خاص - شبكة قدس الإخبارية: شهدت الأراضي اللبنانية ليلة أمس الإثنين، قصفاً إسرائيلياً عنيفاً طال مختلف البلدات الجنوبية، وعدة أحياء من الضاحية الجنوبية لبيروت، نتج عنه عدداً من الشهداء والجرحى، فيما شمل القصف أحد مداخل مستشفى الحريري الحكومي الجامعي في بيروت.
بالتزامن مع ذلك، وجه جيش الاحتلال تهديداً مباشراً لمستشفى الساحل في الضاحية الجنوبية، والذي يعمل بشكلٍ جزئي جراء الظروف الأمنية الصعبة التي تعيشها الضاحية منذ بدء العدوان الإسرائيلي، وقبل ذلك استهدف طيران الاحتلال مراراً وتكراراً الطواقم الطبية اللبنانية أثناء عملها على إخلاء الجرحى والشهداء، فهل يكرر الاحتلال سيناريو جرائمه التي ارتكبها ضد المستشفيات والمراكز الطبية في قطاع غزة ضد المستشفيات اللبنانية؟
استهداف مباشر وجرائم لا تنتهي
منذ مطلع تشرين أول/أكتوبر الجاري، يصعد الاحتلال الإسرائيلي من عدوانه على لبنان بشكلٍ مكثف، كان الأعنف منذ عام 2006، في حين طال القصف الجوي جنوب لبنان بأكمله وعدداً من الضواحي والأحياء في مدن: بيروت، صيدا، وصور، فيما أجبر هذا العدوان إدارات مستشفيات مرجعيون، وميس الجبل، وبنت جبيل الحكومية على إغلاق أبوابها، وإجلاء المرضى والجرحى، وهو ما أخرجها بالكامل عن الخدمة.
وبتاريخ 4 تشرين أول/أكتوبر، تعرض حرم مستشفى "الشهيد صلاح غندور" في بنت جبيل لقصف مدفعي إسرائيلي بـ4 قذائف، مما أسفر عن إصابة 15 فرداً من الطاقم الطبي والتمريضي، وتم نقل المصابين إلى مستشفيات مجاورة لتلقي العلاج بواسطة فرق الصليب الأحمر، ليخرج عن الخدمة أيضاً، تزامن ذلك مع قصف إسرائيلي لطاقم إسعاف الهيئة الصحية الإسلامية قرب مستشفى مرجعيون الحكومي، مما أدى إلى استشهاد 7 مسعفين وإصابة 5 آخرين.
وقبل أيام، قال وزير الصحة اللبنانية فراس الأبيض، إن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الطواقم الطبية اللبنانية بشكلٍ مباشر وممنهج، كاشفاً عن خروج 13 مستشفى عن الخدمة، واستشهاد أكثر من 150 شخصاً من العاملين في المجال الصحي، بالإضافة إلى استهداف 100 مركز طبي و130 سيارة إسعاف.
وأكدت الهيئة الصحية الإسلامية اللبنانية استشهاد 70 فرداً من طواقمها خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، فيما قالت جمعية الرسالة الكشفية إنه استشهد 21 عنصراً من طواقمها جراء عدوان الاحتلال المستمر على لبنان.
صمت دولي وإجرام مستمر
وأعلن المكتب الإعلامي في وزارة الصحة العامة اللبنانية في بيان له مساء يوم الاثنين، إدانته لتهديدات جيش الاحتلال الإسرائيلي لمستشفيين الساحل، والحريري الحكومي في بيروت، وقال البيان: "تسجل أحداث العدوان الإسرائيلي المتمادي على لبنان حلقات متتالية من الاستهدافات اليومية التي تطال القطاع الصحي اللبناني، وآخرها هذا المساء بالتعرض لاثنين من كبريات مستشفيات العاصمة وجبل لبنان".
وأضاف بيان الوزارة: "بعدما عمد العدو الإسرائيلي إلى تهديد مستشفى الساحل في الضاحية الجنوبية لبيروت والذي كان لا يزال يعمل جزئيا رغم الظروف الأمنية البالغة الصعوبة، طالت غارة معادية أحد مداخل مستشفى الحريري الحكومي الجامعي الذي لا يزال يعمل بشكل طبيعي بكامل طاقمه الطبي والصحي ويستقبل عددا كبيرا من المرضى ويوجد فيه مركز أساسي للجنة الدولية للصليب الأحمر".
وأدانت الوزارة في بيانها الاعتداءات التي وصفتها بأنه "تعكس مضي الكيان الإسرائيلي قدما بارتكاب جرائم الحرب التي لا تقيم وزنا لأي من القوانين الإنسانية والدولية، حيث لا تتردد قوى الاحتلال في استهداف المنشآت الصحية من جهة، والعاملين الصحيين من جهة ثانية إذ بلغ عدد الشهداء المسعفين في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة أربعة سقطوا خلال قيامهم برسالتهم الإنسانية الإسعافية إلى جانب جرح خمسة من زملائهم وتضرر عدد من الآليات الإسعافية".
وناشدت الوزارة المجتمع الدولي وطالبته بالتخلي عن "سياسة الصمت حيال ما حدث ويحدث وقد يحدث". وقالت: "إلى متى ستستمر هذه اللامبالاة وكم سيسقط من أبرياء ويتدمر ويتضرر من مبان حيوية حتى يستيقظ ضمير العالم وينهي الكيان الإسرائيلي عن المضي قدما في اعتداءاته على الجسم الطبي والقطاع الصحي في لبنان؟".
على غرار قطاع غزة.. استهداف المنظومة الطبية
منذ عام، يستمر الاحتلال بحرب الإبادة على قطاع غزة، فيما كثف من جرائمه ضد المستشفيات الفلسطينية هناك بأشكالٍ مختلفة، منها الحصار المطبق، والقصف المباشر، والهدم والحرق، ليطال الخراب كافة المستشفيات والمراكز الطبية على امتداد القطاع.
وتتركز الهجمة الصهيونية هذه الأيام على شمال قطاع غزة، الذي يشهد مجازر يومية أوقعت مئات الشهداء والاف الجرحى، وسط حصار خانق على المستشفيات هناك، فيما قال مدير مستشفى كمال عدوان الدكتور حسام أبو صفية قبل 3 أيام، "وصلنا لمرحلة المفاضلة في التعامل مع الحالات والكثير من الإصابات فارقت الحياة لعدم القدرة على التعامل معها".
وقصفت قوات الاحتلال قبل يومين الطوابق العلوية لمستشفى كمال عدوان بعدة قذائف، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل، كما استهدفت طائرة مسيرة إسرائيلية ساحة المستشفى مما أسفر عن استشهاد فلسطيني وإصابة اثنين آخرين.
في حين حاصرت دبابات الاحتلال المستشفى الأندونيسي في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، ودمرت أسواره، كما قصفت المولد الكهربائي الرئيسي، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي الأمر الذي تسبب باستشهاد مريضين في قسم العناية المركزة.
ويمكن القول أن ما يحدث ضد المستشفيات الفلسطينية في شمال قطاع غزة اليوم، هو ذاته ما حدث بكافة مستشفيات القطاع على مدارعامٍ كامل من الإبادة، في حين كانت المجزرة الأبرز مجزرة مجمع الشفاء خلال شهر آذار/مارس الماضي، والذي تعرض لمجزرة مروعة صُنفت كأبرز جرائم الحرب، وداست دبابات الاحتلال ومجنزراته أجساد الجرحى والنازحين في ساحاته، مع العمل على تدمير مرافقه ونسف المباني المحيطة به، إضافة لمجزرة المشفى المعمداني في عاشر أيام الحرب والتي أودت بحياة أكثر من 500 شهيد فلسطيني بساحاته.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا