Skip to main content

مسألة تسليم سلاح حماس.. ما المطلوب أكثر وما هي النتائج؟

28 نيسان 2025
https://qudsn.co/photo_5769201111272638511_y

منذ أن استأنف جيش الاحتلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، طالبت حكومة الاحتلال حركة حماس، بتسليم سلاح المقاومة الفلسطينية في القطاع، مقابل وقف الحرب، واستئناف إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع.

في الواقع لاقت هذه الدعوة بعض توافقاً محلياً وعالمياً كطوق نجاة لقطاع غزة، وإنقاذ الفلسطينيين به من الإبادة، غير أن هذه التوجهات ذهبت إلى ما هو أكثر من المطالبة بتسليم السلاح، بل بتحميل حركة حماس مسؤولية الدمار والقتل الذي يمارسه الاحتلال منذ 18 شهراً في قطاع غزة، على مرأى ومسمع العالم أجمع.

تقاطع أهداف مع الاحتلال

في هذا السياق، قال المختص بالشأن القانوني عمار جاموس إن دعوة حماس للتخلي فوراً عن حكم وإدارة قطاع غزة بدون توافق وطني شامل وبلا انتخابات عامة - تقابل عملياً (إسقاط حماس)، هي دعوة تتقاطع مع أهداف "إسرائيل" المعلنة من الحرب، والمتمثلة في القضاء على قدرات حماس العسكرية والمدنية والسلطوية في غزة، وهو بمنزلة الاستسلام، والذي يحسب على الفلسطينيين كافةً، وليس فقط على حماس، لأن حماس جزء من الشعب الفلسطيني، ولها مناصرين وقاعدة شعبية واجتماعية، وقد حصلت أيضاً على الأغلبية في آخر انتخابات تشريعية في 2006.

وأضاف جاموس بقوله "بكل أسف ومرارة وألم، فإن حجم الجريمة في غزة، هائل، إلا أنه لا يجب أن يفقدنا القدرة على التركيز والتفكير العقلاني. يجب أن نحافظ على حد أدنى من التماسك في خطاب منطقي حتى في ظل هذه الأهوال، ولذلك أقول: الاستسلام عواقبه وخيمة. ويجب أن تكون هنالك حلول أخرى غير الاستسلام والتعامل مع "إسرائيل" وترامب والعرب كأقدار لا مفر منها". 

وأوضح أن العودة إلى 6 أكتوبر 2023 انتهت، وغير ممكنة، ومضرة بالقضية الوطنية، ويجب أن تتولى السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير حكم وإدارة القطاع، ولكن ليس على الطريقة الإسرائيلية، بل يجب أن يحصل ذلك بموجب توافق وطني فلسطيني شامل تنتج عنه حكومة وحدة وطنية، همها الأول، العمل على إنهاء الحرب والإغاثة والإنعاش الإنساني وصولاً لإعادة الإعمار، والتجهيز للانتخابات العامة، وهذا له أساس ومتوفر في إعلان بكين في يوليو 2024.

وأوضح أنن ضرورة خروج حماس من المشهد الحكومي في غزة، ليس لسحب الذريعة من "إسرائيل" كما يظن وينادي به البعض، فهذه مغالطة منطقية، وتعطي انطباع غير حقيقي بأن حماس هي من تتحمل مسؤولية الإبادة وأن خروجها سيوقفها، بينما "إسرائيل" لن تتوقف حتى لو خرجت حماس وولَّت عوضاً عنها عشائر، فستبقى تلاحق وتقتل وتفتش وتهدم وتدمر وتهجر كما الضفة تماماً، وإن بوتيرة أكثر في غزة بسبب الهستيريا الحربية للمجتمع الإسرائيلي برمته تجاه غزة... بل إن ضرورة خروج حماس، هو لأن الوحدة الوطنية الآن ضرورة وجودية للشعب الفلسطيني- وجود قيادة موحدة للشعب الفلسطيني ببرنامج وطني تحرري واضح، هو شرط مسبق لاستثمار التضحيات والتضامن العالمي والمقاو.مة الباسلة، وذلك على طريق حل القضية الفلسطينية حلا عادلاً.

وأشار إلى عدم إمكانية تحقق شيء في ظل الانقسام السياسي، فالعالم بمن في ذلك العرب الذين يغذون الانقسام عبر وضع فيتو على الوحدة، سيضطرون أخيراً للتعامل مع "قدر" القيادة الفلسطينية الموحدة.

وأضاف "هل أنا متأكد من ذلك لو حصل؟ بالطبع لا. ولكن الحال لن يكون أسوأ من الوضع الحالي، هو رهان قد ينجح وقد يخيب، ولكن الرهان على تحقيق "إسرائيل" النصر المطلق هو كارثة بكل المقاييس، هذا متأكد منه بنسبة 100%، للأمانة العلمية، وبحسب المصادر المفتوحة والموثوقة، فإن حماس وافقت جدياً على الخروج من حكم غزة، وذلك عبر موافقتها على اتفاق بكين الموقع في 24 يوليو 2024 في العاصمة الصينية بين ممثلي فتح وحماس والفصائل الأخرى، وقد استعدت لتنفيذ التزاماتها بموجبه، ووافقت في وقت لاحق (ديسمبر 2024) على مقترح القاهرة تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة غزة بعد الحرب، وإن منْ يرفض هذه اللجنة، ويرفض تنفيذ التزاماته بموجب اتفاق بكين، هو السيد رئيس السلطة الوطنية أبو مازن المحترم وليس حماس.

وأردف بقوله "هذه الحقيقة (الواقع)، التي يقفز عنها البعض ويتجاهلها بسوء نية أو بحسن نية، ويطلب من حماس المزيد. هذا ظلم. العدل والحق والحقيقة تقتضي تحديد مسؤولية كل طرف بوضوح، وتقييم مدى وفائه بتعهداته، والإجراءات العملية المطلوبة منه.... الكلام المرسل عن الوحدة والشراكة وإنهاء الانقسام والتغني بهم دون تحديد المسؤوليات، أو استسهال إلقاء اللوم على الجميع بمن في ذلك الطرف الذي أعلن التزامه، هو ظلم وغير عادل وغير مفيد".

وأضاف بقوله: "ما المطلوب من حماس أكثر من ذلك؟ مزيد من التنازلات في مفاوضات الدوحة؟ لقد حصل هذا، وآخر هذه التنازلات قبول مقترح الوسطاء في 27 مارس 2025، فهذا تنازل لا يستهان به من حماس، لأن الحق هو تطبيق اتفاق 17 يناير 2025 كما هو، والذي انقلبت عليه "إسرائيل" والولايات المتحدة برفض تنفيذ البروتوكول الإنساني، ورفض التفاوض على شروط المرحلة الثانية والذي كان مقرراً له أن يحصل بحسب الاتفاق الأصلي في اليوم 17 من المرحلة الأولى؛ أي بتاريخ ٤ فبراير 2025، لكن "إسرائيل" لم ترسل وفداً للتفاوض إلى الدوحة بالرغم من إعلان حماس استعدادها للتفاوض... وصولاً إلى إغلاق المعابر يوم 2 مارس، ثم استئناف العدوان بالقوة النارية فجر الثلاثاء الأسود في 18 مارس. ما المطلوب أكثر من حماس".

وأوضح قائلاً: "س؟ التنازل عن حكم غزة؟ حصل أيضاً، لقد قبلت الحركة اتفاق بكين ولجنة الاسناد المجتمعي والذي رفضها هو السيد أبو مازن... لكن البعض ما زال مصراً على تحميلها مسؤولية تعطيل الوحدة الوطنية استسهالاً أو بسوء نية. أم أن المطلوب هو أكثر من التخلي عن حكم غزة؟! هل المطلوب أكثر من التنازلات في المفاوضات إلى الخروج من غزة تماماً والاستسلام الصريح والواضح لـ"إسرائيل" في المفاوضات إضافة إلى تسليم السلاح؟! هل هذا هو المطلوب؟! ألا يعني هذا لو حصل أن بنيامين نتنياهو واليمين الفاشي في "إسرائيل" قد حققوا النصر المطلق على الفلسطينيين؟! هل ندرك خطورة ذلك لو حصل؟! أنا لست حمساوياً، وأعترف بالهولوكوست وبمعاناة اليهود في أوروبا، وينفطر قلبي على إبادة الأطفال والنساء والشيوخ والرجال في غزة، إلا أنه في المقابل، لا شيء يبرر فعلة "إسرائيل" في غزة، وهي منْ تتحمل المسؤولية وليس حماس، ثم إنني أدرك عواقب استسلام الفلسطينيين للقوة الغاشمة، والذي يعني النصر المطلق لبنيامين نتنياهو، لذلك أقول: إن قطع الطريق على "إسرائيل" وسحب الذرائع منها يكون فقط بالوحدة الوطنية وتشكيل حكومة وفاق وطني ودعوة الإطار القيادي الموحد المؤقت لمنظمة التحرير وفقاً لما ينص عليه اتفاق بكين".

واختتم بقوله: "على العرب و"إسرائيل" والولايات المتحدة وعلى العالم أن يتعاملوا حينها مع "قدر" الوحدة الوطنية، عليهم أن يدركوا عندئذٍ أن التطبيع بين "إسرائيل" والسعودية على حساب القضية الفلسطينية و/أو بدون حلها حلاً عادلاً بما في ذلك حق عودة اللاجئين، قد انتهى وأصبح من الماضي. بغير ذلك سوف نندثر وسوف يتم تصفية القضية، والعالم سيحكم فقط بغطرسة القوة".

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا