
بـ«شحطة قلم»، وافق مجلس الوزراء، في جلسته أمس، على توسيع مطمر الجديدة عبر إنشاء الخلية الرقم 8 البالغة مساحتها 40 ألف متر مربع، وإحالة مشروع قانون إلى مجلس النواب لفتح الاعتمادات اللازمة. لم يكن القرار خارج التوقعات، ولا سيما عند الحديث عن حكومة انتهجت منذ البداية السير في أقصر الطرق وأسهلها بغضّ النظر عن الأكلاف المتوقّعة. فبالنسبة إليها، يُعدُّ السير في مشروع التوسعة أسهل من انتظار الاستراتيجية المتكاملة لإدارة النفايات الصلبة... ولو رُدِم البحر.
وبمعزل عن ذلك، فإنه مع ما جرى على مدى الأيام الثلاثة الماضية من إقفال مطمر الجديدة ومن ثم فتحه مؤقّتاً لتجميع النفايات، لم يكن ثمة وقت لغير هذا القرار، وهذا ما أشارت إليه المصادر، «انطلاقاً من أن المطلوب اليوم هو العمل الفوري لحلّ الأزمة، بدلاً من تكدّس النفايات في الشوارع، فيما يتمّ توازياً العمل على تعديل وتصحيح الاستراتيجية المتكاملة لإدارة النفايات الصلبة التي تعمل عليها وزارة البيئة».
وهي الصيغة التي اعتبرتها بلدية الجديدة «انتصاراً»، بحسب رئيسها أوغست باخوس، ولا سيما أنها جاءت في سلّة متكاملة من الضمانات والمكافآت، إذ اقترنت الموافقة على إنشاء الخلية بتنفيذ كل مطالب البلدية من إنشاء منظومة للطاقة الشمسية ومحطة لتوليد الكهرباء من الغاز المنبعث إلى إعطائها حق الاستثمار لكامل سطح المطمر والبالغة مساحته قرابة 250 ألف متر مربّع، إضافة إلى إعطائها وسائر البلديات تراخيص بإنشاء معامل لمعالجة النفايات. ويضيف باخوس أيضاً أن هذا القرار من المُفترض أن يلحق بآخر «عبر الحكومة واتحادات البلديات لإتمام مبدأ المبادلة مع مطمر الكوستابرافا».
ولذلك، من المُفترض أن تبدأ اليوم المباشرة بتجهيز الخلية، بحسب مدير الموقع ومدير الشركة المتعهّدة للمطمر، توفيق قزموز، الذي يضع حداً زمنياً لإنشائها يُقدّر بثلاثة أشهر، «بحيث يجري العمل على رفع كمية الردم منها والتي كانت تُرمى فيها عند تجهيز الخلايا السابقة». وبما أنها آخر خلية للطمر هناك، «فعلينا أولاً أن نرفع الردم ونرحّله ومن ثم حفر الخلية وعزل الأرضية وتركيب تمديدات تصريف عصارة النفايات ووصلها بمحطة التكرير قبل المباشرة باستقبال النفايات». وبانتظار أن تُجهّز تلك الخلية، يشير قزموز إلى أنه سيستمر في فتح المطمر مؤقّتاً وتخزين النفايات على سطحه إلى حين نقلها إلى الخلية الجديدة. ويحدد عمر الخلية بحدود 16 شهراً تنتهي مع نهاية عام 2026.
إذاً، هكذا أنهت الحكومة فرضها: وسّعت المطمر، كما فعلت الحكومة السابقة في ملف مطمر الكوستابرافا، فمنحته عمراً إضافياً يُقدّر بـ 16 شهراً، وأغرت الساكنين قربه بتنفيذ سلّة من المطالب، من دون أن تعوّضهم عن صحتهم التي أكلها السرطان. وهذا ليس نهجاً استثنائياً، وإنما استمرار لنهج بدأ مع الانفجار الكبير في ملف النفايات في عام 2015، والذي لم يُقفل حتى اللحظة الراهنة.
وهذا نهج بات معلوماً ويقوم على أساس واحد، هو «دفش الانفجار أشهراً إلى الأمام»، على ما تقول عضو لجنة البيئة النيابية، نجاة صليبا. فجلّ ما هو واضح من القرار الذي اتُّخذ أمس هو ردم مساحة إضافية، فيما الضبابية تلفّ كل شيء آخر، سواء ما يتعلق بـ«الاستراتيجية التي على أساسها ستُبنى الخلية أو ما يتعلّق بتطبيق القوانين أو ما يتعلق بمصدر تلك الاعتمادات»، رافضةً أن يكون إقرار هذه الاعتمادات «من جيوب المواطنين كما درجت العادة في مثل هذه المشاريع»، عدا «تحميل المواطنين كلفة إدارة النفايات».
أمّا الحل؟ فبحسب صليبا، لا يكون إلّا من خلال إقرار الاستراتيجية المتكاملة لإدارة النفايات التي تقوم على أساس احترام الهرمية في إدارة ومعالجة النفايات، إذ «إن العمل يكون بالتخفيف من النفايات وتطبيق مبدأ الفرز من المصدر ومن ثم إعادة التدوير والتسبيخ وفي نهاية المطاف نصل إلى المطمر».
لكن، لا شيء من كل هذا، تحسم صليبا، وهو ما أوصل مطمر الجديدة والكوستابرافا وقبلهما الناعمة إلى الانفجار. وهذا سيحدث تباعاً في أي مكان يُستسهل فيه العمل بالحلول الترقيعية. وفي مطمر الجديدة بالذات، كان الواقع فاقعاً، إذ إنه عندما استُحدث مطمر الجديدة، لم يكن الهدف منه إيجاد مكان آخر لطمر ما فاض من نفايات مطمر برج حمّود، وإنما معالجة «جبل برج حمود»، عن طريق فرز النفايات الموجودة فيه ومن ثم معالجتها وطمر العوادم المُستخلصة منها في المكان الجديد. وكان من المُفترض، وفق هذه الآلية، أن يخدم مطمر الجديدة ما لا يقلّ عن عشرين عاماً.
لكن، بما أن الرياح لا تجري كما تشتهي السفن، فقد خالف المتعهّدون عن مطمر الجديدة، كما المطامر المنتشرة على طول الأراضي اللبنانية، هذا الهدف، فـ«اشتغلوا» على الطريقة اللبنانية من دون الالتزام بدفاتر الشروط. وأوصل هذا المسار إلى أنّ «ما جرى فعلياً كان عبارة عن نقل جبل النفايات القديم من مكانه وطمره في المطمر الجديد، من دون أي عملية فرز أو معالجة»، بحسب صليبا، التي أوضحت أن المطمر تحوّل مع الوقت إلى مكان «تُرمى فيه نفايات المتن بكاملها، ما أدّى إلى امتلائه بالكامل».
فكانت النتيجة «أن امتلأ المطمر في أقل من عشر سنوات فقط»، والسؤال اليوم: ماذا سيحدث بعد انقضاء الأشهر الـ 16؟ الأكيد أن الحكومة لن تكون قادرة على اتخاذ قرار جديد بالتوسعة لأن هذه الخلية هي آخر الخلايا الموجودة اليوم في الجديدة للطمر.
راجانا حمية - الاخبار
The post الحكومة توسّع مطمر الجديدة مُجدّداً... بلا إستراتيجية appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا