كيف يختلف نظام “HarmonyOS Next” الجديد من هواوي عن أندرويد؟
يشهد عالم أنظمة تشغيل الأجهزة المحمولة منافسة شرسة مع دخول لاعب جديد بقوة، وهو نظام (HarmonyOS Next) الجديد من هواوي، الذي يمثل قفزة نوعية مقارنة بالإصدارات السابقة، إذ يعتمد على بنية أساسية مستقلة تمامًا عن نظام أندرويد، مما يمهد الطريق أمام نظام جديد قادر على منافسة عمالقة السوق جوجل وآبل.
ولكن بما أن رحلة تطوير نظام (HarmonyOS) بدأت كنظام تشغيل مبني على نظام أندرويد، فكيف استقل عنه الآن في إصدار (HarmonyOS Next) الجديد، وما الاختلافات بينهما؟
أولًا؛ رحلة الاستقلال عن أندرويد:
بدأت رحلة HarmonyOS كنظام تشغيل مبني على نظام أندرويد، إذ كان يعتمد على الكود المصدري المفتوح لنظام أندرويد، وكذلك على نواة برمجية بنظام لينكس، وقد سهل هذا التوجه عملية انتقال هواتف هواوي من أندرويد إلى HarmonyOS، إذ تمكن المستخدمون من الاستمرار باستخدام تطبيقاتهم المفضلة بسهولة عبر تثبيت ملف بصيغة Apk.
ولكن بمرور الوقت، طورت هواوي النظام تدريجيًا حتى أصبح نظامًا مستقلًا تمامًا، يُروج له كنظام أصلي طوره مهندسو هواوي فقط، استنادًا إلى نظام (OpenHarmony) المفتوح المصدر، ولكنه يمتاز بطبيعته المغلقة نسبيًا، المشابهة لنظام iOS من آبل، فهو مصمم خصوصًا ليعمل بشكل متكامل مع أجهزة هواوي فقط، ولا يدعم التوافق مع هواتف أو أجهزة من شركات أخرى، تمامًا مثل نظام iOS، ويضم متجرًا للتطبيقات يضم حاليًا 15,000 تطبيق، ويزداد نموه باستمرار.
علاوة على ذلك؛ يأتي إصدار (HarmonyOS NEXT) بقفزة نوعية في الأداء والأمان، إذ يعتمد على نواة برمجية جديدة تفوق نواة لينكس بثلاث مرات من حيث الكفاءة، وقد صُممت هذه النواة خصوصًا لتوفر مستوى عالٍ من الحماية والأمان.
ثانيًا؛ ما الاختلافات بين نظام (HarmonyOS Next) ونظام أندرويد؟
1- بنية النظام:
تشكل البنية العمود الفقري لأي نظام تشغيل، تخيل بنية النظام وكأنها الهيكل العظمي لجسم الإنسان، فكما يؤثر الهيكل العظمي في حركة الجسم وقوته، فإن بنية النظام تؤثر كليًا في أدائه واستقراره ومرونته وقابليته للتطوير.
وقد طُور نظام أندرويد اعتمادًا على نواة (لينكس) وباستخدام (بنية متجانسة) Monolithic Architecture، مما يعني أن الوحدات الأساسية مثل: إدارة الذاكرة وبرامج تشغيل الأجهزة ودعم الشبكة مدمجة كلها داخل النواة.
ويجعل هذا التصميم نظام أندرويد قويًا ومتعددًا الاستخدامات، ولكن يجعله أيضًا عرضة لفشل النظام، لأنه إذا فشلت وحدة واحدة سيؤثر ذلك في استقرار النظام بأكمله.
بالإضافة إلى ذلك، فإن اعتماد أندرويد على نواة (لينكس) ومشروع أندرويد المفتوح المصدر (AOSP) يسمح للمطورين بإنشاء ROMs مخصصة، مما يجعل النظام مرنًا ولكنه كثيف الموارد.
في حين طورت هواوي نظام (HarmonyOS Next) استنادًا إلى (بنية النواة الدقيقة) Microkernel Architecture، مما يلغي أي اعتماد على نواة لينكس أو بينة أندرويد (AOSP)، وعلى عكس البنية الأحادية المتجانسة لنظام أندرويد فإن بنية (Microkernel) خفيفة الوزن، وتحتوي فقط على وظائف أساسية مثل: إدارة المهام وتخصيص الذاكرة، ويعمل هذا التصميم على تحسين الكفاءة والأمان، لأنه إذا حدث خطأ في جزء معين من النظام، فمن غير المرجح أن يؤثر في عمل الأجزاء الأخرى.
كما تعمل بنية (Microkernel) على تعزيز التعاون عبر الأجهزة والتكامل السلس عبر الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والأجهزة القابلة للارتداء والأجهزة المنزلية الذكية.
إليك الفرق بين بنية Monolithic و Microkernel:
بنية Monolithic | بنية Microkernel | |
التعريف | نواة كبيرة تجمع كل وظائف نظام التشغيل. | نواة صغيرة تحتوي على وظائف أساسية فقط في نظام التشغيل. |
البنية | وحدات النظام كلها مترابطة في كتلة واحدة. | تُقسم وحدات النظام إلى وحدات صغيرة مستقلة عن بعضها، وكل وحدة تقوم بمهمة محددة بدقة. |
المرونة | المرونة منخفضة، والتعديل يؤثر في النظام بأكمله. | تمتاز هذه البنية بالمرونة العالية وسهولة التعديل والتوسعة. |
الأمان | الأمان منخفض، لأن خطأ في جزء واحد سيؤثر في النظام كله. | تمتاز بالأمان العالي والقدرة على عزل الأخطاء. |
الكفاءة | قد تكون أقل كفاءة بسبب التعقيد. | عالية في المهام المحددة. |
باختصار:
- نظام أندرويد: طُور استنادًا إلى بنية قوية ومتعددة الاستخدامات، ولكنها عرضة للأخطاء وقد تكون أقل كفاءة في استخدام الموارد.
- نظام HarmonyOS Next: طُور استنادًا إلى بنية أكثر أمانًا واستقرارًا وكفاءة، ومصممة خصوصًا لتحقيق أفضل تكامل بين الأجهزة المختلفة.
لماذا هذا مهم؟
يؤدي اختلاف بنية النظام إلى اختلاف في تجربة المستخدم، فبنية HarmonyOS Next تجعل النظام يعمل بشكل أكثر سلاسة وأمانًا، وتتيح للمستخدمين الاستمتاع بتجربة أكثر استقرارًا وسلاسة عبر جميع أجهزتهم.
2- منظومة التطبيقات:
يضم نظام التشغيل أندرويد أكبر منظومة للتطبيقات في العالم، إذ يضم متجر جوجل بلاي أكثر من 3 ملايين تطبيق تغطي جميع جوانب الحياة تقريبًا، وهذا التنوع الهائل هو نتيجة لدعم مجتمع مطورين ضخم يعمل باستمرار على تطوير تطبيقات جديدة ومبتكرة.
بالإضافة إلى ذلك، تمتد منظومة تطبيقات أندرويد إلى أجهزة مختلفة، بما يشمل: الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة التلفاز الذكية والأجهزة القابلة للارتداء، مما يجعله النظام الأكثر شيوعًا في العالم.
في حين يركز نظام (HarmonyOS Next) في بناء منظومة متكاملة للتطبيقات الأصلية، والابتعاد عن التوافق مع أندرويد، فعلى عكس الإصدارات السابقة من (HarmonyOS)، لا يدعم إصدار (HarmonyOS Next) الجديد تطبيقات أندرويد، مما يدفع المطورين إلى إنشاء تطبيقات أصلية باستخدام لغة (JavaScript)، ولغة (ArkTS)، وهي لغة البرمجة الرئيسية المفضلة لتطوير التطبيقات في (HarmonyOS. eTS)، وهي مجموعة فرعية من لغة تايب سكريبت (TypeScript).
مما يعني أن التطبيقات المصممة لنظام (HarmonyOS Next) ستُطور خصوصًا له، ولا يمكن تشغيل تطبيقات أندرويد بشكل مباشر عليه، ويهدف هذا التوجه الجديد إلى تحقيق أقصى استفادة من قدرات النظام وتقديم تجربة مستخدم أكثر سلاسة وكفاءة.
ومع أن نظام (HarmonyOS Next) يحتوي حاليًا على عدد أقل بكثير من التطبيقات مقارنة بنظام أندرويد، ولكنه يضم أكثر من 15000 تطبيق أصلي تغطي مجموعة واسعة من الخدمات، وتسعى هواوي إلى جذب المزيد من المطورين إلى نظامها من خلال توفير أدوات تطوير متقدمة مثل أداة (Ark Compiler) التي تساعد في تسريع عملية تطوير التطبيقات وتحسين أدائها.
3- الانفتاح مقابل الطبيعة المغلقة:
يُعرف نظام التشغيل أندرويد بطبيعته المفتوحة المصدر، مما يسمح للمطورين بتعديل نظام التشغيل بحرية وتخصيصه ليناسب احتياجاتهم، وقد ساهم هذا الانفتاح في توفير مكتبة ضخمة من التطبيقات، وتوافق واسع النطاق مع الأجهزة، وخيارات تخصيص واسعة للمستخدمين، ومع ذلك، فإن هذا الانفتاح جعل النظام أكثر عرضة للتهديدات الأمنية، ويؤدي إلى تجارب مستخدم متباينة بين الأجهزة المختلفة بسبب التعديلات التي تقوم بها كل شركة مصنعة للهواتف.
ولكن يتبع نظام (HarmonyOS Next) نهجًا أكثر انغلاقًا، إذ تحتفظ هواوي بقدر كبير من السيطرة على النظام كما تفعل آبل مع نظامها، ويضمن هذا النهج تجربة مستخدم أكثر استقرارًا وأمانًا، مع تحديثات منتظمة وموحدة لجميع الأجهزة.
ومع ذلك، يحد هذا الانغلاق من قدرة المطورين على التعديل على النظام، مما قد يؤدي إلى منظومة تطبيقات أصغر مقارنة بنظام أندرويد. بالإضافة إلى ذلك، قد يقلل من خيارات التخصيص المتاحة للمستخدمين.
4- الأداء والكفاءة:
لطالما عُرف نظام أندرويد بمرونته وقدرته على تشغيل مجموعة واسعة من الأجهزة، بدءًا من الهواتف الذكية الاقتصادية ووصولًا إلى الأجهزة اللوحية القوية. ومع ذلك، فإن هذا التنوع الهائل في الأجهزة يطرح تحديات كبيرة، إذ قد يؤدي إلى اختلافات كبيرة في الأداء بين جهاز وآخر. فالأجهزة ذات المواصفات المتواضعة غالبًا ما تعاني بطئًا في الاستجابة وتأخرًا في تنفيذ المهام، خاصة عند تشغيل تطبيقات متعددة في الخلفية، مما يؤدي إلى استهلاك البطارية بنحو أسرع.
ولكن في نظام (HarmonyOS Next) حرصت هواوي على معالجة هذه التحديات التي يواجهها نظام أندرويد، فبفضل آليات إدارة الموارد الذكية، يستطيع النظام توزيع الموارد الحسابية بنحو فعال بين مختلف المهام والتطبيقات، مما يضمن تجربة مستخدم سلسة وسريعة حتى في الأجهزة ذات المواصفات المتوسطة.
إذ تسمح تقنيات مثل: Ark Engine و Distributed Soft Bus لنظام (HarmonyOS Next) بتقديم أداءً أسرع بنسبة 30% واستهلاك طاقة أقل بنسبة 20%، مما يطيل عمر البطارية لمدة تصل إلى 56 دقيقة إضافية مقارنة بالإصدارات السابقة من (HarmonyOS).
5- التطور المستقبلي ومنظومة الأجهزة المتصلة:
تسعى كل من جوجل وهواوي في نظامي التشغيل إلى تقديم تجربة مستخدم متكاملة عبر مجموعة واسعة من الأجهزة، ولكن تختلف إستراتيجياتهما.
فقد سيطر نظام أندرويد على سوق الأجهزة المحمولة لسنوات عديدة، ويمتلك قاعدة مستخدمين ضخمة ومتنوعة، ومع ذلك، لم تكتفِ جوجل بهذا النجاح، بل تسعى إلى توسيع نطاق النظام باستمرار ليغطي مجالات أخرى مثل:
- إنترنت الأشياء: من خلال ربط الأجهزة المنزلية الذكية وتوفير تجربة موحدة للمستخدمين.
- السيارات: يعمل نظام Android Auto على تحويل شاشة السيارة إلى امتداد للهواتف الذكية، مما يتيح للمستخدمين الوصول إلى تطبيقاتهم وموسيقاهم أثناء القيادة بسلاسة.
- الأجهزة القابلة للارتداء: يدعم أندرويد مجموعة واسعة من الساعات الذكية وأجهزة تتبع اللياقة البدنية.
بالإضافة إلى ذلك، تستثمر جوجل بقوة في الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدرات نظام أندرويد، مما يجعله متعدد الاستخدامات وقابل للتكيف مع حالات الاستخدام المختلفة.
ولكن تتجاوز رؤية هواوي حدود الأجهزة المحمولة لتشمل قطاعات حيوية مثل: الأتمتة الصناعية، والنقل، وإدارة الطاقة الذكية، إذ تهدف إلى إدماج الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب نظام (HarmonyOS Next) لتوفير حلول ذكية ومتكاملة لهذه القطاعات، مما يساهم في تحسين كفاءة العمليات وتبسيط الحياة اليومية. وتضع هذه الرؤية الواعدة نظام هواوي في صدارة المنافسة في عصر إنترنت الأشياء.
الخلاصة:
يُعدّ نظام (HarmonyOS Next) تحديًا قويًا لنظام أندرويد، إذ يوفر مزايا جديدة ومبتكرة وبنية أساسية أكثر مرونة. ومع ذلك، لا يزال النظام في مرحلة النمو، ومن ثم يحتاج إلى المزيد من الوقت ليثبت نفسه كبديل جدير بالثقة. ولكن من المتوقع مع استمرار التنافس بين الشركتين أن يشهد سوق أنظمة التشغيل تطورات مثيرة في السنوات القادمة.
تم نسخ الرابط