
خيمت نصائح صندوق النقد الدولي، على عملية إعداد موازنة 2026، وأعادت ضبط التوازن الكامل فيها، وفرض التطابق بين الواردات والنفقات، بما يتلاءم مع التوجه الجديد الصارم في السياسة المالية، الذي يمنع أي نفقة، أو فتح اعتماد في الموازنة دون تغطية مستدامة له.
مع عجز صفر، يعود عمل الموازنة العامة في لبنان إلى المسار الصحيح، فخرجت المالية العامة بذلك، من ثقافة إستسهال دولة تراكم عجوزات في الموازنات وإقرارها، دون النظر إلى تراكم التداعيات التي أدخلت لبنان في النفق المالي المظلم.
بيد أن الموازنة المقدرة بـ505 ألاف و720 مليار ليرة، اي نحو 5.650 مليارات دولار، يستهلك بند الرواتب والأجور وملحقاتها أكثر من 50% منها، وهو تحد قاس، أن يكون أكثر من نصف الموازنة مخصص للرواتب فقط، ويضغط على وزارة المال ومصرف لبنان، ومعهما السوق، لتأمين نحو 250 مليون دولار نقدا شهريا.
ولكن ما يلفت في موازنة 2026، هو أن لا ضرائب ولا أعباء جديدة فيها على المكلفين، ولا نفقات تذكر على قطاع الكهرباء، خارج قرض البنك الدولي. إذ أكد وزير المال ياسين جابر لـ"النهار" أن "التمويل من البنك الدولي الذي حصل عليه قطاعا الزراعة بقيمة 200 مليون دولار والكهرباء بقيمة 250 مليون دولار خفف بعض الأعباء عن الموازنة. علما أنه تم تخصيص نحو 200 مليار ليرة لانشاء مناطق صناعية على أملاك الدولة في الشمال والجنوب والبقاع، على أن تفيد من اعفاءات قانون تشجيع الاستثمار (ايدال)".
في المقابل يلفت الى دخول الدولة شريكا في إعادة إعمار وترميم نحو 500 مبنى في الضاحية الجنوبية، تعادل كلفة كل منها نحو 80 ألف دولار، بإجمالي يبلغ 40 مليون دولار.
ويكشف تركيز الموازنة على تمويل نفسها ذاتيا، من خلال الجبايات، اي الرهان على قدرة الدولة إذا ما حزمت أمرها، وأعادت تفعيل أجهزة الرقابة والتحصيل، وتحصين المعابر والمرافق الجمركية، في النهوض بالبلاد دون الحاجة إلى التدخل الخارجي المباشر، بل منحه ما يحتاجه للشروع في إستثمارات جديدة.
فقد أحال الوزير جابر يوم الجمعة الماضي إلى رئاسة مجلس الوزراء مشروع قانون موازنة العام 2026. وهي وفق ما يقول "موازنة متوازنة بين الإيرادات المقدرة والنفقات، ولا تسجل على الخزينة أي عجز".
وكما موازنة 2025 التي كانت توازي بين النفقات والايرادات (445 ألفا و214 مليار ليرة)، وازنت موازنة 2026 بين النفقات والإيرادات، مع زيادة نحو 12%. إذ بلغت نحو 505 ألاف و720 مليار ليرة للنفقات، والقيمة عينها للإيرادات التي تحسنت نتيجة "الخطوات الإصلاحية التي اتخذتها وزارة المال لناحية العمل الجاد على ضبط التهرب الضريبي وتحسين الإجراءات الجمركية، بما ساهم بشكل أساسي في رفع مداخيل الخزينة".
ويتوقع جابر أن تتحسن الايرادات أكثر مع وصول 3 ماسحات ضوئية "سكانر" حديثة للجمارك (2 في مرفأ بيروت والثالثة في طرابلس) يمكنها مسح 50 كونتينر في الساعة، توازيا مع مناقصة في طور التنفيذ لتلزيم معدات لنظام معلوماتية جديد للجمارك عبر منحة من الاتحاد الاوروبي والبنك الدولي. كما تدرس وزارة المال عقد اتفاقات مع شركات لمعرفة ما هي البضائع المستوردة قبل شحنها الى لبنان".
ماذا عن الايرادات المتوقعة من الأملاك البحرية؟ يقول جابر "كنا نعول على ايرادات كان يحكى أنها بمئات ملايين الدولارات، بيد انه تبين أن هذه الارقام لم تكن دقيقة، إذ أن وزارة الاشغال قدرتها سنويا بـ 20 مليون دولار. لذا أدرجنا في بند الايرادات المتوقعة نحو 40 مليون دولار عن عامي 2025 و2026".
الأموال المتأتية عن الاملاك البحرية، مع التحسن المتوقع بالواردات الجمركية، والجباية الضربيبة، ورسوم الكسارات، استدعت من جابر أن يؤكد أنه اذا "وجدنا ان بداية العام 2026 تبشر بتحسن، يمكننا حينها فتح اعتمادات بموازنة 2026 لأي انفاق جديد".
ويؤكد جابر أن "الموازنة لا تلحظ أي زيادات ضريبية أو زيادة على الـ TVA، آخذين في الاعتبار تكاليف حاجة الجيش والقوى الامنية الى تطويع ما يقارب الـ 3 آلاف عسكري. وكذلك تسديد مستحقات المقاولين والضمان وفوائد سندات الخزينة، علما أننا سددنا للضمان كل مستحقاته المدرجة في الموازنة السابقة، كما اتفقنا مع المقاولين لتقسيط دفعاتهم القديمة".
وإذ أمل ان "لا يكون هناك عجز في الموازنة"، بيد انه تخوف من عرقلة موضوع "الضرائب على المحروقات، حينها يمكن أن نقع بعجز، خصوصا ان كلفة الرواتب للقطاع العام من عكسريين واداريين وتربويين بما فيهم المتقاعدين تقدر بنحو 3 مليارات دولار".
في موضوع الإعمار، ومع التوقعات بضخ للاموال في 2026، أعلن جابر عن اتفاق مع البنك الدولي لانشاء صندوق اعادة الاعمار مع البنك الدولي بقيمة 250 مليون دولار مخصصا لإعادة إعمار البنى التحتية في المناطق التي تضررت جراء الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، مشيرا الى أن" فرنسا ستساهم بــ 75 مليون يورو، ومن المرجح ان تساهم صناديق عربية ودوليةبالصندوق الى أن يصل المبلغ الى مليار دولار".
وفي السياق أكد أن الوزارة حولت 1600 مليار ليرة لمجلس الجنوب و200 مليار للهيئة العليا للإغاثة مخصصة لرفع الأنقاض وتأهيل البنى التحتية في الجنوب والضاحية الجنوبية، كدفعة أولى على أن تتبعها دفعات لاحقة بغية معالجة الأبنية المتصدعة في الضاحية الجنوبية وعددها 500 مبنى بكلفة نحو 40 مليون دولار.
سلوى بعلبكي - النهار
The post 505 ألاف و720 مليار ليرة حجم موازنة 2026... "متوازنة بطابع انمائي" appeared first on LebanonFiles.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا