Skip to main content

"صحافة المواطن" في غزة… كيف نقل الفلسطيني للعالم صوراً لإبادته؟

22 تشرين الأول 2024
https://qudsn.co/WhatsApp Image 2024-10-22 at 5.05.43 PM

خاص - شبكة قدس الإخبارية: "لا يوجد تغطية إعلامية في الشمال" العبارة الأشهر التي تتردد عبر منصات التواصل الاجتماعي مرفقة بأية صورة أو فيديو يلتقطها شخص عادي (ليس صحفياً) لتصل إلى الغرف الإخبارية وبثها للعالم لفضح ما يجري من مجازر وأساليب التنكيل والتعذيب خلال عدوان الاحتلال على قطاع غزة، وخاصة في الشمال، في هذه الأيام.

جرائم الاحتلال بحق الصحفيين وقتله عشرات منهم ومنع التغطية من خلال استهداف الإعلاميين بالطائرات المسيَرة والقصف وغيرها من وسائل الإجرام، واتساع نطاق المجازر والقصف، منحت (المواطن العادي) مساحة أكبر في التغطية وأصبح هاتفه وسيلة نقل ما يجري في قطاع غزة إلى العالم، وأصبح عدد من السكان مصدر الأخبار الموثوقة لوسائل الإعلام.

ولم تتوقف أدوارهم عند توثيق الصور والمقاطع ونشرها على حساباتهم، في مواقع التواصل الاجتماعي، بل تحمل معها مناشداتهم للعالم والمنظمات الدولية وطواقم الإسعاف والدفاع المدني، للوصول إلى البيوت ومراكز الإيواء التي تتعرض لغارات الاحتلال، أو إنقاذ المحاصرين الذين يحاصرهم الاحتلال بالنار والصواريخ وأصبح الهاتف وسيلة إنقاذ في كثير من الحالات.


لماذا برزت صحافة المواطن؟
من اللحظة الأولى قطع الاحتلال الانترنت وشبكات الاتصال، إلى جانب تدمير غالبية المعدات الصحافية ونزوح كثير من الصحفيين إلى وسط وجنوب قطاع غزة، أصبح (المواطن) هو الصحافي الذي يغطي قصف بيته والإعلان عن أسماء أقاربه الشهداء والجرحى، ونزوح أفراد أسرته وتوثيق لحظات حصاره من قبل الدبابات الإسرائيلية.

ولمعت أسماء نشطاء صغار من فتية وفتيات عبر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة "التيكتوك" و"الانستغرام"، وبات العالم الخارجي ينتظر ظهورهم لمعرفة تطورات حرب الإبادة الجماعية بما فيها من قتل وجوع ونزوح وتشريد، ولعل من أبرز تلك الأسماء عبود بطاح الذي تعلق به الجمهور كثيرا لدرجة في حال قطع عنه الانترنت ولم يستطع الخروج للجمهور يقلق عليه ويحاولون الوصول إليه، وقد جذبت طريقته العفوية في التعليق على التطورات والأخبار من وسط الشمال المحاصر كثير من الناس.

واجه عبود وغيره من النشطاء الذين كانت الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي صوتهم إلى العالم، حملة التضليل الإسرائيلية التي يمارسها جيش الاحتلال، ونمت على إثر هذه التطورات (صحافة المواطن) سريعاً في غزة.


وهذا ما يؤكده أستاذ الصحافة محسن الافرنجي ويقول:" صحافة المواطن ظاهرة مهمة، وهناك تفوق عربي فيها وهي من الأشياء التي سجلت منذ ثورات الربيع العربي".
ويوضح أن "كل ما يلزم المواطن هو هاتف بيده يستطيع التقاط صورة وكتابة منشور عبر منصات التواصل الاجتماعي"، مشيرا إلى أن "المواطن بذلك يمارس العمل الصحفي لكن بمعايير غير مهنية".
وأَضافن: وقت الحرب على غزة ولأول مرة في التاريخ ينجح المواطن في نقل الصورة والحدث على وكالة الأخبار وعليه فقط أن يفتح البث المباشر من وسط الحدث الذي يعيش فيه.

 

ما هي "صحافة المواطن" ودورها في نقل الحقيقة؟
صحافة المواطن هي "اشتراك المواطن في نقل الصورة والأحداث وقيامه بدور الصحفي، حتى وإن كان لا يحمل شهادة الصحافة والإعلام، باستخدام أدوات بسيطة مثل كاميرا الهاتف وغيرها من الأدوات المتاحة للمواطنين العاديين".

وفي هذا السياق يقول إسلام بدر مراسل قناة العربي، إن "صحافة المواطن أصبحت مهمة خلال هذه الحرب وهي امتداد لسنوات سابقة عزز فيها المواطن دوره كمصدر للأخبار وذلك بسبب شيوع وسائل الاتصال والهواتف المحمولة وقدرات التصوير المتاحة لدى المواطنين".
وبحسب متابعة بدر فإن "الفلسطينيين في قطاع غزة ساهموا بشكل كبير جدا في نقل صورة ما يجري من خلال وجودهم قريبا من مواقع الأحداث وامتلاكهم الهواتف المحمولة القادرة على التصويت".
وذكر لـ "شبكة قدس الإخبارية" أن ما دفع للاعتماد على صحافة المواطن هو "عدم وجود شبكات اتصال لوقت طويل، مشيرا إلى أنه وجد عدداً كبير من المواطنين الذين يحملون توثيقا لأحداث مهمة في وقت كان الإنترنت مقطوعاً عنه فاعتمد على توثيقهم بعد التأكد من المهنية".
وعما يجري اليوم في شمال قطاع غزة وتحديدا مخيم جباليا، وخروج عشرات المناشدات من الفلسطينيين وهم يرددون "وين الصحافة وين التغطية الإعلامية؟"، يقول بدر: بعد حصار شمال قطاع غزة وتحديدا جباليا، أصبح الصحفيين وعددهم قلة بالأساس في الشمال منقسمون منهم حوصر بالمخيم والبقية في المدينة.
وأشار إلى أنه قبل "حصار المخيم كانت التغطية أكبر لكن الأمور الآن اختلفت وأصبح المواطن بتغطيته للحديث يعوض غياب الصحفيين وينقل الصور من الميدان أول بأول ويتعاونون مع المراسلين كافة".

 

كيف نجح مؤثرو غزة بنقل الحقيقة؟

وتميزت صحافة المواطن في تغطية طوفان الأقصى كونها وسيلة للنازحين لمعرفة أحوال بيوتهم وشوارعهم وذويهم في الشمال، فقد أخذ بعض النشطاء على عاتقهم تصوير الشوارع لأصحابها وكذلك المحالات والأسواق الشعبية، كما وثقوا الجرائم البشعة التي وقعت في مواقع مختلفة بينها مستشفى الشفاء ومستشفى المعمداني، ووصل صوت صراخ الجرحى للعالم قبل أن تصل الصحافة إلى المكان.
واعتمدت غالبية القنوات الإخبارية والمنصات الرقمية على الصور والفيديوهات التي يلتقطها نشطاء من الشمال والجنوب وهم يوثقون تفاصيل الحياة اليومية تحت النار وفي الخيام، وصراخ طفل يريد قطعة خبز، وصغيرة تريد العودة للشمال حيث حاصر الاحتلال والدها، وسيدة تودع عائلتها بعدما ارتقوا شهداء ثم تعود لخيمتها تكمل طبختها على النار، فتلك كانت قصص مؤثرة وعفوية نقلت الرسالة الإنسانية للعالم.

ويتساءل البعض: هل أصبحت صحافة المواطن سلاحاً أقوى وأكثر تأثيراً على إيصال الحقيقة وتحريك الرأي العام من وسائل الإعلام الرسمية الأخرى التي قد تحمل أجندات مختلفة؟
تقول الصحافية لميس الهمص وهي ما زالت في شمال قطاع غزة، إن "صحافة المواطن كانت مهمة في معركة طوفان الأقصى، بسبب كثافة الأحداث والاستهدافات التي لم تمكن الإعلاميون من توثيقها، فكان المواطن وحتى الضحايا يصورون أنفسهم تحت القصف وينقلون عبر منصات التواصل الاجتماعي وكان لهم دور كبير في نقل الصورة للعالم".

وتؤكد أن "النشطاء الصغار كانوا وسيلة هامة في فضح جرائم الاحتلال وإرسال رسالة المظلومين ونشر مظلومية الشعب الفلسطيني وخصوصا في قطاع غزة".
ما الذي ساعد في نجاح صحافة المواطن في الحرب؟ تجيب:" أكثر ما جعل أصحابها موضع للثقة هو توثيقهم لما تعرضوا له وقت القصف، فمثلا كانت تخرج أصواتهم من تحت الأنقاض ووسط الدمار فتلك رسائل صادقة بالنسبة للعالم لا تحتاج مونتاج ولا شيء مما ساهم في نشر الرواية الفلسطينية وتصديقها". 

ولم تستثن الهمص "مهارة الصحافي العادي في تغطية الحدث فهو يمتلك الدقة والمهنية في نقل الوقائع، لكن هذه المرة صحافة المواطن اكتسحت المشهد رغم بساطتها، فهي وقفت بجانب الصحافة المهنية لتغطية حجم الجرائم الكبير".

وبعد تجربة عام من الحرب أثبتت التجربة أن صحافة المواطن تصل بسرعة لنقل الحدث بالصوت والصورة وشرح التفاصيل مباشرة دون مونتاج، بخلاف الصحافة الرسمية التي يتقيد فيها الصحفي بعدة شروط ومحددات وشروط قبل نشر المادة.

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا