هل يستثمر العرب فرصة توتر العلاقة بين ترامب ونتنياهو؟

أجمع خبيران سياسيان على أن التوتر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعكس خلافات حقيقية حول ملفات المنطقة.
وأكدا أن ذلك يمثل فرصة للدول العربية لاستثمارها خلال زيارة ترامب المرتقبة للمنطقة، خاصة في ظل غياب إسرائيل عن جدول الزيارة.
وفي حلقة برنامج "ما وراء الخبر"، اتفق أستاذ العلوم السياسية والخبير في الشؤون الأميركية، الدكتور عبد الله الشايجي، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، الدكتور حسن أيوب، على أن ملف غزة يشكل نقطة خلاف محورية بين واشنطن وتل أبيب، حيث يرغب ترامب في إنهاء الحرب فيما يسعى نتنياهو إلى مواصلتها.
وقالت مصادر مقربة من ترامب إنه يشعر "بخيبة أمل" من نتنياهو، ويعتزم اتخاذ "خطوات" في الشرق الأوسط "بدون انتظاره"، وفق ما أورده الإعلام الإسرائيلي.
ومنذ بدء ولايته الرئاسية الجديدة، في 20 يناير/كانون الثاني 2025، قدّم ترامب دعما متنوعا وغير محدود لحكومة نتنياهو، ورغم ذلك، نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم"، اليوم الخميس، عن مصادر من دون تسميتها أن "ثمة انخفاضا في العلاقات الشخصية وخيبة أمل متبادلة بين نتنياهو وترامب".
وأوضح الشايجي أن هناك تباينا واضحا بين ترامب ونتنياهو حول ملفات متعددة، منها الحرب على غزة وجماعة انصار الله (الحوثيين) وسوريا وكذلك العلاقة مع تركيا، مشيرا إلى أن تسريبات إدارة ترامب عبر عدة صحف أميركية رئيسة تؤكد وجود خيبة أمل أميركية من نتنياهو.
إعلانوأضاف أن الموقف الأميركي من الحوثيين يمثل أوضح دليل على هذا الخلاف، حيث أوقف ترامب القصف ضدهم وتوصل إلى تفاهم عبر وساطة عمانية من دون تنسيق مع إسرائيل، مما أصاب نتنياهو وفريقه بالصدمة.
وكان ترامب قد فاجأ الأوساط السياسية في واشنطن بإعلانه عن اتفاق مع جماعة الحوثيين لوقف الضربات العسكرية الأميركية على اليمن، في خطوة وُصفت بأنها سريعة وغير متوقعة.
وأعلن ترامب أول أمس الثلاثاء وقف العمليات العسكرية ضد الحوثيين مقابل التزام الجماعة بعدم استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر، وهو ما اعتبرته الجماعة "انتصارا"، مؤكدة في الوقت ذاته أن استمرار استهداف السفن الإسرائيلية خارج نطاق الاتفاق.
ومن جانبه، أكد أيوب أن الخلاف "جاد وإستراتيجي" وليس مجرد خلاف تكتيكي، موضحا أن الإدارة الأميركية الجديدة تريد أن تتعامل مع ملفات الشرق الأوسط بمنطق حلحلة المشكلات وفصل الملفات عن بعضها البعض لتحقيق إنجازات ملموسة، بينما تصر إسرائيل على ربط كل هذه الملفات ببعضها.
عوامل شخصية وسياسية
وأجمع الخبيران على أن شخصية ترامب ومفهوم "أميركا أولا" يلعبان دورا مهما في هذا الخلاف، حيث أشار الدكتور الشايجي إلى أن ترامب رئيس غير تقليدي يطرح مفهوم "أميركا أولا" ولديه ثقة مفرطة بنفسه تجعله يعتقد أنه يفهم السياسة الأميركية أكثر من أي رئيس آخر.
وأوضح الدكتور أيوب أن ترامب لا يريد أن يعطي انطباعا بأنه يعاقب إسرائيل كدولة، بل يشير إلى وجود مشكلة مع نتنياهو تحديدا.
وشدد الخبيران على أن هذا الخلاف يشكل فرصة للدول العربية لتعزيز مواقفها، حيث أكد أيوب أن اللحظة الراهنة مفصلية وتشكل فرصة هائلة للدول العربية عندما يأتي ترامب إلى المنطقة، ليس فقط لاستغلال الخلاف مع إسرائيل، بل لاستغلال حاجة الإدارة الأميركية للترتيبات الإقليمية.
ودعا الشايجي إلى استثمار القمة القادمة في الرياض في منتصف الشهر الجاري، قائلا: على دول مجلس التعاون والدول العربية ان تستغل فرصة أن ترامب رئيس لديه القدرة على تحقيق اختراقات، وأن تشرح له أن نتنياهو هو العقبة التي تهدد أمن أميركا وحلفائها والاستقرار والاستثمارات التي تهمه.
إعلانمستقبل العلاقات
ورغم الاتفاق على وجود خلاف حقيقي، استعبد الشايجي أن يؤثر هذا الخلاف على جوهر العلاقات الأميركية الإسرائيلية، مؤكدا أن العلاقة لم تصبح مرتبكة أو متجمدة بعد، وأن الرسائل التي يوجهها ترامب تعود إلى طبيعة شخصيته وقوته الدافعة وسيطرته على الكونغرس واختطافه للحزب الجمهوري.
بينما أشار الدكتور أيوب إلى أن تأثير الخلاف يعتمد على الملف المتحدث عنه، محذرا من احتمال أن يقدم ترامب لنتنياهو جائزة كبرى بأن يسمح له بالتصرف في قطاع غزة بالطريقة التي يريدها مقابل قبول نتنياهو بالإستراتيجيات الأميركية في الملفات الأخرى.