فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: ضغطٌ آخر أضافه طوفان الأقصى على الاحتلال في الساحة الدولية، ليست المظاهرات الشعبية الرافضة للإبادة الجماعية، ولا انهيار "إسرائيل" كفكرة عالميًا فحسب، بل أيضًا الملاحقة القضائية لكل جندي إسرائيلي متهم بارتكاب الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
آخر هذه الملاحقات، كان ما حصل في البرازيل، حين أصدرت السلطات القضائية في البرازيل أمرا عاجلا للشرطة بتوقيف جندي إسرائيلي والتحقيق معه بتهم تتعلق بارتكابه جرائم في غزة، وبناء على شكوى جنائية تقدمت بها مؤسسة حقوقية، قبل أن تكشف القناة 12 العبرية أن الجندي من جيش الاحتلال المطلوب للتحقيق في البرازيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب، تمكن في ساعات الليل من الهروب إلى دولة أخرى، أتبعهاإعلان وزير خارجية الاحتلال، جدعون ساعر أن وزارة الخارجية ساعدت الجندي في الهروب.
ويعود إصدار هذا الأمر القضائي إلى المحكمة الفدرالية بالبرازيل بعد موافقة المدعي العام الاتحادي، وبناء على الشكوى الجنائية التي تقدمت بها مؤسسة "هند رجب" قبل أسبوع ضد المشتبه فيه الإسرائيلي، والذي يوجد حاليا بالبرازيل في إجازة من أجل السياحة.
وأكدت مؤسسة «هند رجب» في الشكوى التي تقدمت بها للسلطات البرازيلية، والتي تضم أكثر من 500 صفحة، أن لديها أدلة على الأفعال التي ارتكبها الجندي الإسرائيلي، جمعتها من خلال معلومات من مصادر مفتوحة.
وتتهم الشكوى المشتبه فيه بـ"المشاركة في هدم أحياء مدنية كاملة في غزة خلال حملة ممنهجة، وهذه الأفعال جزء من جهد أوسع لفرض ظروف معيشية غير محتملة للمدنيين الفلسطينيين، كما تشكل إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي".
وتتضمن الأدلة التي تم تقديمها مقاطع فيديو وبيانات تحديد الموقع الجغرافي وصورا تظهر المشتبه فيه شخصيا يزرع متفجرات ويشارك في تدمير أحياء كاملة، و"هذه المواد تثبت دون شك تورط المشتبه فيه مباشرة في هذه الأفعال الشنيعة" حسب بيان صادر عن مؤسسة "هند رجب".
ويعد هذا التحرك البرازيلي تطورا قانونيا كبيرا على طريق ملاحقة الجنود الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العدوان الذي تشنه إسرائيل على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وراح ضحيته نحو 46 ألف شهيد و109 آلاف مصاب، فضلا عن أعداد لا تحصى من المفقودين تحت ركام منازلهم، حسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة.
مزيدًا من الزيت على الجبهة الداخلية المتشرذمة
أثار فتح قضية ضد جندي من جيش الاحتلال في البرازيل بسبب ارتكابه جرائم حرب في غزة تفاعلاً وانتقادات إسرائيلية، فقررت لجنة الخارجية والأمن في "الكنيست" عقد اجتماع اليوم لبحث حماية الجنود من الملاحقة القضائية في العالم.
أما أمهات جنود في جيش الاحتلال وجهوا رسالة لنتنياهو وهاليفي بعد محاكمة جندي إسرائيلي في البرازيل، قالوا فيها "حذرنا مرارا من خطر المحاكم الدولية الذي يهدد الجنود لكن الحكومة لم تفعل ما يكفي لحمايتهم، قادة في الاحتياط حذروا من اعتقال الجنود خارج إسرائيل خاصة مع تضرر استقلالية نظامنا القضائي".
على منصات التواصل الاجتماعي، تحديدًا منصة إكس، كان الجدال محتدمًا بين زعيم المعارضة في دولة الاحتلال يائير لابيد، ووزير خارجية الاحتلال جدعون ساعر، بعدما اتهم الأول حكومة نتنياهو بالمسؤولية عن ملاحقة الجنود وقال إن الفلسطينيين أصبح وضعهم أفضل دولياً مقارنة بـ"إسرائيل" وإن هروب جندي إسرائيلي من البرازيل في جنح الليل لتجنب القبض عليه لأنه قاتل بغزة هو فشل سياسي هائل لحكومة غير مسؤولة.
فرد عليه ساعر، في تغريدة أخرى قال فيها إن "لابيد الكذاب يعرف جيداً أن مثل هذه الحالات حدثت أيضاً خلال فترة ولايته كوزير للخارجية ورئيس للحكومة، صحيح أنه ليس بهذه الشدة، لأنه لم تكن هناك مثل هذه الحرب ولم نواجه حراكات ضدنا بهذا الحجم سابقًا. "
وأضاف ساعر: " لابيد غير الأمين وغير المسؤول يعرف جيداً أن قرار الحكومة بمعالجة مثل هذه الحالات قد اتخذ قبل أكثر من 15 عاماً. "
وتابع: يتساءل رئيس المعارضة "كيف وصلنا إلى النقطة التي أصبح فيها الفلسطينيون أفضل من الحكومة الإسرائيلية على الساحة الدولية؟"، يعرف لابيد جيداً أنه على مدى عقود (خلال كل الحكومات) في كل تصويت في أي منتدى دولي كانت هناك أغلبية تلقائية للفلسطينيين ضد "إسرائيل".
واستكمل في تغريدته مهاجمًا لابيد: "سيكتب رئيس المعارضة شيئا عن البرازيل، التي اتهم رئيسها المعادي للسامية لولا "إسرائيل"، في بداية الحرب، بارتكاب إبادة جماعية وادعى أن تصرفات الجيش الإسرائيلي تشبه تصرفات النازيين، ولابيد ليس لديه ما يقوله حول هذا الموضوع، بل لابيد مهاجمة الحكومة الإسرائيلية واتهامها بكل خطوة معادية للسامية يقوم بها "أعداؤنا"، بينما تواجه "إسرائيل" أصعب معركة في تاريخها، أمنية وسياسية."
تغطية صحفية: جندي من جيش الاحتلال يفجر مبان سكنية في غزة احتفالاً بانتهاء خدمته العسكرية قبل أن ينتقل للعيش في أميركا. pic.twitter.com/rzAiGc0kyi
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) July 17, 2024
تحذيرات إسرائيلية
وطالبت وزارة الخارجية في دولة الاحتلال تطلب من المستوطنين عدم النشر عن "خدمتهم العسكرية" على مواقع التواصل الاجتماعي لمنع استغلالها من قبل "الجهات المعادية لإسرائيل" في العالم في تحريك دعاوى قضائية ضدهم.
وأشارت صحيفة "هآرتس" العبرية إلى أنه و"في المنظومة الأمنية يستعدون لدعم الجنود الذين قد يتعرضون للاعتقال بالخارج، بالتعاون مع مكاتب محاماة محلية لتوفير المساعدة الفورية، وتم تحذير بعض المسافرين من خطر الاعتقال، لكن معظمهم واصلوا السفر دون مشاكل، ويُطلب من الجنود النظاميين الحصول على موافقة مسبقة على وجهات سفرهم، بينما يُعرب الادعاء العسكري عن قلقه بشأن نقص الإشراف على جنود الاحتياط"
وكان جيش الاحتلال قد حذّر الجنود الذين خدموا في غزة من السفر دون تقييم المخاطر، خاصةً بعد تقديم شكاوى جنائية ضد نحو 30 جنديًا.
وأشار الجيش إلى أنه يجري تقييمًا للمخاطر قبل الموافقة على طلبات السفر، وحثّ جنود الاحتياط على مراجعة وزارة الخارجية بشأن مستوى المخاطر في الدول التي يرغبون في زيارتها.
إفساد الإجازة على جنود الاحتلال
تكررت خلال الشهور الماضية هروب جنود من جيش الاحتلال خلال سفرهم لدول مختلفة بعد نشر منظمات مؤيدة لفلسطين معلومات عن الجرائم التي ارتكبوها في غزة، وعلى رأسها مؤسسة هند رجب، حيث لفتت القناة 12 العبرية إلى حالة القلق التي خلفتها تلك الخطوة بين صفوف جيش الاحتلال من تصاعد تلك الخطوات التي تلاحق جنوده.
وذكرت القناة 12 في ديسمبر/كانون الأول الماضي أن سلطات الاحتلال اتصلت بالجندي بشكل عاجل وطالبته بمغادرة سريلانكا فورًا لتجنب الاعتقال، وعلق جيش الاحتلال على الواقعة في تصريحات نقلتها “تايمز أوف إسرائيل”: "نستخدم كل الوسائل المتاحة لحماية أفراده في الداخل والخارج"، وكانت مؤسسة «هند رجب» قد اتهمت فرينبوك بالتورط في قتل فلسطينيين خلال العمليات العسكرية في غزة.
وتمكنت المؤسسة من مطابقة صورة نشرها الجندي، الذي لا يزال في الخدمة العسكرية الفعلية، على وسائل التواصل الاجتماعي مع صورة أخرى له خلال خدمته العسكرية في غزة، وأبلغت المؤسسة السلطات السريلانكية مطالبةً باعتقاله، كما قدمت شكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية (ICC) وأخطرت الإنتربول بشأن الجندي، قائلةً إنه «متورط في جرائم حرب ويداه ملطختان بالدماء".
ووفقًا للتقارير، فقد نشر فرينبوك مقطع فيديو على حسابه في “إنستغرام” في 9 أغسطس/آب 2024 يظهر فيه جثة مدني فلسطيني قُتل خلال العمليات العسكرية، بينما كان فرينبوك يضحك مع جندي آخر يلقبه بـ«المدمر».
وذكر التقرير آنذاك أن هذه الحادثة ليست الأولى، حيث واجه جنود إسرائيليون سابقًا تهديدات بالاعتقال خلال سفرهم إلى الخارج، بما في ذلك حادثة مماثلة في قبرص في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، حين كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" أن ضابطا بجيش الاحتلال الإسرائيلي اضطر للهروب من قبرص، حيث كان في رحلة سياحية برفقة زوجته، تجنبا لـ"مطاردة قانونية"، وفق ما أوردته الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هروب الضابط إليشا ليفمان جاء بعد نشر مؤسسة "هند رجب" البلجيكية مقاطع مصورة له وهو يقاتل في قطاع غزة، ويقول في أحدها "لن نتوقف حتى نحرق غزة كلها"، وفقد تلقى الضابط اتصالا عاجلا من وزارة خارجية الاحتلال التي اجتمعت مع وزارة العدل، وقررت أن على الضابط مغادرة قبرص فورا قبل أن يلاحق بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.
وجاء في موقع مؤسسة "هند رجب" أن الشكوى التي قُدمت من طرف المنظمة الحقوقية تشمل تصوير الضابط ليفمان وهو يشعل النار في ممتلكات مدنية، كما شُوهد وهو يشير إلى منازل مدنية مدمرة في غزة، ويتحدث عن تهجير الفلسطينيين بالقوة وتشجيع الاستيطان، كما أشارت المؤسسة إلى منشورات الضابط الإسرائيلي في وسائل التواصل الاجتماعي أثناء زيارته لقبرص، إذ قام بالتحريض على العنف ضد مطعم لبناني.
هند تلاحقهم بعد استشهادها
أنشأت مؤسسة "هند رجب" تكريما لذكرى الطفلة هند رجب (6 سنوات) التي قتلها الاحتلال الإسرائيلي مع جميع أفراد أسرتها في حي تل الهوى (جنوب غربي قطاع غزة) في يناير/كانون الثاني 2024، عندما كانوا يحاولون النجاة بأنفسهم من القصف.
وتهدف هذه المؤسسة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين، بما في ذلك المتواطئون والمحرضون على العنف ضد الفلسطينيين، وذلك عبر الدعاوى القضائية في كل من المحاكم الدولية والوطنية، حسب موقع المؤسسة على الإنترنت.
وتقدمت مؤسسة هند رجب التابعة لحركة 30 مارس، والتي أسست في أعقاب بدء الحرب في قطاع غزة، بشكوى ضد ألف جندي إسرائيلي، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية في القطاع إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وتقول المؤسسة على موقعها الرسمي بأن الشكوى التي تم تقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا، مقدمة بأسماء المتهمين الألف ومدعومة بالأدلة والبراهين التي تم التحقق منها، وتثبت مشاركتهم بشكل فعال ودوري في ارتكاب جرائم حرب خلال الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ أكثر من عام.
وجاء في البيان الصحفي المنشور على الموقع المؤسسة، 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، بأن المؤسسة قدمت أكثر من 8 آلاف دليل لا ريب فيه إلى المحكمة، تشمل مقاطع فيديو ومقاطع صوتية وتقارير أطباء شرعيين ووثائق أخرى، تظهر التورط المباشر للألف جندي في عدة جرائم حرب وإبادة ارتكبوها في قطاع غزة.
وتشمل التهم الموجه إلى الجنود الألف، تدمير البنية التحتية لقطاع غزة، حيث استهدفت منازل المدنيين والمدارس والمستشفيات، أيضا تهمة المشاركة في حصار القطاع ومنع دخول المساعدات الإغاثية والمياه والغذاء، وكذلك استخدام تكتيك حربي غير إنساني باستهداف مخيمات النازحين وتجويع الأسر المشردة.
وتقول مؤسسة هند رجب أن من بين المتهمين ضباط ومسؤولين ذوي رتب كبيرة في جيش الاحتلال، متهمين بتخطيط وتنفيذ والاشراف على الجرائم التي ارتكبت في حق أهالي القطاع منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والجنود إسرائيليين الذين تفاخروا بما فعلوا خلال خدمتهم العسكرية في قطاع غزة، وقاموا بتوثيقة بالصوت والصورة، ومشاركته على مواقع التواصل الاجتماعي، تم شملهم في الشكوى المقدمة إلى المحكمة الجنائية.
أيضا عدد من الجنود حاملي الجنسيات المزدوجة في قائمة المتهمين، 12 حاملي الجنسية الفرنسية، و12 من الولايات المتحدة، و4 من كندا و3 من المملكة المتحدة و2 من هولندا، وهؤلاء قد يواجهوا محاكمات في دولهم إن كانت ستحاسبهم على ما اقترفوه في قطاع غزة تحت خدمة جيش الاحتلال.
للمزيد من التفاصيل: إضغط هنا