روبوت AV1.. جسر التواصل بين الطفل المريض وصفه الدراسي
يواجه الأطفال المصابون بأمراض مزمنة تحديات كبيرة في مواكبة تعليمهم أثناء مدة المرض، فبالإضافة إلى الآلام الصحية، يعانون الشعور بالعزلة والانقطاع عن أصدقائهم وبيئة التعلم، وهذه التجربة تؤثر سلبًا في حالتهم النفسية وأدائهم الأكاديمي، ولحل هذه المشكلة، طورت شركة (No Isolation) النرويجية روبوت يُسمى (AV1)، وهو حل مبتكر يحل مكان الطفل في الفصل الدراسي، ويكون بمثابة عينيه وأذنيه وصوته، ويساعده في البقاء على اتصال مع زملائه في الفصل.
إذ يُعدّ روبوت (AV1) بمثابة جسر يربط الطفل بفصله الدراسي، فهو لا يقتصر على نقله إلى الفصل الدراسي وهو في مكانه فحسب، بل يساعده في المشاركة في النقاشات، ومشاهدة الأنشطة، والتفاعل مع زملائه، مما يخفف من شعوره بالعزلة ويضمن حصوله على الفرص التعليمية نفسها التي يحصل عليها زملاؤه.
ولكن كيف يعمل روبوت AV1 بالضبط، وما تكلفته، وما الفوائد التي يجنيها الطلاب والمعلمون من استخدامه، وما العقبات التي تحول دون انتشاره؟
كيف يعمل روبوت AV1؟
يأتي روبوت (AV1) بتصميم بسيط وأنيق يشبه لرأس وجذع الإنسان، مما يجعله صديقًا ودودًا للطلاب، ويمكنه الدوران بحرية بزاوية قدرها 360 درجة، مما يتيح للطالب استكشاف الفصل الدراسي بأكمله. كما يأتي الروبوت مزودًا بكاميرا عالية الدقة وميكروفون ومكبر صوت، مما يضمن جودة الصوت والصورة أثناء الاتصال، ويتيح ذلك للطالب أن يرى ويسمع كل ما يحدث في الفصل وكأنه موجود فيه فعليًا.
ويستطيع الطالب التحكم بالروبوت بسهولة من بُعد من خلال تطبيق مخصص في الهاتف أو الجهاز اللوحي، وكأنه يتحكم بشخصية افتراضية في لعبة فيديو، إذ يمكنه استكشاف الفصل الدراسي بزوايا مختلفة بفضل الكاميرا الدوارة.
كما يمكنه التفاعل مع زملائه ومعلميه من خلال الميكروفون ومكبر الصوت، ومن المزايا المبتكرة في هذا الروبوت إمكانية رفع اليد إلكترونيًا، إذ يظهر وميض ضوئي على رأس الروبوت لجذب انتباه المعلم، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للطالب التعبير عن مشاعره باستخدام الرموز التعبيرية التي تظهر على وجه الروبوت.
فوائد استخدام روبوت (AV1):
- الحفاظ على التواصل الاجتماعي: يساعد الروبوت في تقليل الشعور بالعزلة والوحدة الذي يعانيه الأطفال المرضى، مما يحافظ على علاقاتهم الاجتماعية ويمنعهم من الشعور بالانفصال عن أصدقائهم.
- مواكبة الدروس: يتيح هذا الرووت للطفل المريض متابعة الدروس والمشاركة في النقاشات، مما يساعده في الحفاظ على مستواه الأكاديمي وعدم التأخر في دراسته عن زملائه.
- تحسين الحالة النفسية: يساهم روبوت (AV1) في رفع معنويات الطفل المريض وزيادة ثقته بنفسه، مما يؤثر إيجابًا في حالته النفسية وسرعة شفائه.
استخدام روبوت (AV1) في المدارس:
يُستخدم روبوت (AV1) في العديد من المدارس حول العالم وخاصة في المملكة المتحدة وألمانيا، وقد أثبت فعاليته في مساعدة الأطفال المرضى على الاستمرار في تعليمهم.
وأوضحت فلورنس سالزبوري، مديرة التسويق في شركة (No Isolation)، أن روبوت (AV1) قد حقق انتشارًا واسعًا خلال السنوات الماضية، مع وجود أكثر من 3000 وحدة نشطة موزعة في 17 دولة حول العالم، وتتصدر المملكة المتحدة وألمانيا قائمة أكثر الدول استخدامًا للروبوت، إذ يتجاوز عدد الروبوتات العاملة في كل منهما ألف روبوت.
وفي المملكة المتحدة تحديدًا، يمكن للمدارس الاختيار بين استئجار الروبوت بسعر شهري يبلغ نحو 150 جنيهًا إسترلينيًا (ما يعادل 200 دولار أمريكي)، أو شراؤه لمرة واحدة بسعر يبلغ 3700 جنيه إسترليني (حوالي 4960 دولارًا أمريكيًا) مع حزمة خدمة سنوية إضافية بقيمة تبلغ 780 جنيهًا إسترلينيًا (ما يعادل 1045 دولارًا أمريكيًا).
المشكلة والحل:
شهدت المملكة المتحدة ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات غياب الطلاب عن المدارس خلال فصلي الخريف والربيع في عامي 2023 و2024، إذ تجاوزت نسبة الغياب المستمر 19%، ووصلت نسبة الغياب بسبب المرض وحده إلى 7.8%. وتفوق هذه الزيادة المقلقة بكثير معدلات الغياب المسجلة قبل جائحة (كوفيد-19)، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى إيجاد حلول مبتكرة لمواجهة تحديات التعلم من بُعد والاستمرار في العملية التعليمية حتى في ظل الظروف الصحية الصعبة.
وتجدر الإشارة إلى أن شركة (No Isolation) قد أطلقت روبوت (AV1) قبل الجائحة، لكنه أثبت فعاليته في دعم الأطفال المصابين بالتوحد بعد العودة من الجائحة، فقد أفادت بعض المدارس استخدامها لهذا الروبوت لمساعدة هؤلاء الأطفال في التكيف والتأقلم مع بيئة الفصل الدراسي، لاسيما بعد مدة الانقطاع الطويلة عن الدراسة.
كما أكدت العديد من المؤسسات التعليمية، مثل مؤسسة (Chartwell Cancer Trust) البريطانية فعالية روبوت (AV1) في دعم الأطفال المرضى، إذ تمتلك هذه المؤسسة 25 روبوتًا من طراز (AV1) لدعم الأطفال المصابين بأمراض خطيرة.
وأشار مايكل دوغلاس، مؤسس المؤسسة، إلى أن الروبوتات تمكن الأطفال من مواصلة تعليمهم حتى أثناء وجودهم في بيئات طبية صعبة مثل العناية المركزة، مما يساهم في تحسين حالتهم النفسية، وأكد أن الروبوتات تحظى بشعبية كبيرة لدى الأطفال وأولياء أمورهم، وتساعدهم في الشعور بأنهم جزء لا يتجزأ من مجتمعهم الدراسي.
التحديات والتطورات:
لقد أظهرت دراسة حديثة – فحصت استخدام روبوت (AV1) في ألمانيا، وروبوت (OriHime) المنافس في اليابان – مدى فعالية هذه الروبوتات في الحفاظ على التواصل الاجتماعي والتعليمي للأطفال الذين يعانون أمراض مزمنة.
ومع ذلك يواجه استخدام هذه الروبوتات في المدارس العديد من التحديات، فبعض المدارس قد تواجه صعوبات في توفير البنية التحتية التقنية اللازمة لتشغيل الروبوت بفعالية، كما أن هناك حاجة إلى توفير تدريب كافٍ للمعلمين والطلاب على كيفية استخدام الروبوت.
ولتجاوز هذه التحديات، تعمل شركة (No Isolation) المصنعة للروبوت على تطوير برامج تدريبية وتقديم الدعم التقني للمدارس، كما تعمل على تطوير أجيال جديدة من الروبوت تتمتع بمزايا أكثر تطورًا وسهولة في الاستخدام.
الخلاصة:
يُعدّ روبوت AV1 ثورة في مجال التعليم، إذ يوفر حلًا مبتكرًا لتحديات التعليم من بُعد للأطفال المرضى، ومع استمرار التطور التكنولوجي، يمكننا توقع المزيد من الابتكارات في هذا المجال، مما يفتح آفاقًا جديدة لتحسين جودة التعليم وتوفير فرص تعليمية متساوية للجميع.
تم نسخ الرابط