كيف تدعم الرؤية الحاسوبية الأبحاث العلمية الخاصة بمرض السرطان؟

تُعد الرؤية الحاسوبية (Computer Vision) أحد فروع الذكاء الاصطناعي الذي يُمكّن الخوارزميات من استخراج معلومات دقيقة وذات قيمة من الصور ومقاطع الفيديو. وقد وجد الباحثون في مجال السرطان طرقًا مبتكرة لتوظيف هذه التقنية في تحليل الصور الطبية والعينات المجهرية والفحوصات الإشعاعية؛ مما ساعد في تبسيط الإجراءات المعقدة وتسريع العمل، خاصة لدى الفِرق التي تعاني محدودية الموارد؛ مما ينعكس إيجابًا على حياة المرضى.

وفيما يلي، سنذكر أهم الطرق التي تساهم الرؤية الحاسوبية من خلالها في تسهيل الأبحاث العلمية الخاصة بمرض السرطان:

1- تحسين فهم عوامل نمو الأورام

عادةً، بعد التحقق من وجود السرطان وتحديد نوعه من خلال الخزعات، يلجأ أخصائيو علم الأمراض إلى تحليل الحمض النووي الريبي (RNA) للكشف عن التغيرات الجينية المؤثرة في نمو الورم. وهذه البيانات لها أهمية كبيرة في دعم الأبحاث ووضع خطط علاجية مخصصة، لكن الطرق التقليدية لاستخراجها مُكلفة وبطيئة.

ولمعالجة ذلك، ابتكر باحثون أداة ذكاء اصطناعي يمكنها تحليل الصور المجهرية التقليدية للتنبؤ بالنشاط الجيني داخل الخلايا السرطانية. وقد دُربت الأداة على أكثر من 7500 عينة لـ 16 نوعًا من السرطان، بالإضافة إلى بيانات لخلايا سليمة.

تعرض الأداة النتائج في شكل خريطة بصرية توضّح الفروق بين مناطق الورم، وقد تمكنت من تحديد التعبير الجيني لأكثر من 15 ألف جين بدقة تصل إلى 80%.

2- المساعدة في اختيار العلاجات الأكثر فعالية

غالبًا ما يواجه مرضى السرطان معاناة نفسية وجسدية، خاصة إذا لم تحقق العلاجات الأولية النتائج المرجوة. ولهذا، فإن القدرة على اختيار العلاج الأمثل مبكرًا تمثل فارقًا كبيرًا.

عادة ما تستند الخطط العلاجية إلى صور الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي، التي توفر بيانات محدودة. لكن تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة تستطيع تحليل معظم التفاصيل في الصورة، وحتى فحص عينات مجهرية دقيقة جدًا؛ مما يساعد في تحديد العلاج المناسب في المراحل الأولية.

وباستخدام عينات لسرطان المثانة، تمكّنت أداة ذكاء اصطناعي من تحديد مجموعات خلوية لديها استجابة أفضل للعلاج المناعي (وهو نوع من العلاجات المستخدمة للسرطان)، كما ساعدت في تقييم انتشار سرطان المعدة بدقة عالية. ويأمل العلماء أن تساهم هذه النتائج في تسريع الأبحاث وتحسين قرارات الأطباء العلاجية.

3- تسريع تطوير أدوية السرطان

يستغرق إنتاج دواء جديد للسرطان عادةً عدة سنوات، ولتسريع هذه العملية، طور فريق بحثي في لندن أداة ذكاء اصطناعي لتتبع وصول الأدوية إلى أهدافها داخل الخلايا.

وقد حللت الخوارزميات الخاصة بالأداة أكثر من 100 ألف صورة مجهرية ثلاثية الأبعاد لسرطان الجلد، مما أتاح مراقبة شكل الخلايا الحيّة ورصد تغيرها تحت تأثير العلاج.

وحققت الأداة دقة تجاوزت 99% في تحديد تأثير الأدوية، مع القدرة على اختصار مراحل التطوير قبل السريرية من ثلاث سنوات إلى ثلاثة أشهر، وتقليل مدة التجارب بما يصل إلى ست سنوات.

4- تطوير نماذج شاملة لتقييم السرطان

غالبية أدوات الذكاء الاصطناعي الحالية تساعد في جانب واحد فقط من العمل، لذلك طورت بعض الفرق البحثية أنظمة شاملة شبيهة بـ ChatGPT قادرة على إجراء تقييمات متعددة لأنواع مختلفة من السرطان.

أحد هذه الأنظمة دُرّب على 15 مليون صورة، و 60 ألف شريحة لأورام من 19 نوعًا مختلفًا، وبيانات من 24 مستشفى عالميًا. ويحلل هذا النظام الشرائح الرقمية والملفات الجزيئية، ويتنبأ بنتائج العلاج، ويكشف ارتباط بعض خصائص الأورام بزيادة معدلات البقاء على قيد الحياة.

5- تحسين تحليل الصور المجهرية

تستهلك الطرق التقليدية لتحليل الصور المجهرية وقتًا طويلًا، خاصة إذا كانت الصور كبيرة. لكن أداة ذكية جديدة تعتمد على الرؤية الحاسوبية وخوارزميات التعلّم الآلي، يمكنها تحليل العينات واكتشاف السمات المشتركة بين الأورام السرطانية بسرعة ودقة عالية.

تفحص الأداة مناطق متعددة من الورم وتتعامل معها كوحدة متكاملة. وأما الأدوات الأخرى المخصّصة لتحليل الصور المجهرية فتقسم الأورام الكبيرة إلى مقاطع صغيرة وتتعامل مع كل جزء كعينة منفصلة؛ مما يزيد صعوبة دراستها.

وفي الاختبارات العملية، تفوقت هذه الأداة على أفضل الأدوات الحالية بنسبة تقارب 4%، وحققت دقة تصل إلى 88%، مع إمكانية تطبيقها على أي نوع من الأورام وأي تقنية تصوير.

الخلاصة

تُظهر تطبيقات الرؤية الحاسوبية المدعومة بالذكاء الاصطناعي قدرات كبيرة على زيادة سرعة ودقة الأبحاث المتعلقة بعلاج السرطان، ودعم الأطباء في التشخيص والعلاج، وتسريع تطوير الأدوية. لكن حتى مع هذه الإمكانات، يبقى العنصر البشري هو الأساس في اتخاذ القرار الطبي، وهذه التقنيات مجرد أدوات مساندة وليست بديلًا عن الأطباء.

تم نسخ الرابط
تابعنا