
في بلدٍ يرزح تحت ثقل ازدواجيّة السلاح والقرار، تحوّل قصر العدل في بيروت يوم أمس الأربعاء إلى ساحة مواجهة حضاريّة بين منطق الدولة ومنطق الدويلة. فعند العاشرة من صباح أمس، حضر نوّاب وشخصيّات سياديّة ليتقدّموا بشكوى مباشرة ضدّ الشيخ نعيم قاسم، الأمين العام لـ "حزب الله"، على خلفية تصريحاته الأخيرة التي حملت تهديدًا للسلم الأهلي، ودعوة إلى العصيان، وانقلابًا موصوفًا على قرارات السلطات الدستوريّة.
ريفي: رهاننا على الدولة والجيش
وخلال الوقفة، كان لـ "نداء الوطن" حديث مع النائب أشرف ريفي الذي أثنى على دور الإعلام وتحديدًا "نداء الوطن"، قائلًا: "دوركم الوطني مميّز فأنتم صوت السياديّين والأحرار في هذا البلد".
وقال: "اليوم بدأنا مسارًا قضائيًا، وهو مسار دولتي وليس غير ذلك، نحن نواجه "حزب الله" فعلًا بالطرق القانونيّة والدستوريّة، وهي طرق دولتيّة، فقد نزلنا اليوم إلى القضاء وقدّمنا شكوى، وسجّلناها في قلم النيابة العامة، ثم قابلنا المدعي العام التمييزي، وشرحنا له القضيّة، وبعد إنصات كامل، وعد بالقيام بالإجراءات الضروريّة، ومن بينها استدعاء قاسم، ولو أنّ عنوانه مجهول، وهنا ننتظر من القضاء أن يقوم بدوره".
وتابع: "اليوم تطرح لعبة شارع مقابل شارع، وقد قلت بوضوح إنّنا لسنا في وارد هذه اللعبة، نحن رهاننا هو على الدولة اللبنانيّة، وعلى الجيش اللبناني تحديدًا، فهذا هو الخيار الأساس. وإذا لا سمح الله قصّرت الدولة في حمايتنا، فحينها فقط لكل حادث حديث، لكن في كل الأحوال، رهاننا الأوّل والثاني والثالث يبقى على الدولة اللبنانيّة، وإذا كان لا بدّ من حماية شارعنا، فنحن قادرون على ذلك، و"حزب الله" يعرف هذه الحقيقة".
ولفت ريفي إلى أنّ "موضوع تسليم السلاح بات مطروحًا بجدّية، ونحن اليوم في مرحلة التسليم، وقد بدأت فعليًّا، وما يحصل في المنطقة كلّها، هو تصفية لأذرع إيران، ففي سوريا انتهى الأمر بالضربة القاضية، وفي لبنان واليمن والعراق ينتهي بالنقاط، وفي النهاية سيسلَّم السلاح".
وقال: "ما يحصل اليوم إلهاء لأذرع إيران في المنطقة، لكن النهاية محسومة، فالمشروع الإيراني يتراجع، والسلاح سيسلَّم" و"رهاننا سيبقى على الدولة اللبنانيّة والجيش، فهما الضمانة الوحيدة لحماية اللبنانيّين".
وأعلن أن "المسار القضائي هو خطوة أولى، وسيُستكمل حتّى النهاية، دفاعًا عن الدولة والسلم الأهلي".
عقيص: دعوى ضد تمرد "حزب الله"… والمواجهة مع الشرعية
عضو تكتّل الجمهوريّة القويّة النائب جورج عقيص قال لـ "نداء الوطن": "الموضوع لم يعد قابلًا لا للنقاش ولا للسكوت عنه، فلقد لجأنا إلى القضاء لحماية السلم الأهلي فعليًّا، ولحماية اللبنانيّين من أيّ مغامرة قد يرتكبها فريق "حزب الله" لأسباب نعتبرها غير مبرّرة".
واستطرد: "إن شاء الله أن يكون القضاء اللبناني واعيًا لأهميّة دوره، ولمسؤوليّته التاريخيّة في حماية السلم الأهلي. فـ "حزب الله" يحاول الضغط على حكومة هو مشارك فيها، وعلى رئيس هو شارك في انتخابه، وعلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي فاوض عليه بندًا بندًا، ليعود وينقلب على كل هذا المسار بهدف مزيد من عرقلة بناء الدولة، لأنّه من المؤكّد أنّه لا يمكن بناء دولة بوجود سلاح غير شرعي".
وشدّد على أنّ "التهديد الدائم بقصّة الشارع والحرب الأهليّة يثير التساؤلات، وأعتقد أنّ لا أحد يريد الحرب الأهليّة، ولا أحد قادر على خوضها بوجه فريق، وأنا أقولها بوضوح: ليس لدينا أساسًا أي نيّة لخوض حرب أهليّة".
ولفت عقيص إلى أنّ "المواجهة اليوم هي مع السلطة الشرعيّة اللبنانيّة، وإذا كان لا بدّ من مواجهة بين "حزب الله" وأيّ فريق آخر، فهي فعليًّا مواجهة مع الجيش اللبناني والسلطة الشرعيّة. وأعتبر ذلك خروجًا صارخًا عن القانون وانقلابًا على السلطة الشرعيّة اللبنانيّة".
محفوض: الشكوى بيد القضاء
وفي السياق نفسه، أكّد رئيس حركة التغيير المحامي إيلي محفوض لـ "نداء الوطن" أنّ "القضاء يملك سلطة استنسابية، وهو قادر على تقدير الظروف واتخاذ القرار المناسب بحسب الأصول المرعية". وقال: "عندما يتقدّم شاكٍ بدعوى ويتخذ صفة الادعاء الشخصي بحق أيّ كان، يتحرّك القضاء ويدرس الشكوى، وعلى ضوء ما يراه مناسبًا يتصرّف".
أضاف: "الشكوى اليوم موجودة لدى قلم النيابة العامة التمييزية، وقد قُبِلت وتمّت مصادقتها وأخذت رقمًا، وبطبيعة الحال، القرار النهائي يعود إلى مدّعي عام التمييز، وهو الذي تلقّف الشكوى وباتت اليوم في عهدته، وهذا الإجراء طبيعي وعادي يحصل في حالات مماثلة، ونحن قدّمنا شكوانا وفق الأصول".
وتابع: "في حال غياب مكان سكن أو إقامة للمُدَّعى عليه، فإنّ الشرطة في لبنان والضابطة العدلية قادرة على تحديد العنوان والتبليغ، أمّا بالنسبة للتهديد الدائم باللعب في الشارع وبالحرب الأهلية، فنسأل: ما الهدف من ذلك؟ فالحرب الأهلية تحتاج إلى فريقين، بينما هناك فريق واضح يقول: نحن لا نريد هذه الحرب. وبالتالي، إذا كان البعض يريد أن يتسلّى بهذه اللعبة، فهذا شأنه".
وختم محفوض: "نحن اليوم أمام بداية مسار واضح، والجيش اللبناني يقوم بمهامه، وإن لم يُعلَن عن كل ما ينفَّذ، وهناك خطّة موضوعة ومجلس الوزراء على بيّنة منها، والأمور تسير كما يجب، وإن كنّا مستعجلين على تحقيق النتائج سريعًا، لكن لدينا ثقة برئيس الجمهورية، بالوزراء، بالحكومة، وبالقوى الأمنية وفي مقدّمها الجيش اللبناني".
إذًا ، من قلب العدليّة، يُرفع الصوت مجدّدًا: لا سبيل لمواجهة مشروع الدويلة إلّا بالاحتكام إلى المؤسّسات، ولا حماية للبنان إلّا عبر القضاء، فبين لغة السلاح ولغة القانون، يختار السياديّون درب العدالة، ليؤكّدوا أنّ الدولة ستبقى المرجع الأوّل والأخير، وأنّ القانون هو السلاح الشرعي الأوحد بوجه الفوضى والفتنة.
ريشار حرفوش - نداء الوطن
The post هل يتم استدعاء قاسم إلى العدليّة؟ appeared first on LebanonFiles.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا