يُضرّوا بها.

إعلان

وتعد النار جانبا طبيعيا من دورات النظام البيئي، وخاصة الغابات والمراعي، ولذلك تطورت لتعتمد على النار لخلق التنوع. وبعد الحريق، تظهر رقعة أرض مفتوحة تبدو للعين البشرية وكأنها ندبة عليها.

ومع ذلك، فهي فرصة للعديد من الأنواع، حيث لا تنافس على الموارد ولا وجود لمفترسات. وإن انعدام المنافسة بعد الحريق يفتح آفاقا جديدة في النظام البيئي لمزيد من التنوع، وهذا يؤدي إلى المرونة، أو قدرة النظام البيئي على تحمل التغيير. وتُعرف هذه البداية الجديدة باسم التعاقب البيئي .

ويشير تقرير لموقع "إيرث دوت أورغ" (Earth.org) إلى أنه في عام 1988 احترق أكثر من 30% من متنزه يلوستون الوطني نتيجة حرائق استمرت لأسابيع. واليوم، قد لا يدرك زوار يلوستون أن حريقا قد وقع، رغم أن بعض مناطق المتنزه لا تزال في مراحلها الأولى من التعافي. وهذا دليل على قدرة الطبيعة على التعافي من مثل هذه الكوارث.

بشكل عام تعتمد عملية التعافي على حالة الأرض بعد الحريق وشدته ومدى انتشاره.

ففي المراحل الأولى من تعافي النظام البيئي، تستوطن الكائنات الدقيقة القوية والنباتات المرنة -والتي تُعرف غالبا باسم "الأنواع الرائدة"- الأراضي المحترقة. وللوصول إلى التربة، عادة ما تحمل الرياح هذه الكائنات والبذور والأبواغ. ومع ذلك، كلما اتسعت المساحة المحترقة، زادت المسافة التي يجب أن تصلها هذه الكائنات: وهو عامل رئيسي يُحدد الوقت الذي يستغرقه النظام البيئي للتعافي بعد الحريق.

وتستخدم هذه المستعمرات الأولية العناصر الغذائية في التربة، وتُكون تربة سطحية أغنى، تسمح بعد فترة من الزمن بازدهار المزيد من النباتات بعد الكارثة. وغالبا ما تكون الشجيرات والشتلات المرنة التي تشكّل الطبقة السفلى من الغابة هي العلامة الأبرز على التعافي.

وتتطلب هذه الأنواع سريعة النمو عادة الكثير من ضوء الشمس، وتزدهر في المناطق التي لا توجد فيها أشجار طويلة تظلّلها. وبمجرد أن تملأ الأشجار الأكبر المنطقة، تميل إلى احتلال حواف الغابات أو الحقول.

إعلان

وغالبا لا تعود الحيوانات إلا بعد عودة النباتات، وعادة ما تكون الفرائس الصغيرة هي أول من يعود إلى المنطقة. فوفرة الموائل وقلة الحيوانات المفترسة تجذب الثدييات الصغيرة مثل الفئران والحشرات والطيور. وبمجرد ازدهار الفرائس، تتبعها الحيوانات المفترسة.

ورغم أن جميع النظم البيئية في تغير مستمر، إلا أن مؤشر وصول النظام البيئي إلى مرحلة "الصحة" هو التنوع البيولوجي. ويشير ارتفاع أعداد الأنواع التي تشغل موائل (أو بيئات) مختلفة في النظام البيئي إلى تعافيه بعد الحريق. إلا أن العملية برمتها قد تستغرق مئات أو آلاف السنين.

ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتفاقم ظروف الجفاف، تتزايد وتيرة حرائق الغابات وتدميرها. واجتاحت حرائق الغابات الكندية عام 2023 البلاد نتيجةً لارتفاع درجات الحرارة والجفاف. وأُلقي باللوم على ظروف مماثلة في حرائق لوس أنجلوس، وفي تزايد نشاط الحرائق في غرب الولايات المتحدة ودول البحر الأبيض المتوسط. وبينما يمكن للأنظمة البيئية التعافي بعد الحرائق، فإن هذه الحرائق الأكبر والأكثر شدة تُصعّب التعافي.

وبعد الحرائق، تستغرق النظم البيئية عقودا لإعادة إحياء التربة واستعادة تنوع الأنواع. ويمكن للبشر المساعدة في هذه العملية من خلال إدخال الأنواع ذات الصلة إلى المنطقة من خلال جهود الزراعة المجتمعية وتوزيع الأنواع الرائدة المفيدة. وهذا يعزز التنوع ويُسرّع العملية الطبيعية.

المصدر : الجزيرة + أسوشيتد برس

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا