Skip to main content

صحفيو قناة أمريكية ناطقة بالعربية في دبي يواجهون مستقبلاً غامضاً بعد تخفيضات ترامب

في ضربة مفاجئة، توقفت قناة "الحرة" الناطقة بالعربية – وهي القناة الأمريكية الوحيدة في المنطقة – عن البث الشهر الماضي، بعد أن طالتها تخفيضات واسعة النطاق فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ورغم محاولاتها الدؤوبة لمنافسة قنوات إخبارية كبرى مثل "الجزيرة" القطرية، عانت "الحرة" من صعوبات في جذب الجمهور، وكانت قد سرّحت بالفعل 25% من موظفيها عقب خفض ميزانيتها في سبتمبر الماضي.

تأتي هذه الإجراءات أيضاً في ظل التباين بين نهج القناة والإدارة الأمريكية الحالية، التي لا تخفي عداءها للإعلام التقليدي. ومن المفارقة أن ترامب نفسه من المقرر أن يزور دولة الإمارات وعدداً من دول الخليج هذا الشهر.

لكن إغلاق "الحرة" المفاجئ كان صدمة للموظفين. ففي 12 أبريل، تلقى جميع موظفي مكتب القناة في دبي – وعددهم 99 – رسالة إلكترونية بعنوان "شكراً لخدمتكم"، تفيد بفصلهم الفوري من العمل.

تقول "سارة" – وهو اسم مستعار لإخفاء هويتها – إن الموظفين يخوضون الآن معركة قانونية للحصول على مستحقاتهم المالية ونهاية الخدمة بحسب قوانين دولة الإمارات. وأضافت في حديثها لوكالة الأنباء الفرنسية: "نعيش كأننا في فيلم رعب… تم قطع مصدر دخلي فجأة، ولدي التزامات أسرية وقرض مصرفي، ماذا سأفعل إذا عجزت عن سداد الأقساط؟"

يخضع قرار وقف تمويل قناة "الحرة" – إلى جانب وسائل إعلام أخرى تابعة للوكالة الأمريكية للإعلام العالمي (USAGM) مثل "صوت أمريكا" و"راديو آسيا الحرة" – للطعن القانوني في المحاكم الأمريكية، لكن موظفي دبي لا يعلّقون آمالاً كبيرة على العودة إلى وظائفهم. في هذه الأثناء، تقول سارة: "الضغوط النفسية دمرت حياتنا بالكامل".

"إعادة ضبط للرسائل"
وفقاً لصحفيين من القناة، فإن السلطات الإماراتية تتابع القضية عن كثب وقدمت تسهيلات لهم، مثل عدم إلغاء إقاماتهم بشكل فوري كما هو معتاد عند فقدان الوظيفة.

ويقول الدكتور مطلق المطيري، المتخصص في الإعلام بجامعة الملك سعود، إن هذه التخفيضات تعكس تغيراً في طريقة تواصل واشنطن، موضحاً أن "الولايات المتحدة لم تعد تعتمد على الإعلام لنقل رؤيتها السياسية كما كانت تفعل سابقاً، وخصوصاً في ما يتعلق بقضايا الإرهاب"، بل أصبحت "تعتمد مباشرة على الحوار بين القادة والحكومات".

منبر ناعم لمواجهة الجزيرة
تأسست قناة "الحرة" في عام 2004 بعد غزو العراق، كمحاولة أمريكية لبسط "القوة الناعمة" ومواجهة التأثير المتنامي لقناة الجزيرة، التي بدأت بثها عام 1996. وتقول القناة إنها تصل إلى أكثر من 30 مليون مشاهد أسبوعياً في 22 دولة عربية.

وتتبع "الحرة" لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (MBN)، وهي جزء من الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي – وهي هيئة فدرالية مستقلة تمول وسائل الإعلام العامة.

غير أن إدارة ترامب، التي وضعت على رأس USAGM شخصية محافظة بارزة هي مذيعة الأخبار السابقة كاري ليك، وصفت الوكالة بأنها "عملاق فاسد يثقل كاهل دافعي الضرائب".

وفي حين طلبت الوكالة تمويلاً قدره 950 مليون دولار للسنة المالية الحالية، كان عدد موظفيها في 2023 يبلغ 3,384 موظفاً.

"استراتيجية قتل"
قال جيفري غيدمين، رئيس ومدير عام شبكة MBN، والذي لم يمضِ على توليه المنصب سوى عام واحد، إن عدد الموظفين انخفض من نحو 500 إلى 40 فقط، واصفاً التخفيضات بأنها "استراتيجية قتل" للإعلام المستقل من قبل الإدارة الأمريكية.

وأضاف: "ما تقوم به إدارة ترامب غير حكيم، وسينعكس سلباً على صورة الولايات المتحدة في الخارج".

وبالرغم من أن البعض كان يتوقع إغلاق القناة، إلا أن السرعة التي تمت بها العملية كانت مفاجئة. وقال موظف في مقر الشبكة بولاية فرجينيا: "كنا نتوقع القرار، لكن ليس بهذه السرعة... لقد ألقوا بنا في الشارع".

وأشار مايكل روبينز، مدير شبكة "الباروميتر العربي" البحثية، إلى أن القناة واجهت صعوبة في منافسة قنوات أكثر رسوخاً مثل الجزيرة وBBC، موضحاً أن "قليلاً من سكان المنطقة يعتبرون الحرة مصدرهم الرئيسي للمعلومات".

أما صحفي آخر في مكتب دبي، فضّل عدم الكشف عن هويته، فقال إنه يواجه الآن مستقبلاً مهنياً غامضاً بعد ثماني سنوات من العمل في القناة، مضيفاً: "نُنبذ الآن من قبل وسائل الإعلام العربية لأننا كنا نعمل لحساب الأمريكيين".

وختم غيدمين قائلاً: "أقف بالكامل إلى جانب الموظفين الذين تم فصلهم... نحاول فعل ما بوسعنا لمساعدتهم ولو قليلاً".