Skip to main content

ترامب يدفع الفدرالي نحو "هيمنة مالية" خطيرة تهدد الاقتصاد الأميركي

05 تموز 2025

ترامب يدفع الفدرالي نحو "هيمنة مالية" خطيرة تهدد الاقتصاد الأميركي

ترامب يربط بين خفض الفائدة وتسهيل تمويل أولوياته المالية (رويترز)
5/7/2025-|آخر تحديث: 19:36 (توقيت مكة)

حذرت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير تحليلي حديث من أن الولايات المتحدة باتت على مشارف الدخول في ما تعرف اقتصاديا بـ"الهيمنة المالية"، وهي الحالة التي يتحول فيها دور البنك المركزي من إدارة التضخم والنمو إلى أداة لخدمة أولويات الإنفاق الحكومي، وهي حالة طالما ارتبطت بالدول النامية والاقتصادات المتقلبة مثل الأرجنتين، لا بالولايات المتحدة.

الرئيس يريد "فدراليا مطيعا"

وأعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأكيد ضغوطه العلنية على رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول، مطالبا إياه بخفض أسعار الفائدة أو ترك منصبه لمن "ينفذ السياسات المطلوبة".

وفي مقابلة عبر قناة فوكس نيوز قال ترامب صراحة "نحن بصدد وضع شخص في الفدرالي سيكون قادرا على خفض أسعار الفائدة"، في إشارة إلى نيته تعيين رئيس جديد مبكرا رغم أن ولاية باول لن تنتهي قبل مايو/أيار 2026.

وهذه التصريحات -وفقا للصحيفة- لا تعكس فقط تفضيل ترامب التقليدي لبيئة فائدة منخفضة، بل تشير إلى تحول خطير في فلسفة السياسة النقدية: استخدام الفائدة المنخفضة أداة لتمويل العجز الضخم في الموازنة بدلا من استهداف التضخم والنمو المستدام.

الضغوط السياسية على الفدرالي ارتفعت بعد تهديد ترامب (يسار) بإقالة جيروم باول أو الاستعاضة عنه بشخص "مطيع" (رويترز)

عجز متصاعد وثمن كبير

وأوضح تقرير الصحيفة أن فاتورة القانون "الكبير الجميل" -التي أقرها الكونغرس مؤخرا- سترفع العجز من 1.8 تريليون دولار (6.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024) إلى 3 تريليونات دولار (7.1%) خلال عقد، وفق لجنة الميزانية الفدرالية المسؤولة، ومع تمديد التخفيضات الضريبية المؤقتة يمكن أن يصل العجز إلى 3.3 تريليونات (7.9%).

لكن الأكثر إثارة للقلق أن إدارة ترامب تخطط لتقليل إصدار سندات طويلة الأجل، والتركيز بدلا من ذلك على أذون الخزانة قصيرة الأجل بهدف كبح ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل.

إعلان

لكن هذا النهج محفوف بالمخاطر، إذ إن أي قفزة مفاجئة في الفائدة قصيرة الأجل ستنعكس مباشرة على تكلفة خدمة الدين، مما يضع ضغطا فوريا على الميزانية الفدرالية.

الأسواق لا تقاوم.. مؤقتا

ورغم كل هذه المؤشرات فإن العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات أغلق عند 4.35% يوم الخميس بعد أن كان قد ارتفع إلى 4.55% في مايو/أيار الماضي، مما يعكس ارتياحا نسبيا في الأسواق يعود جزئيا إلى توقعات بخلفية "موالية لترامب" في قيادة الفدرالي.

وفي هذا السياق، أفاد اقتصاديون في "غولدمان ساكس" بأن الرئيس القادم للفدرالي سيكون أقل انزعاجا من العجز، مما يعني معدلات فائدة أقل مستقبلا.

ومع أن الأسواق لم تترجم تهديدات ترامب ضد الفدرالي إلى توقعات تضخمية حادة فإن "وول ستريت جورنال" تحذر من أن "الهيمنة المالية" لا تظهر آثارها فورا، بل تتراكم تدريجيا حتى تنفجر على شكل تضخم أو أزمة ديون مفاجئة.

 

"الهيمنة المالية" لا تظهر آثارها فورا، بل تتراكم تدريجيا حتى تنفجر على شكل تضخم أو أزمة ديون مفاجئة

 

تاريخ الهيمنة

واستعرض التقرير جذور الهيمنة المالية عبر التاريخ، مشيرا إلى تأسيس بنك إنجلترا عام 1694 كممول للعائلة المالكة، ثم دور الاحتياطي الفدرالي في الحربين العالميتين الأولى والثانية عندما خضع لضغوط وزارة الخزانة الأميركية لتثبيت الفائدة.

وفي الستينيات امتنع الفدرالي عن رفع الفائدة لمنع التأثير على إصدار السندات، مما ساهم لاحقا في تفجر التضخم.

لكن منذ عقود حاول الفدرالي أن يفصل نفسه عن السياسة، حتى في فترة 2008-2014 عندما أبقى الفائدة قرب الصفر، إذ كانت قراراته تستند إلى تقييمه المستقل لتضخم منخفض، وليس لأوامر مباشرة من الرئيس، وفق الصحيفة.

صندوق النقد الدولي يرى أن استمرار العجز المرتفع يهدد استقرار الاقتصاد الأميركي (الأناضول)

أزمة مؤجلة لا ملغاة

ويحذر التقرير من أنه إذا استمر هذا المسار فإن الاقتصاد الأميركي قد يواجه صدمة مالية تشبه تلك التي ضربت أوروبا في أزمة الديون السيادية بعد عام 2010.

وأشار إلى تحليل لمصرف غولدمان ساكس يفيد بأنه إذا لم تبدأ الولايات المتحدة إجراءات تقشفية خلال عقد فقد تحتاج إلى تقليص الإنفاق أو رفع الضرائب بما يعادل 5.5% من الناتج المحلي سنويا، وهو ما يتجاوز التقشف الأوروبي حينها.

وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بلهجة تحذيرية، مؤكدة أن خضوع البنك المركزي الأميركي لتوجيهات الرئيس بدلا من تحليله المستقل قد يؤدي إلى نتائج مدمرة، حتى وإن لم تظهر خلال فترة ترامب الثانية.

"نعم، الأسواق تتجاهل الخطر الآن، لكن التاريخ يقول لنا إن الثمن يُدفع لاحقا، وبفائدة مركّبة"، هكذا تختم الصحيفة تحليلها.

المصدر: وول ستريت جورنال

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا