Skip to main content

ميناء غزة.. واجهة بحرية تحولت إلى أنقاض تحت القصف الإسرائيلي

14 تموز 2025

ميناء غزة.. واجهة بحرية تحولت إلى أنقاض تحت القصف الإسرائيلي

ميناء غزة يطل على البحر الأبيض المتوسط (الجزيرة)
14/7/2025-|آخر تحديث: 11:45 (توقيت مكة)

ميناء يطل على البحر الأبيض المتوسط، دمرته إسرائيل كليا أثناء عدوانها على قطاع غزة الذي اندلع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وحولته إلى كومة من الحجارة.

وتحولت منطقة الميناء إلى بقعة خيام عشوائية للنازحين، وتتعرض بين الفينة والأخرى إلى القصف من الغواصات البحرية والطائرات المسيرة الإسرائيلية.

وتقدر مساحة هذا الميناء بنحو كيلومتر مربع، ويغطي الجزء الشمالي الغربي من مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، ويرتفع ما بين 17 و20 مترا عن مستوى سطح البحر.

الميناء قديما

يحتضن قطاع غزة منذ القدم، أحد أبرز الموانئ المطلة على البحر الأبيض المتوسط، والشريان الرئيس الذي يربطه بدول أوروبا، ففي عام 800 قبل الميلاد احتضن القطاع ميناء "أنثيدون"، الذي ظل سنوات طويلة محطة مهمة للتجارة في القطاع.

وفي فترة العصر الروماني في فلسطين، الذي بدأ سنة 63 قبل الميلاد، أنشئ شمال غربي مدينة غزة ميناء "مايوماس" وهي كلمة مصرية تعني "المكان البحري".

وفي هذه الفترة، كانت تُصدر من ميناء غزة التوابل والأعشاب العطرية والبخور والأقمشة والزجاج والمواد الغذائية التي كانت تصل إليه على ظهور الجمال من جنوب شبه الجزيرة العربية عبر البتراء، ومن ثم وادي عربة عبورا بصحراء النقب ثم إلى غزة.

تعطيل إسرائيلي

أصبح الميناء مدينة ساحلية مزدهرة، ومحطة مهمة للتجار حتى عام 1967 حينما احتلت إسرائيل قطاع غزة، فعطلت الميناء وحولت بحر غزة إلى منطقة عسكرية مغلقة يمنع الاقتراب منها.

وأثناء مفاوضات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993، طُرحت مسألة بناء ميناء بحري في غزة، وقتها ووعدت الدول الأوروبية ببنائه شمال القطاع.

وفي سبتمبر/أيلول سنة 1999، طرحت الفكرة مرة أخرى أثناء اتفاق شرم الشيخ بين المنظمة وإسرائيل، لتوافق الأخيرة على عملية البناء.

حلم وئد في مهده

عام 1999 أنشأت السلطة الوطنية الفلسطينية "سلطة الموانئ البحرية" التي تتمثل مهامها في توفير نظام نقل بحري في فلسطين ذي كفاءة وإمكانيات عالية عبر إنشاء وإدارة وتشغيل المرافق البحرية بما في ذلك الموانئ البحرية التجارية والسياحية والصيد.

إعلان

وأُصدر الرئيس الفلسطيني حينئذ ياسر عرفات المرسوم الرئاسي رقم (1) بتاريخ 30 أبريل/نيسان 2000، ونص على إنشاء ميناء في غزة يتبع لسلطة الموانئ البحرية.

وفي منتصف عام 2000، باشرت السلطة الفلسطينية في بناء الميناء وسط مدينة غزة بميزانية تبلغ نحو 83 مليون دولار.

وخُصصت أراضي حكومية قُدرت بحوالي ألفي دونم (الدونم= 100 متر مربع) لاستخدامات الميناء، بينما قُيّد استخدام حوالي 2500 دونم لتكون حرم الميناء.

وقد أشرفت شركة "بالاست نيدم" الهولندية على المشروع الذي وضع حجر أساسه الرئيس عرفات ورئيس فرنسا آنذاك جاك شيراك.

قوارب صيد تطفو في ميناء غزة البحري (رويترز)

لم تدم فرحة الفلسطينيين كثيرا، فبعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في سبتمبر/أيلول 2000 بأيام قصفت إسرائيل الميناء ودمرته.

استأنفت السلطة الفلسطينية بناء الميناء بعد الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من غزة عام 2005، وذلك بعدما حصلت على تعهد إسرائيلي بعدم تدميره مرة أخرى، على إثر اتفاقية المعابر بين الجانبين.

وعقب فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، فرض الاحتلال الإسرائيلي حصارا مشددا على القطاع وأدى ذلك إلى توقف عمل ميناء غزة.

وتصدر طلب إنشاء ميناء لغزة مطالب المقاومة الفلسطينية خلال مفاوضات وقف إطلاق النار غير مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي أثناء الحروب المختلفة على القطاع، غير أن الاحتلال كان يرفض في كل مرة مناقشة الفكرة بشكل قاطع.

خطط عدة

في فبراير/شباط 2014، كشف وزير النقل الفلسطيني حينئذ نبيل ضميدي أن السلطة الفلسطينية ومصر تعملان على خطط لبناء ميناء بحري في قطاع غزة، لكن المخطط لم ير النور.

وفي مارس/آذار 2017، اقترح وزير الاتصالات والاستخبارات في إسرائيل حينئذ يسرائيل كاتس إنشاء جزيرة تضم ميناء في ساحل القطاع، بحجة أن هذا المشروع "كفيل بإعفاء إسرائيل من المسؤولية عن غزة ويوفر للقطاع حلولا اقتصادية، كما أنه يدحض شكوى الفلسطينيين من الحصار المفروض".

ونص الاقتراح على إنشاء جزيرة مساحتها 8 كيلومترات مربعة، على أن تضم في مرحلة أولى ميناء للمسافرين يخضع لرقابة أمنية دولية ومطارا مستقبليا لكن حكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية– رفضت المقترح.

وفي21 يونيو/حزيران 2018، أعادت الحكومة الإسرائيلية مناقشة فكرة الميناء، بعد أن طرحها وزير الدفاع الإسرائيلي حينئذ، أفيغدور ليبرمان، في زيارته إلى قبرص.

ميناء غزة القديم تعرض إلى تدمير كامل أثناء العدوان الإسرائيلي على القطاع الذي بدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 (الفرنسية)

خطوة رمزية

في يناير/كانون الثاني 2017، اتخذت الهيئة الوطنية لكسر الحصار وإعادة الإعمار واللجنة الحكومية لكسر الحصار في غزة خطوة رمزية عندما أعلنت البدء في أعمال تأهيل ميناء غزة الدولي، استعدادا لانطلاق أول سفينة تقل مرضى وجرحى إلى أحد الموانئ الأوروبية.

ووضعت في ميناء غزة لافتات كُتب عليها "مكان الوصول" وأخرى "مكان المغادرة"، وفي مكان آخر "مكتب التسجيل للسفر وختم الجوازات"، للضغط على الأطراف المحاصرة.

إعلان

وقالت الهيئة الوطنية لكسر الحصار، إنها اتفقت مع مقاولين على "تنفيذ أعمال بناء بهدف البدء الفعلي لإنشاء الميناء الدولي الذي سيكون نافذة غزة إلى العالم في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي على القطاع".

وأوضحت الهيئة أنها تواصلت مع العديد من الموانئ الأوروبية التي أبدت موافقتها على إنشاء الميناء البحري في غزة والتعامل معه؛ لكن هذا الأمر لم ير النور.

تدمير كامل

وتعرض ميناء غزة القديم إلى تدمير كامل أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي بدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ قصف طيران الاحتلال البنية التحتية له بشكل مباشر، مخلفا دمارا هائلا في أرصفته ومرافقه الحيوية.

ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونسكو)، فإنه أثناء العدوان على القطاع، تعمدت إسرائيل تدمير بقايا ميناء غزة القديم "أنثيدون" التي تشمل الجزء الشمالي الغربي من مخيم الشاطئ للاجئين ومنطقة المشتل.

وقالت اليونسكو إن منطقة الميناء كانت مؤهلة للانضمام إلى قائمتها التمهيدية للتراث العالمي، إثر طلب تقدم به الوفد الدائم لفلسطين لدى المنظمة في أبريل/نيسان 2012.

وقد اضطر آلاف النازحين من شمال القطاع للجوء إلى الميناء، الذي تحول إلى بقعة خيام عشوائية تتعرض بين الفينة والأخرى إلى قصف الغواصات البحرية والطائرات المسيرة الإسرائيلية.

المصدر: الجزيرة + مواقع إلكترونية

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا