
بين ضباب الانتظار والتشتت، تعيش القواعد "المستقبلية" في بعلبك الهرمل حالة من الترقب الممزوجة بالطموح، مع اقتراب الاستحقاق النيابي واحتدام النقاش حول المشاركة من عدمها. وبين انتظار قرار الرئيس سعد الحريري وإصرار الأمين العام على خوض المعركة، تتكاثر الطموحات الفردية، ويتحوّل الغياب المركزي إلى ساحة مفتوحة للمبادرات الشخصية.
في البقاع الشمالي، يزدحم المشهد بأسماء "مستقبلية" سابقة وحالية تفكّر في الترشح، بعضها بدافع الحفاظ على حضور شخصيّ، وبعضها الآخر يحاول إحياء اللون الأزرق في منطقة لطالما تركت وحيدة، قايض فيها التيار مراكز ومناصب في الإدارات الرسمية بأماكن أخرى، وقال عنها الأمين العام يومًا: "المنطقة التي لا تأتي لنا بنائب لا نريدها". وما يجمع هؤلاء الطامحين غياب المرجعية الحقيقية التي تضبط الإيقاع وتوحّد القرار. فالتيار الذي كان يعرف بانضباطه، يعيش اليوم فوضى تنظيمية واضحة، ويتكاثر الطامحون في البقاع ممّن يرون الفراغ فرصة لإعادة الحضور السياسي عبر الترشح ولو من خارج المظلّة التنظيمية الرسمية.
وبين عدم حسم الرئيس سعد الحريري قرار المشاركة في الانتخابات من عدمها، ونية الأمين العام أحمد خوضها، والتحرّك في بعض المناطق، تبقى دائرة بعلبك الهرمل خارج أي حسم، فهل يفعلها أحمد الحريري ويخوض المعركة دون ضوء أخضر من الرئيس؟ وهل سيجد جمهورًا منضبطًا خلفه؟ هنا تبرز المعضلة الكبرى: الولاء الشعبي لسعد لا يعني القبول بخيارات أحمد. فالجمهور السنيّ عامة والمستقبليّ خاصة، ما زال يكن ودًا واحترامًا للرئيس، لكنه يوجّه انتقادات حادّة للأداء السياسي والتنظيمي في السنوات الأخيرة.
الجوّ السنيّ العام لم يعد كما كان بعد الأحداث الأخيرة التي حصلت، من هروب الأسد إلى الحرب الأخيرة وتراجع محور الممانعة. فالحنين إلى الحريرية السياسية لا يترجم بالضرورة انضباطًا انتخابيًا، بل باتت القاعدة الشعبية السنية أكثر تحررًا وأقلّ التزامًا، وخصوصًا مع تنفس الهوى السوري الشرعي. وعليه تقول مصادر بقاعية لـ "نداء الوطن" إنه إذا قرر أحمد خوض الانتخابات في دائرة بعلبك الهرمل أو دعم مرشحين من دون العودة لسعد، فإن التيار سيجد نفسه أمام أزمة ثقة حقيقية، لأن الجمهور لن يتحرك كما في السابق.
على خط التحالفات، تبدو الصورة أكثر تعقيدًا، فالتيار لا يملك حتى الآن إن قرر خوض الانتخابات تحالفًا واضحًا، وخصوصًا أن علاقته مع "القوات اللبنانية" ليست على وئام كما كانت في انتخابات العام 2018، حين أسفر التحالف بينهما عن إيصال نائب "مستقبلي" إلى البرلمان، فهل يستطيع التيار تكرار هذا الإنجاز في حال خاض المعركة منفردًا؟ الأكيد أن ذلك لن يحصل، لأن المزاج السني تبدّل، والثقة تراجعت. والأهمّ أن الجوّ "المستقبلي" والسني لن يتقبّل أن يقاد إلى خيارات وتحالفات لا تعبّر عن ثوابته. فالجمهور لن يساق إلى تموضعات ظرفية تمليها الحسابات الانتخابية الضيقة. وبعلبك الهرمل لقربها من سوريا وتشابك حساباتها الطائفية والسياسية، ليست ساحة سهلة للمناورة، بل تحتاج إلى وضوح في الموقف والاتجاه.
على الأرض، تراجعت الثقة إلى ما دون الصفر بالشخصيات التي كانت تعتبر نفسها أقطابًا "مستقبلية"، ولها حضورها السياسي في المنطقة، وأثبتت التجارب التي مرّت، أن هذه الشخصيات ترفع راية "المستقبل"، وتتصرّف بما يناقض نهجه، تبيع وتشتري المواقف وفق ما تمليه الظروف لا المصلحة، وإذا ما استمرّ الأداء بهذا الشكل إضافة إلى اختيار الأمين العام لها لتمثيل المنطقة في مواقع دينية وغيرها، فإن التيار الذي خسر جزءًا من رصيده سابقًا، سيخسر ما تبقى، وسيترك الناس للبحث عمّن يملأ الفراغ ويمثلهم فعليًا.
عيسى يحيى - نداء الوطن
The post تيار المستقبل بين سعد وأحمد... طموح "مستقبليين" كثر للترشح appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا