Skip to main content

بين نزع سلاح المخيمات بلبنان واستمرار العدوان.. صراع الإرادات في زمن التطبيع

12 تموز 2025
https://qudsn.co/بين نزع سلاح المخيمات بلبنان واستمرار العدوان.. صراع الإرادات في زمن التطبيع

بيروت - قدس الإخبارية: فتحت التطورات التي طرأت على المنطقة، خلال الشهور الماضية، انزياحاً للمعطيات التي أحدثها العدوان الإسرائيلي المفتوح في فلسطين، ولبنان، وسوريا، وإيران شهية فاعلين سياسيين مختلفين، في التوجهات والنوايا والأهداف، على السعي نحو إحداث تغيير عميق يقلب الصورة لصالح برامجها السياسية والاستراتيجية.

فسرت أنظمة عربية بينها السلطة الفلسطينية النتائج التي ظهرت من المواجهة بين قوى المقاومة، بعد عملية "طوفان الأقصى"، خاصة ما يتعلق بها من آثار على لبنان، وسوريا، وإيران على أنها فرصة ذهبية لقلب الواقع لصالح برنامجها السياسي الذي يرفض العمل العسكري أو المقاوم في مواجهة دولة الاحتلال، وتصاعدت في الأسابيع الماضية تصريحات عن "وجوب" فرض سحب السلاح من خارج الجيش والقوى الأمنية، في لبنان، خاصة من حزب الله والفصائل الفلسطينية، في المخيمات.

شهدت الساحة اللبنانية التي يعيش فيها مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين، في مخيمات، موزعة من جنوب البلاد إلى شمالها، وتنتشر فيها فصائل فلسطينية مختلفة، وتملك عتاداً وسلاحاً، حراكاً من السلطة الفلسطينية قاده الرئيس محمود عباس لنزع السلاح من المخيمات، كما أكدت تقارير إعلامية مختلفة، وتصريحات من مسؤولين فلسطينيين ولبنانيين.

اندفاع الرئيس عباس لطرح قضية سحب سلاح المخيمات الفلسطينية، في لبنان، تزامن مع حراك آخر قادته أطراف مختلفة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وقوى إقليمية عبر حلفائها في الداخل اللبناني، للضغط على حزب الله لتسليم سلاحه، والتحول إلى قوة سياسية تقطع مع تاريخه الطويل في مواجهة دولة الاحتلال.

تعددت الروايات في وسائل إعلام مختلفة عن أسباب توجه عباس لطرح ملف سحب سلاح المخيمات، خلال اللقاء الذي جمعه مع قيادات الدولة اللبنانية، خلال الأسابيع الماضية، بعضها ربطه بطلب من السعودية التي تعمل بقوة في لبنان، وتضغط من خلال المحسوبين عليها من القوى السياسية على حزب الله للقبول بوضع سلاح لدى الدولة اللبنانية.

وتزامنت الحملة لسحب السلاح الفلسطيني من المخيمات، مع حديث عن قرارات من الرئيس عباس لإقالة ضباط في الأمن الوطني، وتقليص صلاحيات السفير أشرف دبور، الذي كان يشغل أيضاً نائب مسؤول الساحة اللبنانية في حركة فتح، قبل أن تنشر وسائل إعلام لبنانية عن قرار بإقالته من منصب سفير السلطة في لبنان.

وإن كان السلاح الفلسطيني مرتبطاً بصورة ما مع قضية سلاح حزب الله الذي تربطه علاقات قوية مع قوى فلسطينية عدة، بينها حماس والجهاد الإسلامي، ووصلت في السنوات الماضية إلى مراحل متقدمة، خاصة بعد مشروع الحركتين لتطوير عملهما المقاوم انطلاقاً من ساحة لبنان، وهو ما ظهر في عملياتهما العسكرية، خلال شهور حرب الإسناد التي انطلقت تزامناً مع العدوان على غزة، أعلن على لسان أمينه العام ومسؤولين فيه أنه لن يقبل بتسليم سلاحه في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، وأن قضية السلاح تناقش في إطار حوار لبناني داخلي لوضع استراتيجية دفاعية للأمن الوطني، حسب وصفه.

إلا أن ملف سلاح المخيمات يبدو مختلفاً من مقاربات مختلفة بينها طبيعة علاقة حزب الله بالدولة اللبنانية الذي هو جزء من حكومتها، عبر الوزراء الذين يمثلونه، وهو جزء من المجتمع اللبناني ويمثل شريحة واسعة من الطائفة الشيعية.

صراخ عن السلاح لا يكتم صوت العدوان

لكن ما يجمع القضيتين هو استعجال من جانب الأطراف الفلسطينية واللبنانية الرافضة لمشروع المقاومة، والمعادية لحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي وحلفائهما، هو استمرار العدوان الإسرائيلي الذي لم يترك فرصة للحديث الهادئ عن "جدوى السلاح"، كما تحب هذه الأوساط تسميته، وبينما تتصاعد الأحاديث في المنطقة من أنظمة مختلفة عن "تسويات" ومشاريع سياسية لقلب صفحة "المواجهات العسكرية"، والدخول في زمن "التطبيع" و"الانتعاش الاقتصادي"، يخاطب الإسرائيلي المنطقة والعالم بلغة "العربدة" العسكرية.

وبينما تطالب الدولة اللبنانية والسلطة الفلسطينية بتسليم السلاح ما زالت قوات الاحتلال تستولي على 5 مواقع، في جنوب لبنان، وأصبحت الاغتيالات والغارات على مناطق مختلفة من البلاد يومية، وبرنامج بنيامين نتنياهو الذي يردده منذ بداية الحرب على أنه إرادة إسرائيلية لتشكيل المنطقة على مقاس ديمومة السيطرة الإسرائيلية عليها ومنع أي مشروع تحرر فيها، ما زال حاضراً في الآليات العملية والعسكرية والدبلوماسية والسياسية لعمل حكومة الاحتلال اليومي.

والاستحضار التاريخي لتجربة منظمة التحرير الفلسطينية، بعد الاجتياح الإسرائيلي وصولاً إلى العاصمة اللبنانية بيروت، في صيف 1982، بعد أن قبلت بخروج مقاتليها وسحب سلاحها الثقيل، بعد شهور من المعارك، لتنفلت عقبها الميلشيات العملية بمساندة جيش الاحتلال تقتيلاً في المخيمات، يبدو ضرورياً في هذه المرحلة، في ظل أن الأطراف الرافضة لمشروع المقاومة المسلحة، لا تتحدث عن العدوان الإسرائيلي أكثر مما تربط كل تنمية أو تقدم أو تغيير سياسي ينتظره مواطنوه بسحب سلاح المقاومة.

إلا أن الواقع يبدو وكأنه ليس بحاجة لاستحضار سياسي، فجيش الاحتلال الآن يقيم مواقع عسكرية في عمق الجنوب السوري، ويقتحم القرى هناك ويعتقل ويقتل السوريين، دون أن يكون له مبرر أمني أو عسكري، كالذي يقدمه دائماً في إعلامه على أنه "َضرورات" تدفعه للعدوان على البلدان المجاورة.

والحديث عن "تطبيع" قادم يبدو وكأنه ليس سوى علاقات اقتصادية - أمنية مع دولة الاحتلال، التي تعلن صراحة أنها لن تقدم أي مشروع سياسي حقيقي يقدم ولو قليلاً من الإنصاف للفلسطينيين، حتى لو على شكل دولة صغيرة في مساحة هي أقل من أرضهم التاريخية، بعد أن لاحقهم الاستيطان إلى مساحات جديدة صار معها مشروع المعازل التي يحشر فيها مئات آلاف الناس، في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، هو الأقرب للواقع من أي حديث نظري عن "حل دولتين" ما زالت القيادات السياسية العربية تتحدث عنها وربما تضمر في داخلها قناعة استحالته.

هذا والمخيمات في لبنان ما زال اللاجئون فيها محرومين من حقوق كثيرة أساسية، وليست مشكلتها في السلاح، ولكن في حياة هي أقرب للجحيم، بعد عقود متواصلة من النكبة، واستمرار رفض العالم منحهم حقوقهم في العودة، والعيش الكريم

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا