
مرت ثلاث سنوات على تحويل رأس الشهر العبري إلى مناسبة شهرية متجددة للعدوان على الأقصى، حيث إن الاحتفال بـ"القمر الجديد" أو "رأس الشهر العبري" هو احتفال ثانوي متكرر وفق التعاليم التوراتية، ونظراً لحرص منظمات الهيكل على زيادة قدرتها على الحشد وعلى توظيف المناسبات التوراتية للعدوان على المسجد الأقصى بكل ما تستطيع، فقد أخذت تلك المنظمات تحول هذا الاحتفال التقليدي المحدود إلى مناسبة شهرية للعدوان على المسجد الأقصى، وحشد اقتحام واسع فيه، أملاً في تعزيز فرض الهوية اليهودية الموازية للهوية الإسلامية في المسجد الأقصى المبارك، على طريق تهويده الكامل.
غير أن الجديد في هذا الشهر، شهر أيلول العبري، هو أنه الشهر الذي يسبق موسم أعيادٍ طويل لطالما كان موسم العدوان الأنكى والأشد على المسجد الأقصى المبارك على مدى سنين احتلاله، ففيه حصلت مجزرة الأقصى في 8-10-1990، وفيه كانت هبة النفق في 26-9-1996، وفيه كانت انتفاضة الأقصى في 28-9-2000 وفيه انطلقت هبة السكاكين في 4-10-2015 وفيه انطلق طوفان الأقصى في 7-10-2023، وكل تلك المحطات تقاطعت مع موسم الأعياد اليهودية الذي يحوله الكيان الصهيوني في كل عام إلى موسم العدوان الأشد على الأقصى.
هذا العام تقرع منظمات الهيكل طبول حرب تهويد الأقصى مبكراً جداً، وقبل شهر كامل من حلول العدوان، فحرصت بمناسبة رأس الشهر العبري الأخير لهذا العام –شهر أيلول العبري- على أن لا تترك شكلاً من التهويد إلا وقد حضر اليوم في الأقصى، فأقامت شمال قبة الصخرة حلقة رقص جماعي للمستوطنين، ونظمت طقس البلوغ التوراتي، واحتفل أفرادها بعروسين أعلنا زواجاً يهودياً من الأقصى، واقتحم الأقصى نحو 400 من الصهاينة.
ولعل أحد أبرز اعتداءات اليوم كان الإعلان عن حفل لفرقة أسمتها منظمات الهيكل "جوقة حرس اللاويين"، حيث نظمت مسيرة بدأت في السابعة مساء من ساحة البراق وتجولت حول كل أبواب المسجد الأقصى المفتوحة في الرواق الغربي ثم الشمالي وصولاً إلى باب الأسباط لتقيم مقابله حفلاً في ساحة الغزالي في الساعة الثامنة مساء، وبما تزامن مع صلاتي المغرب والعشاء.
والهدف من هذا الاحتفال المتجول هو الإعلان عن بعث طبقة "كهنة الهيكل" التي تقول الأسطورة التوراتية بأنهم كانوا يقودون الطقوس التوراتية في الهيكل المزعوم، وبأن هؤلاء الكهنة كانوا من اللاويين "سبط من أسباط بني إسرائيل من نسل الابن الثالث للنبي يعقوب وفق الرواية التوراتية"، وبأنهم من نسل هارون الكاهن تحديداً (النبي هارون عليه السلام في الرؤية الإسلامية)، وقد ترافق مع تنظيم هذه المسيرة إغلاق باب القطانين أمام المصلين، وانتشار مكثف لشرطة الاحتلال في ساحات الأقصى ونشر الحواجز ومنع حركة المقدسيين في طريق الواد وفي محيط باب المغاربة.
ما حصل اليوم باختصار، وبعيداً عن التفاصيل، إعلان تحضير لعدوان عاتٍ قادمٍ على المسجد الأقصى ما بين 23-9 و 14-10-2025، ورسالةُ منظمات الهيكل وشرطة الاحتلال الواضحة: إذا كان كل ما حصل اليوم من عدوان هو مجرد إعلان عن القادم، فترقبوا عدواناً يمضي بعيداً في تهويد الأقصى...
في مواجهة ذلك، وأمام موسم عدوان سبق أن تفجرت فيه خمس مواجهات كبرى من بوابة الأقصى، فهل سنبقى نتفرج ونتلقى الضربات، أم يأتي ما يستعيد لهذه الأمة جزءاً من الردع دفاعاً عن أقصاها؟
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا