Skip to main content

ريما كرامي: "الحظّ" يُسيّر المدرسة الرسمية!

15 تشرين الأول 2025

«إعادة الثقة بالمدرسة الرسمية» عنوان طموح رفعته وزيرة التربية، ريما كرامي، لدى وصولها إلى وزارة التربية، قبل أن تكتشف، مع الوقت، أن المهمة «عويصة»، بسبب «حقل الألغام» الذي تعمل فيه. هي، على الأقل، تُقرّ، بأنها ورثت من الوزارات المتعاقبة الكثير من المشكلات التي تبدأ بالرواتب الهزيلة، والصناديق الفارغة، ولا تنتهي بالكتب الضائعة. وفي حين يغيب القرار السياسي بدعم التعليم الرسمي، يحضر توسّل دعم الجهات الدولية المانحة في كل مفصل من المفاصل الإدارية والمالية والتربوية. في ما يأتي نص حوار مع كرامي

■ يقول مديرو مدارس قرى الحافة الأمامية إن وزارة التربية غائبة، رغم خروجها من عدوان إسرائيلي مدمر، والاعتداءات اليومية المستمرة. ما هو تعليقك؟

غير صحيح أن الوزارة غائبة عن القرى الحدودية. فالمنطقة تصدّرت كل اهتماماتنا منذ بدء الاستعدادات للعام الدراسي الجديد، إذ عقدت اجتماعات خاصة مع النواب، ومجلس الجنوب، والجهات الدولية المانحة، وممثلي المكاتب التربوية للأحزاب السياسية، لمقاربة كل الموضوعات والتفاصيل، فضلاً عن الاجتماع الذي يلتئم أسبوعياً مع الإدارة التربوية للوقوف على كل المشكلات والهواجس.

وأصدرت تعاميم مختلفة بالإجراءات الإدارية المعتمدة لتسيير العمل في المدارس والثانويات الحدودية. وعندما تسمعون أن المدير أو البلدية أو الجمعية فعلت كذا وكذا، فهذا لا يمكن أن يحصل إلا بالتعاون والتنسيق مع الوزارة.

نحن من يُسهِّل ترميم وصيانة المدارس المتضررة، ونحن من يوفِّر المباني البديلة ويُؤمّن الأدوات والتجهيزات المطلوبة. في الواقع، وضعنا شرطين أساسيين: عدم التعليم «أونلاين»، وتوفير مقعد دراسي لكل تلميذ، وتركنا الحرية للجميع بأن يختاروا أماكن الدراسة التي تناسبهم، سواء في قراهم أو في الأماكن التي نزحوا إليها، وإن كان البعض طلب منا الحفاظ على كينونة المدارس، وأن نؤمن لهم مباني بديلة لينقلوا إليها جميع الطلاب كي يبقوا على تماسٍ مع رفاقهم وأساتذتهم.

الأمور تعالج على قدمٍ وساق، فقد مدّدنا مهلة التسجيل، ولا زلنا في ضوء الاستقرار، وننتظر الانطلاق الفعلي للعام الدراسي في الحافة الأمامية، في أسرع وقت ممكن.

■ ماذا عن صناديق المدارس التي تعاني من عجز مالي كبير، مع العلم أنها المورد الأساسي لتسيير التعليم الرسمي؟

الضائقة المالية كبيرة والضغط كبير على الصناديق، ولا سيما بعدما تقرر تحميلها «بدلات المثابرة» أو الحوافز لعمال المكننة والنظافة والحراسة، إضافةً إلى رواتبهم ومستحقات بعض الأساتذة المتعاقدين، لكون الصندوق هو البند الوحيد الذي يسمح لنا بصرف الأموال عبر الموازنة العامة.

والوزارة تترقب أن تصلها في هذا الشهر دراسات من إدارات المدارس عن الأكلاف التي يرتبها هذا التدبير، تمهيداً للبحث في كيفية تأمين الاعتمادات المالية.

الاتجاه للاستعانة بمطابع الجيش لسدّ النقص في الكتاب المدرسي

 

أستطيع أن أقول إنني ورثت هذه المشكلة عن الوزارات المتعاقبة، فلم يسبق أن وضع أحد ترتيباً ثابتاً ومستداماً، والأمر بات يعتمد على الحظ، فإذا حظيت المدرسة بمجتمع محلي يحتضنها ويقدم لها المساعدة «بتمشي»، وإلا فهي تتعثر.

لكن أجرينا بعض التعديلات التي يمكن أن تسهم في حل المشكلة، منها: دمج صناديق المدارس وصناديق مجلس الأهل ورفع سقف الإنفاق وزيادة طفيفة على رسوم التسجيل في التعليم الثانوي. نأمل أن تلقى بعض المدارس التي تضم طلاباً سوريين بعض الدعم من الجهات المانحة. نتوقع أن يستمر الضغط هذا العام، ولكن نأمل أن تنتظم الأمور تدريجياً.

■ جميع الأساتذة يترقبون الزيادات على رواتبهم. ماذا حلّ بهذا الملف؟ وهل هناك أي تصور جديد؟

وزارة التربية انخرطت في الاجتماعات الدائمة التي تعقدها اللجنة الوزارية برئاسة نائب رئيس الحكومة طارق متري التي تدرس رواتب جميع موظفي القطاع العام. شاركت مع ممثلي روابط الأساتذة في التعليم الرسمي في أحد اجتماعات اللجنة، وسنطلب موعداً قريباً من اللجنة ومن وزير المال ياسين جابر بحضور الروابط أيضاً.

الجميع مقتنع بأن تصحيح الرواتب يجب أن يحصل وينبغي العمل على خطة واضحة في هذا المجال، وصوت الأساتذة يجب أن يصل ومطالبهم يجب أن تُدرس بالتفصيل. لكن يجب أن نُقِر بأن القطاع التعليمي ضخم جداً، وأن ندرس تصحيح رواتب عشرات الإداريين في القصر الجمهوري أو مجلس الوزراء يختلف تماماً عن تصحيح أجور 43 ألف معلم.

■ تولّت منظمة «يونيسف» طباعة الكتاب المدرسي الرسمي في العام الماضي، ورغم ذلك لا تزال الشكوى مستمرة من عدم توافره. ما الذي يحصل وأين ذهبت النسخ المطبوعة والتي تبلغ أكثر من 2.8 مليون كتاب، في مواد الرياضيات والعلوم واللغات فقط؟

هذا الملف هو من الملفات التي ورثتها أيضاً، فعندما حضرت إلى وزارة التربية في آذار، قيل لي إن الكتب متوافرة في المستودعات، وعندما بدأنا بالتحضير للعام الدراسي الحالي خرجت الصرخة بأن الكتب الموجودة لا تغطي الاحتياجات. في الواقع، ليس هناك تمويل لطباعة الكتاب المدرسي الرسمي في «المركز التربوي للبحوث والإنماء»، وقد جرت الاستعانة بالجهات المانحة، ولا سيما «يونيسف»، لطباعة الكتاب في السنوات الماضية.

إلّا أنني اكتشفت أن النسخ غير كافية لجميع المراحل، خصوصاً في المراحل الابتدائية والمتوسطة في الدوام الصباحي. والرقم الذي أعطتكم إياه «يونيسف» يشمل المدارس في الدوامين الصباحي والمسائي.

وتبين أنه ليست هناك أي مشكلة في دوام بعد الظهر، إذ وُزعت الكتب على جميع التلامذة. حالياً، أنجزت الوزارة مسحاً بالنواقص ويتم التفاوض بشأن إمكانية الاستعانة بمطابع الجيش اللبناني نظراً إلى سرعتها، فيما نعمل حالياً على إجراء بعض التصليحات للمعدات المعطلة في «المركز التربوي» عبر الاستعانة بالجهات المانحة أيضاً.

أما بالنسبة إلى ما أُثير عن بيع الكتب في السوق السوداء، فإن الوزارة تجري تحقيقاً، علماً أن النسخ التي وضعت في السوق قد لا تتجاوز ألفي كتاب من أصل 100 ألف. الهم الأساسي بالنسبة إلي هو تأمين طباعة الكتب لجميع التلامذة وتوزيعها عليهم.

■ تربوياً، استحدثتم التقييم التشخيصي لتلامذة التعليم الأساسي وبنيتم على نتائجه برنامجاً لردم الفاقد تعليمي بمدة ثمانية أسابيع. فما هي أبرز النتائج؟ ومن وضع برنامج الدعم؟ وهل المدة المحددة للبرنامج في بداية هذا العام الدراسي كافية لمعالجة الفاقد؟

الأهم في هذا المشروع أن التقييم أو الاختبار لتلامذة المرحلة الأساسية من الأول حتى السادس الأساسي الذي أجري، في نهاية العام الدراسي الماضي، اعتمد على معلومات مرقمنة لكل المدارس ولجميع التلامذة، وباتت النتائج مؤرشفة لتكون نقطة الانطلاق والعودة إليها في أي برنامج علاجي للفاقد التعليمي وليس فقط البرنامج الذي يُطبق حالياً في المدارس.

أما في النتائج، فلم تكن هناك مفاجآت كبرى، سوى أن الفاقد التعليمي في بعض المدارس فاق التوقعات لكونه بلغ أربع سنوات، علماً أن جزءاً من هذا الفاقد نتشارك به مع كثير من دول العالم، وهو ناتج بصورة خاصة من جائحة «كورونا»، إضافة إلى الإضرابات والأعطال والأزمات الاقتصادية والأمنية التي عصفت بالبلد، والتي أدت إلى اختصار المناهج وخفض عدد أيام التدريس من 170 يوماً إلى 90 يوماً.

الفاقد التعليمي بلغ أربع سنوات في بعض المدارس

 

لكن يجب أن نوضح أن التقييم لم يكن على المنهج، إنما على الكفايات المحصلة لدى التلامذة ومنها على سبيل المثال كفاية القدرة على قراءة نصوص غير مألوفة، كأن يستخدم التلميذ اللغة الفرنسية في تمرين رياضيات. وهنا تبين أن هناك مشكلة أكثر من النصوص المألوفة. كذلك أظهر التقييم أن هناك تفاوتاً شاسعاً في المستوى داخل الصف الواحد، ولا سيما في المراحل الدراسية الأولى.

وهو ما أعطانا إشارة إلى أهمية تدريب المعلمين على التعليم التمايزي. وبدا مُفيداً أن ندمج صفوفاً في الحلقة الأولى (الأول والثاني والثالث الأساسي). الجهة المسؤولة عن وضع البرنامج اختصاصيون من مكتبي وممثلون عن «المركز التربوي»، ولا سيما رئيسة المركز هيام إسحق، ورئيسة الهيئة الأكاديمية رنا عبد الله، ورئيسة مكتب الإعداد والتدريب في المركز رانيا غصوب، للتأكد من درجة تناغم الكفايات، إضافةً إلى زيادة الساعات المخصصة للزيارات التي يقوم بها المرشدون التربويون إلى المدارس. قد تكون الأسابيع الثمانية غير كافية لبعض التلامذة، ما يمكن أن يقودنا إلى زيادة أيام التدريس يوماً واحداً لهؤلاء التلامذة حصراً، مع توفير الدعم المالي من الجهات المانحة للمعلمين الذين سينخرطون في البرنامج الإضافي.

■ لكن ماذا عن احتجاجات المديرين والمعلمين حيال إمكانية التطبيق اللوجستي لبرنامج الدعم؟

يجب أن نعترف بأن الجميع يعملون تحت وطأة ظروف قاسية، ولكن رغم ذلك من واجبنا أن نقدم تعليماً مختلفاً للتلامذة، وهناك إشارات إيجابية بدأت تظهر في الأسبوعين الأخيرين خلافاً للأسبوعين الأولين اللذين وقع فيهما المديرون والمعلمون تحت ضغط لكونها تجربة جديدة. لكنهم عادوا وأدركوا أهمية البرنامج، ولا سيما التمارين الناشطة التي وضعها «المركز التربوي» للتعليم عن طريق اللعب.

أما ما حكي عن أن المديرين فوجئوا بالبرنامج، فهذا الأمر غير صحيح، إذ نظمت جلسات «أونلاين» شاركت شخصياً في اثنين منها، وقد سُجّلت الحوارات التي دارت فيها ليعود إليها المعلمون الذين لم يتسنّ لهم الانخراط فيها. ويجب أن نذكر أن المعلمين يعملون ضمن دوامهم ووفقاً لتوجيهات واضحة.

■ أطلقتم أخيراً حملة لدعم المدرسة الرسمية. ما هو هدف الحملة؟ وما هي أوجه الدعم؟ وما هي المعايير التي على أساسها تم تحديد 164 مدرسة دون غيرها؟

حاولنا أن نشرح لمديري المدارس المنتقاة أن هدف الحملة هو استقطاب الدعم للمدرسة الرسمية من المجتمعين المحلي والدولي، وأنه ليست هناك موازنة مخصصة من الدولة لتقديم الدعم.

أما عدد المدارس، فقد اختير بحسب نسبة تواجد المدرسة الرسمية في كل محافظة، في حين أن الانتقاء جرى وفقاً لرؤية مرتكزة على وثيقة «إطار المفاهيم للمدرسة الفعالة» التي طورناها لجهة وجود إدارة مدرسية ناشطة برهنت أنها قادرة على استثمار أي فرصة أعطيت لها على أفضل وجه، إضافةً إلى مشاركة هذه المدارس الرسمية التي تتفوق على كثير من المدارس الخاصة في المشاريع التربوية، وهذه مناسبة للاحتفاء بهذه الإدارات ووضع أسمائها في الواجهة لاجتذاب المتبرعين لأسباب الجودة والتميز، ولا سيما في غياب تصنيف المدارس في لبنان على غرار ما يحدث في الإمارات مثلاً، على اعتبار أن الجهات المانحة قد تضع مواصفات لتقديم الدعم لهذه المدرسة أو تلك.

وهناك أيضاً مجموعات أخرى من المدارس يجري التحضير لها، فقد تسجلت على الأقل 30 مدرسة في المجموعة الثانية التي نعمل على دعمها، إضافة إلى الـ 164 مدرسة.

الأخبار - فاتن الحاج

The post ريما كرامي: "الحظّ" يُسيّر المدرسة الرسمية! appeared first on أخبار الساعة من لبنان والعالم بشكل مباشر | Lebanonfiles | ليبانون فايلز.

للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا