Skip to main content

إسرائيل تتجه نحو هاوية اقتصادية

17 أيلول 2025

إسرائيل تتجه نحو هاوية اقتصادية

خبراء الاقتصاد يحذرون: إسرائيل تتجه لكارثة اقتصادية تحت وطأة المعاناة من المقاطعة الاقتصادية والعزلة السياسية (الفرنسية)

حلمي موسى

Published On 17/9/202517/9/2025|آخر تحديث: 15:29 (توقيت مكة)آخر تحديث: 15:29 (توقيت مكة)

حفظ

ترى الأغلبية الساحقة في إسرائيل -وفق أحدث استطلاعات الرأي- أن احتلال غزة واستمرار الحرب يوقع كارثة بإسرائيل واقتصادها. ولم يقتصر التحذير على قيادة جيش الاحتلال -التي صرحت بشكل شبه معلن أن احتلال غزة لا يضمن هزيمة حماس ولا يقرب موعد تحرير الأسرى لديها- بل إن خبراء الاقتصاد يشيرون إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي على شفا كارثة بسبب تكاليف الحرب.

وقد حذر 80 خبيرا اقتصاديا -في عريضة نشروها- من الثمن الاقتصادي والسياسي الباهظ الذي ستدفعه إسرائيل إذا أصرت على مواصلة الحرب واحتلال غزة.

وسبق أن نشرت صحيفة معاريف أن 30 مليار شيكل أخرى ستذهب هباء إذا احتل الجيش الإسرائيلي غزة بعد أن ضاعفت الحرب أصلا من ميزانية الدفاع. ويقدر الخبراء بأن تكلفة احتلال غزة لن تقل عن 100 مليار شيكل وقد تصل إلى 180 مليارا (الدولار يساوي تقريبا 3.5 شواكل).

وقد ألهب هؤلاء الخبراء الاقتصاديون في عريضتهم النقاش المشتعل أصلا حول تكاليف الحرب التي يرون أنها ستكون باهظة جدا ليس فقط من الناحية المالية، فاحتلال غزة في نظرهم سيجر إسرائيل إلى أزمة اقتصادية خانقة ويؤدي لتباطؤ النمو، وتضرر التصنيف الائتماني، وفرض عقوبات دولية، وسيؤدي إلى هجرة سكانية معاكسة.

وفق تقديرات فإن تكلفة احتلال غزة لا تقل عن 100 مليار شيكل (مواقع التواصل)

قائمة أضرار اقتصادية طويلة

ويؤكد مُبادرو الوثيقة (البروفيسور إيتاي آتير، والبروفيسور بيني بنتال، والبروفيسور عيران يشيب) على أن "احتلال غزة سيجرّ الاقتصاد الإسرائيلي إلى تدهور خطير. هذا ليس مجرد تهديد اقتصادي، بل هو تهديد مباشر للأمن القومي، إذ لن يكون الاقتصاد الضعيف قادرًا على تحمل تكلفة الحملة العسكرية على المدى الطويل".

ووقع على العريضة العشرات من كبار الاقتصاديين، بينهم محافظون سابقون للبنك المركزي ومسؤولون سابقون في وزارة المالية ورؤساء شركات كبرى وأساتذة جامعيون.

إعلان

ومن بين الموقعين البروفيسور مانويل تراختنبرغ، والبروفيسور زفيكا إيكشتاين، والبروفيسور آفي بن باست، والبروفيسور عمر موآف، وحاييم شاني، والبروفيسور رافي ملنيك، وآخرون.

وحسب العريضة، تشمل العواقب الاقتصادية ما يلي:

  • تسارع هجرة الأدمغة وانخفاض حاد في الإنتاجية والناتج المحلي الإجمالي.
  • ارتفاع مستمر في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، وخطر حقيقي بحدوث أزمة ديون.
  • تكلفة مالية مباشرة بعشرات المليارات من الشواكل نتيجة تعبئة قوات الاحتياط والأسلحة والمعدات، مما سيؤدي إلى زيادة الضرائب.
  • خطر حقيقي يُنذر بهجرة رأس مال بشري عالي الجودة من إسرائيل، مما سيؤدي إلى انخفاض كبير في الناتج المحلي الإجمالي ومستويات المعيشة.
  • إنفاق حوالي 60 مليار شيكل على الإدارة العسكرية والبنية التحتية والخدمات الإنسانية لسكان غزة.
  • احتمال فرض عقوبات اقتصادية من قبل الدول الأوروبية والشركاء التجاريين الرئيسيين.

كما تشير العريضة إلى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى خفض التصنيف الائتماني، وزيادة أسعار الفائدة، وتراجع الاستثمارات، وهو سيناريو من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر على سوق العمل والتعليم والصحة ورفاهية الإسرائيليين.

ويخلصون إلى أن عريضتهم ليست حول حرب تشكل تهديدًا أخلاقيًا ودوليًا فحسب، بل هي أيضًا خطوة قد "تُخرج إسرائيل من مجموعة الدول المتقدمة".

وأول أمس الاثنين، كتب المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" آفي أشكنازي أن حكومة بنيامين نتنياهو تقود إسرائيل إلى حرب بلا هدف.

وأوضح أنه في ظل انشغال الجيش بتكثيف استعداداته لاحتلال مدينة غزة، وزيادة غاراته لتسريع وتيرة تهجير السكان، نشرت وسائل الإعلام رقمين مثيرين للقلق.

الأول صدر عن شعبة إعادة التأهيل التابعة لوزارة الدفاع وأشار إلى أن عدد الجرحى الذين اعترفت بهم الشعبة كمعاقين في هذه الحرب بلغ 20 ألف معاق.

والرقم الثاني صدر عن وزارة المالية بأن وزارة الدفاع تجاوزت ميزانيتها المقررة بحوالي 30 مليار شيكل حتى قبل أن يبدأ الهجوم البري لاحتلال غزة، وبلغت حوالي 140 مليار شيكل.

توسيع إسرائيل الحرب في غزة يهدد بحسب خبراء تصنيفها الائتماني (الأوروبية)

تكاليف ضخمة وإنفاق بلا سقف

ومن الطبيعي أن الثمن الذي تدفعه إسرائيل ليس ماليا فقط، بل باتت تضاف إليه أثمان أخرى كالمقاطعة المتنامية ضدها حول العالم: من ملاحقة السياح الإسرائيليين -مرورا بالمظاهرات والمقاطعة الأكاديمية ووقف التعامل والحظر التجاري والعسكري والعزل السياسي- إلى أوامر اعتقال بحق رئيس الحكومة ووزير الدفاع السابق، إضافة إلى تراجع قدرة إسرائيل على التصدير وتضرر مستوى التعليم الأكاديمي، والقائمة تطول.

وعدا الجيش النظامي، فإن احتلال غزة يتطلب تجنيد ما لا يقل عن 130 ألفا من جنود الاحتياط يكلفون وحدهم تقريبا 5.5 مليارات شيكل شهريا بما في ذلك الرواتب والحماية والمنح وتراجع الإنتاجية وتعويضات أصحاب العمل.

وإذا استمرت هذه العملية 5 أشهر -كما عُرض في مجلس الوزراء- فإن هذا البند من القوى العاملة وحده سيتطلب إنفاق 28 مليار شيكل. ومعروف أن عملية "عربات جدعون 1″ كلفت وحدها خلال 3 شهور 15 مليار شيكل. كما أن احتلال غزة إذا فرض حكم عسكري سيزيد التكلفة بشكل كبير.

إعلان

وكان مدير عام وزارة المالية إيلان روم قد انتقد أول أمس -بشدة- إدارة وزارة الدفاع لميزانيتها.

وفي خطاب ألقاه في مؤتمر المحاسبين العامين بالقدس المحتلة، قال روم إن "الإنفاق الدفاعي يحتاج إلى سقف، ويبدو أحيانًا أنه مرتفع جدًا لدرجة أنه غير مرئي. فبدون سقف، تنعدم الكفاءة وينعدم الترشيد".

وأوضح أن "ميزانية الدفاع تضاعفت بالفعل خلال عامين" وأنه منذ اندلاع الحرب لم تُلاحظ "أي خطوة لترشيد الإنفاق الاقتصادي في مجال الإنفاق الدفاعي".

وتأتي هذه الكلمات في وقت تُضطر فيه وزارة المالية لتقديم ميزانية مُحدّثة لعام 2025 في الكنيست، والتي ستزيد إطار الإنفاق الحكومي بنحو 31 مليار شيكل، وتُعمّق العجز إلى 5.2%، لمواجهة تكاليف الحرب المستمرة. وتُناقش لجنة المالية بالكنيست الميزانية المُحدّثة حاليًا قبل إقرارها النهائي في الجلسة العامة.

وقد لا يكون هذا هو القرار النهائي بعد، فمن المفترض أن يُغطي المبلغ العمليات التي انتهت بالفعل فقط، في حين لم تُدرج تكلفة العملية الجارية لاحتلال مدينة غزة في متن الميزانية، وقد يتطلب الأمر تجاوزًا آخر لسقف الإنفاق بحلول نهاية العام.

الحرب تكلف مبالغ فلكية

وتختلف تقديرات تكاليف الحرب -بين خبير اقتصادي وآخر- تبعا للمقدمات التي يضعها والنتائج التي يتوقعها.

وبدا واضحا خلال الأشهر الأخيرة، وبعد أن تضاعفت ميزانية الدفاع، أن هناك ضغوطا كبيرة على الجيش الإسرائيلي لترشيد الاستهلاك وخصوصا في استدعاء القوات الاحتياطية.

ولذلك، يستند البعض في تقديراته إلى الحد الأقصى المسموح للجيش أن يستدعيه للخدمة الاحتياطية وهو 400 ألف، والحد الأدنى المطلوب حاليا هو 130 ألفا. كما أن الفارق بين خبير وآخر يتصل بالمدة الزمنية المتوقعة لمثل هذه العملية العسكرية أو تلك والتكهن بتطوراتها.

وعلى سبيل المثال، كان مقررا أن يهزم الجيش حماس في غزة خلال 3 شهور المدة المخصصة لعملية "عربات جدعون1" العسكرية. ومعروف أن الجيش عاد وقرر حاجته إلى "عربات جدعون 2" بعد أن فشلت الأولى في تحقيق الأهداف المعلنة.

ولذلك، ثمة خبراء مثل ماتان خدروف في القناة 13 يقدر تكلفة احتلال غزة بـ100 مليار شيكل، في حين يرى آخرون مثل جاد ليئور في يديعوت أحرونوت أن الحرب في غزة ستكلف 180 مليارا.

وذكر ليئور أن تكلفة الحرب بلغت حتى الآن 330 مليار شيكل كلها ستدفع من جيب الإسرائيلي. وبحسبه -في مقابلة إذاعية- فإن احتلال غزة والسيطرة عليها سيكلفان مبالغ فلكية أي 180 مليار شيكل سنويًا.

وأضاف "بالنسبة لمن نخاطبهم، نحتاج إلى بناء مدينة خيام على الأقل، وحشد عدد كبير من جنود الاحتياط للسيطرة على غزة (250 ألفًا). ويكلف حشد الاحتياط 11 مليار شيكل شهريًا فقط. أما الـ50 مليارًا الإضافية فهي لتغطية جميع احتياجات سكان غزة، بما في ذلك الماء والكهرباء، لأننا نسيطر على القطاع. أقولها بوضوح: لا يمكننا الاستمرار في هذه النفقات".

ووفق ليئور، تشير البيانات غير الرسمية التي جُمعت إلى استمرار توجه العديد من الشباب لمغادرة إسرائيل، بسبب الصعوبات الاقتصادية والرغبة في الهروب من أهوال الحرب.

خطط نتنياهو (يسار) وسموتريتش تخاطر بزيادة العجز في الموازنة إلى ما بين 6-7% هذا العام (رويترز)

نتنياهو وسموتريتش ماضيان بإسرائيل نحو الهاوية

حتى الآن، لم يُجرَ أي نقاش في الحكومة أو الكنيست بشأن التكلفة الباهظة للحرب والتكلفة المتوقعة لاحتلال غزة والتي تُثقل كاهل الميزانية العامة والاقتصاد. وحسب التقديرات المتوسطة، يحتاج الأمر لتعبئة ربع مليون جندي احتياط خلال بضعة أشهر، حتى قبل نهاية السنة المالية الحالية.

وبحسب يديعوت أحرونوت، ووفقًا لكبار المسؤولين بالمالية والجيش، تُقدر تكلفة التعبئة المكثفة للاحتياط واستخدام الذخيرة بنحو 350 مليون شيكل يوميًا من القتال. وهذا يعني حوالي 10-11 مليار شيكل شهريًا، وحوالي 30-50 مليار شيكل حتى نهاية العام (حسب تاريخ بدء العملية).

إعلان

كما يُقدّر كبار المسؤولين الاقتصاديين التكلفة المتوقعة للحفاظ على الأراضي مع احتلال غزة وسيطرة الجيش عليها بما يتراوح بين 10 و15 مليار شيكل شهريًا، بالإضافة إلى تكاليف القتال والأضرار التي تلحق بالاقتصاد، أي ما بين 120-180 مليار شيكل سنويًا. وصرح مسؤول كبير بالمالية للصحيفة أن هذه النفقات الضخمة من المتوقع أن تزيد العجز هذا العام إلى ما لا يقل عن 6-7%، وأن تزيده أكثر العام المقبل.

أما موقع "والا" الإخباري، فخلص إلى نتائج مشابهة مع تحذيره من تخفيضات حادة في ميزانيات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، بل وحتى خطر تأميم المعاشات التقاعدية.

ونبه الموقع إلى أن نتنياهو وسموتريتش يمضيان قدمًا بهذه الخطوة رغم العجز المالي المتزايد والتحذيرات. ومن باب المقارنة، تبلغ الميزانية 840 مليار شيكل مما يعني أن ما بين 15% و20% منها ستُخصص لخطوة عسكرية وسياسية غير ضرورية، ولن تُلحق سوى الضرر الإستراتيجي بإسرائيل حسب المصدر ذاته.

وختم "والا" بالقول "نحن على وشك الانهيار بسبب سموتريتش الذي لم يتجاوز في الاستطلاعات الانتخابية نسبة الحسم، ويعاني من أوهام مسيحانية حول حرب يأجوج ومأجوج. نحن على وشك السقوط في هاوية اقتصادية بسبب رئيس وزراء مُصاب بجنون العظمة وانفصال عن الواقع".

المصدر: الجزيرة

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا