Skip to main content

مخلفات الحرب تستهدف الأجنة في بطون أمهاتهم

12 أيار 2025
https://qudsn.co/مخلفات الحرب تستهدف الأجنة في بطون أمهاتهم

غزة - خاص قدس الإخبارية: بداية الشهر الجاري، ولدت الطفلة ملك القانوع في مستشفى العودة الأهلي شمال قطاع غزة، كانت ولادتها صدمة لعائلتها لكن الفريق الطبي اعتاد ما بعد الحروب السابقة على غزة ولادة أطفال يشبهونها، فقد وضعت "دون دماغ" – تشوه خلقي- بفعل الغازات السامة التي استنشقتها الأم.

نشر المدير العام لوزارة الصحة في غزة منير البرش مقطع فيديو يوثق الحالة المأساوية للطفلة، التي بدت برأس غير مكتمل، إذ تنتهي الجمجمة عند مستوى العينين، وذكر أن هذه الحادثة تأتي في سياق تزايد مقلق لحالات التشوهات الخلقية في القطاع، وهو ما يعزوه مسؤولون وأطباء فلسطينيون إلى استخدام إسرائيل أسلحة تجريبية ذات تأثير إشعاعي وكيميائي مدمر، يستهدف المدنيين، بمن فيهم النساء الحوامل والأجنة.

وبحسب الحكيمة "إيمان أبو سالم" والتي تعمل في حضانة مستشفى العودة وتتنقل في العيادات الخاصة للولادة في مدينة غزة وشمالها، فإن من بين التشوهات الخلقية الواضحة على حالات الولادة منذ مطلع العام الجاري هي  الشفة الأرنبية، تشوهات في القلب، تشوه خلقي في الدماغ، فتحة في سقف الحلق".

وأشارت الحكيمة لـ "شبكة قدس" إلى أن هناك تشوهات أخرى تكون عبارة عن تشوهات الأعضاء الداخلية وتؤدي لوفاة الرضيع، بالاضافة إلى أن هناك أيضا خلل في وزن العضلات مما يؤثر على عمل الأعضاء الحيوية الداخلية.

وبحسب ملاحظتها فإن سوء التغذية للحوامل نتيجة المجاعة وقلة الأطعمة المفيدة لهن، تؤدي إلى تلك التشوهات، فغالبيتهن يحرمن أبسط الاحتياجات التي تناسب غذاء الام الحامل كالكالسيوم المتواجد في الحليب والبيض، وحتى البروتينات المتواجدة في الدجاج واللحوم، فكل شيء مفقود ويعتمدن في تغذيتهن على المعلبات التي تأتي عبر المساعدات الإغاثية.

وبحسب تقارير طبية وشهادات ميدانية فإن تزايد مقلق في حالات تشوّه الأجنة والولادات المعقدة في غزة، تزامنًا مع ما يُوصف بـ"حرب الإبادة" التي استخدم فيها الاحتلال الإسرائيلي أسلحة يُعتقد أنها محرّمة دوليًا، في ظل غياب أي حراك دولي جاد للكشف عن طبيعتها أو محاسبة الاحتلال.

وفي الوقت ذاته تعاني مستشفيات القطاع المحاصر من نقص حاد في المعدات والأجهزة الطبية الضرورية للتشخيص المبكر والعلاج، يُترك السكان لمصيرهم المجهول، يواجهون آلامهم الجسدية والنفسية في ظل صمت دولي مخزٍ وتجاهل صارخ لأبسط حقوق الإنسان.

سوء تغذية الأمهات الحوامل وأضراره

في حي الشجاعية بمدينة غزة، وضعت السيدة نضال - 35 عامًا-، طفلها الثالث في ديسمبر 2024، لكن الفرحة لم تكتمل، فبعد ساعات قليلة فقط، فارق الحياة. الطفل جاء إلى الدنيا صغير الحجم، بجسد نحيل ورأس كبير بشكل غير طبيعي، فقد كان يعاني من استسقاء الرأس – أحد التشوهات الخلقية الخطيرة التي تصيب الدماغ.

بصوتٍ مخنوق تقول نضال:" صدمت حين شاهدت المولود (..) ما توقعت أبداً أني أولد طفل مريض بهاي الطريقة وخاصة إنه حملي الأول والثاني مرّوا بسلام."

نضال لم تكن تعيش حملاً طبيعياً، بل كانت تخوض صراعاً يومياً من أجل البقاء، تتنقل بين مدينة غزة وشمالها تعاني الجوع والعطش، وتتناول وجبة واحدة في اليوم بالكاد تكفيها – رغيف خبز محشو باللحم المعلب، وتشرب من مياه ملوثة.

تحكي  لـ "شبكة قدس" أنها لم تتمكن حتى من إجراء فحص السونار خلال الحمل، ما جعلها تعيش في قلق دائم دون أن تطمئن على حالة الجنين. في المرتين السابقتين، كانت تهتم بتغذيتها وتزور الطبيب بانتظام، لكن هذه المرة حُرمت من أبسط حقوق الأمومة: الرعاية الصحية.

حكاية نضال تشبه العشرات من السيدات الحوامل اللواتي ينتظرن طفل مشوه بفعل الحرب، واخريات انجبن اطفال بتشوهات خلقية بفعل نقص الغذاء والدواء مما يعرض حياتهن أيضا للخطر.

بدورها ذكرت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، مارغريت هاريس، إن 90% من النساء الحوامل والمرضعات في قطاع غزة يعانين من سوء تغذية حاد، وإن نقص المعدات الطبية يحول دون حصولهن على العلاج اللازم.

وأشارت إلى أن صحة الأمهات والأطفال في غزة شهدت تدهورًا حادًا منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وفي السياق ذاته، يؤكد الدكتور سامي لبد، أخصائي طب الأطفال وحديثي الولادة، أن سوء التغذية عند الحوامل ترك أثرًا بالغًا على صحة المواليد في غزة، حيث ازدادت حالات الولادة المبكرة وارتفاع عدد الأطفال الخدّج داخل الحاضنات.

وأوضح لبد أن الوضع كان تحت السيطرة قبل الحرب، إذ كانت المستشفى تستقبل من حالتين إلى ثلاث حالات خدج شهريًا، لكن هذا الرقم تضاعف بشكل كبير في الأشهر الأخيرة.

وأكد أن الضغط النفسي الشديد، والنزوح المستمر، والمجهود البدني الزائد الذي تُجبر عليه الأمهات، كحمل المياه، وجمع الحطب للطهي، وهي عوامل تؤدي إلى الإجهاد الشديد والولادات المبكرة.

ويحذر لبد من أن سوء تغذية الأم يؤدي كذلك إلى ولادة أطفال يعانون من نقص الكالسيوم، ما يسبب تشنجات عصبية بعد الولادة، ويجعل رحلة العلاج أكثر تعقيدًا في بيئة تفتقر لأبسط مقومات الرعاية الصحية.

وتجدر الإشارة إلى أنه وفق مصادر صحية سجلت نهاية العام الماضي 172 إصابة لأطفال حديثي الولادة بتشوهات واضطرابات خلقية خلال أشهر(يونيو ويوليو وأغسطس 2024 ) في مجمع ناصر الطبي وحده، توفي 20% منهم، إضافة إلى زيادة ملحوظة لهذه الإصابات بشمالي قطاع غزة.

ولا توجد أرقام دقيقة بسبب تدمير مستشفى الشفاء وانهيار المنظومة الصحية والإدارية هناك، وتوزع الحالات على العيادات الخاصة .

 

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا