ناج من إبادة رواندا: ما يحدث في غزة لا يختلف عما عشناه

قال كلاود غيتبوك، أحد الناجين من الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، إنه لا يوجد فرق بين الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة وما حدث في بلاده.
وكانت رواندا على موعد مع يوم حزين في السابع من أبريل/نيسان 1994، عندما بدأت عمليات الإبادة الجماعية التي استمرت حتى 15 يوليو/تموز من العام نفسه، حيث شن متطرفون في جماعة "الهوتو"، التي كانت تمثل الأغلبية في البلاد، إبادة جماعية ضد أقلية "التوتسي"، مما أدى وفقا للتقديرات إلى مقتل نحو 800 ألف شخص.
وفي مقابلة أجرتها معه وكالة الأناضول في ذكرى الإبادة الجماعية براوندا، أعرب غيتبوك، الذي وضع كتابا عن الإبادة في بلاده، عن أسفه لأن الفلسطينيين في غزة اليوم ليسوا محظوظين مثله في النجاة من الإبادة الجماعية.
وانتقد غيتبوك المنظمات الدولية التي تلتزم الصمت تجاه الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، وجرائم الحرب في غزة، مؤكدا أن المبررات التي تقدمها إسرائيل لاستهداف المدنيين الفلسطينيين في غزة لا تتطابق مع الواقع، وأن تل أبيب تستخدم ذرائع مختلفة لإضفاء الشرعية على الإبادة الجماعية.
واعتبر الناجي الرواندي أن القوى الكبرى لن تتخذ أي إجراء إلا إذا تفاعل العالم مع ما يحدث في فلسطين، مضيفا أن المجتمع الدولي غير جاد في التعامل مع الإبادة الجماعية، فهم "لا يتدخلون إلا عندما يكون ذلك في مصلحتهم. ولكن عندما تحدث إبادة جماعية حقيقية في أماكن مثل فلسطين والكونغو، لا أحد يتدخل. بل على العكس، يُقدم الدعم لمرتكبيها".
إعلانوأردف: "دعمت بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا الإبادة الجماعية في رواندا، ويحدث اليوم وضع مماثل مع الإبادة الجماعية في الكونغو، وما يحدث في فلسطين هو نفسه ما حدث في رواندا عام 1994".
وترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
تأثير الاستعمار
وعن تأثير سياسة الاستعمار في الإبادة الجماعية براوندا، أوضح غيتبوك أنه حين كان طفلا لم يكن يعلم بوجود جماعات عرقية في رواندا، فقد كان الجميع من السود، ويتحدثون اللغة نفسها، ولديهم ثقافة وحدة، وكانوا يعرفون الناس من خلال نسبهم.
وأردف: "لكن حين وزع البلجيكيون (المستعمرون) بطاقات الهوية قديما، كانت تحمل الهوية العرقية. كانت هذه البطاقات تجعل منك هدفا سهلا، لا سيما في الأماكن التي لا يعرفك فيها أحد".
وأشار إلى أنه لم يكن هناك أي توتر عرقي خطير في البلاد حتى عام 1990، "حين عادت الحسابات التاريخية إلى الأجندة مع بداية الحرب".
لا يمكن الصمت
وذكر غيتبوك أن آلاف الأشخاص بُترت أطرافهم وتعرض كثير من المدنيين للتعذيب في الفترة من عام 1990 إلى عام 1994 فقط.
وأوضح أنه فقد كثيرا من أقاربه في الإبادة الجماعية، قائلا: "جلست أنا وأمي مؤخرا وبدأنا نحصي عدد من فقدناهم، وتوقفنا عندما وصلنا إلى 79 شخصا.. جدي، أعمامي، أقاربنا".
وأضاف: "في رواندا تُستخدم الإبادة الجماعية لإسكات الضحايا وابتزاز المجتمع الدولي. واليوم، تحدث الإبادة الجماعية، ولا يمكننا الصمت".
ورغم مرور 31 عاما على الإبادة الجماعية العرقية في رواندا، ما زال أكثر من ألف مشتبه بمسؤوليتهم عن ارتكاب مجازر في هذا البلد، يعيشون في بلدان أخرى، طلقاء ودون محاكمة.
ووفقا لبيانات وحدة مراقبة الفارّين من الإبادة الجماعية التابعة لمكتب المدعي العام في رواندا، لا يزال المشتبه في ارتكابهم جرائم إبادة جماعية، يعيشون طلقاء في بلدان مختلفة، بما فيها الولايات المتحدة وفرنسا وهولندا وكندا، دون تعرضهم لأي مساءلة قضائية.
إعلانوأعلنت الأمم المتحدة يوم 7 أبريل/نيسان من كل عام، يوما لاستذكار ضحايا الإبادة الجماعية التي دارت فصولها في رواندا.